الحلقة الأولى :تعريف الصحبة ،،، ما تثبت به الصحبة
الصحابة
هم أصحاب رسول الإسلام محمد بن عبد الله والذين لقوه مؤمنين وماتوا على
دين الإسلام. والصحبة في اللغة هي الملازمة والمرافقة والمعاشرة. رافق
أصحاب محمد محمدا في أغلب فترات حياته بعد الدعوة، وساعدوه على إيصال رسالة
الإسلام ودافعوا عنه في مرات عدة. وبعد وفاة الرسول محمد قام الصحابة
بتولي الخلافة في الفترة التي عرفت بعهد الخلفاء الراشدين، وتلاهم صحابي
أموي واحد هو معاوية بن أبي سفيان. وتفرق الصحابة في الأمصار لنشر العلم
والجهاد وفتح المدن والدول. وقاد الصحابة العديد من المعارك الإسلامية في
بلاد الشام وفارس ومصر.
ما تثبت به الصحبة
أختلف أهل العلم فيما تثبت به الصحبة، وفي مستحق أسم الصحبة، فقال بعضهم:
«إن الصحابي من لقي رسول الإسلام مؤمنا به، ومات على الإسلام» وقال ابن حجر العسقلاني: «هذا أصح ما وقفت عليه في ذلك».
فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته للنبي محمد ومن قصرت ومن روى عنه ومن لم
يرو عنه ومن غزا معه ومن لم يغز معه ومن رآه رؤية ولو من بعيد ومن لم يره
لعارض كالعمى.
ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا وإن أسلم فيما بعد، إن لم يجتمع به مرة أخرى بعد الإيمان.
كما يخرج بقيد الموت على الإيمان من ارتد عن الإسلام بعد صحبة رسول
الإسلام ومات على الردة فلا يعد صحابيا. ومن بعض أهل العلم من اشترط
التمييز ومنهم من لم يشترطه.
وقال البعض: «لا يستحق اسم الصحبة ولا يعد في الصحابة إلا من أقام مع
رسول الإسلام سنة فصاعدا أو غزا معه غزوة فصاعدا»، حكي هذا عن سعيد بن
المسيب
وقيل يشترط في صحة الصحبة طول الاجتماع والرواية عنه معا وقيل: يشترط
أحدهما، وقيل: يشترط الغزو معه، أو مضي سنة على الاجتماع، وقال أصحاب
هذا القول: «لأن لصحبة رسول الإسلام شرفا عظيما لا ينال إلا باجتماع طويل
يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزو المشتمل على السفر الذي هو
قطعة من العذاب، والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي يختلف فيها
المزاج»
طرق إثبات الصحبة
منها :
التواتر بأنه صحابي
ثم الاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر
ثم بأن يـروى عـن أحـد من الصحابـة أن فلانا له صحبـة ، أو عن أحد التابعين بناء على قبول التزكية عن واحد
ثم بأن يقول هو إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة : أنا صحابي أما الشرط
الأول : وهو العدالة فجزم به الآمدي وغيره ، لأن قوله : أنا صحابي ،
قبل ثبوت عدالته يلزم من قبول قوله : إثبات عدالته , لأن الصحابة كلهم
عدول فيصير بمنزلة قول القائل : أنا عدل(وذلك لا يقبل)
وأما الشرط الثاني : وهو المعاصرة فيعتبر بمضي مائة سنة وعشر سنين من
هجرة رسول الإسلام لقوله في آخر عمره لأصحابه :( أرأيتكم ليلتكم هذه ؟
فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد ) وزاد مسلم
من حديث جابر :( أن ذلك كان قبل موته بشهر )
وفي "الكفاية في علم الرواية" للحافظ أبو بكر البغدادي في باب القول في معنى وصف الصحابي انه صحابي والطريق إلى معرفة كونه صحابيا
...عن الواقدي محمد بن عمر قال أخبرني طلحة بن محمد بن سعيد بن المسيب عن
أبيه قال كان سعيد بن المسيب يقول الصحابة لا نعدهم الا من أقام مع رسول
الإسلام سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين قال بن عمرو رأيت أهل العلم
يقولون كل من رأى رسول الإسلام وقد أدرك الحلم وأسلم وعقل أمر الدين ورضيه
فهو عندنا ممن صحب رسول الإسلام ولو ساعة من نهار ولكن اصحابه على طبقاتهم
وتقدمهم في الإسلام...
... سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وذكر من أصحاب رسول الإسلام أهل بدر
فقال ثم أفضل الناس بعد هؤلاء أصحاب رسول الإسلام القرن الذي بعث فيهم كل
من صحبه سنة أو شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه فهو من اصحابه له من الصحبة
على قدر ما صحبه وكانت سابقته معه وسمع منه ونظر اليه...
... قال محمد بن إسماعيل البخاري ومن صحب رسول الإسلام أو رآه من المسلمين
فهو من اصحابه حدثني محمد بن عبيد الله المالكي انه قرأ على القاضى أبى بكر
محمد بن الطيب قال لا خلاف بين أهل اللغة في ان القول صحابي مشتق من
الصحبة وانه ليس بمشتق من قدر منها مخصوص بل هو جار على كل من صحب غيره
قليلا كان أو كثيرا كما ان القول مكلم ومخاطب وضارب مشتق من المكالمة
والمخاطبة والضرب وجار على كل من وقع منه ذلك قليلا كان أو كثيرا وكذلك
جميع الأسماء المشتقة من الأفعال وكذلك يقال صحبت فلانا حولا ودهرا وسنة
وشهرا ويوما وساعة فيوقع اسم المصاحبة بقليل ما يقع منها وكثيره وذلك يوجب
في حكم اللغة اجراء هذا على من صحب رسول الإسلام ولو ساعة من نهار هذا هو
الأصل في اشتقاق الاسم ومع ذلك فقد تقرر للامة عرف في انهم لا يستعملون هذه
التسمية الا فيمن كثرت صحبته واتصل لقاؤه ولا يجرون ذلك على من لقى المرء
ساعة ومشى معه خطى وسمع منه حديثا