شبكة ومنتديات صانع المعروف |
نرحب بالعضوة الجديدة الاخت حلـآي غير يا هلا ومرحبا
اعوذ بالله
من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه
سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا
الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ
أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ
بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه
حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ}
|
المواضيع الأخيرة | » الأحاديث الضعيفة من طرف حلا السعودية الخميس أبريل 21, 2022 11:37 am
» ألوااان الدنيا من طرف حلا السعودية الخميس أبريل 21, 2022 11:34 am
» مسبح وهمي من طرف صانع المعروف الجمعة أغسطس 11, 2017 4:45 pm
» حصريا // جميع حلقات سري للغاية من طرف samha الجمعة سبتمبر 09, 2011 9:54 pm
» كل عام وأنتم بخير من طرف الإدارة الخميس أغسطس 25, 2011 4:43 pm
» إنتقالات الدوري السعودي لعام 2011 من طرف حلا السعودية الخميس أغسطس 25, 2011 11:42 am
» إليك حبيبتي من طرف أمير الحب الخميس أغسطس 25, 2011 10:06 am
» أنثى !!! من طرف عابد الأربعاء أغسطس 24, 2011 1:23 pm
» المغرب الفاسي يعود بنقطة ثمينة من الكونجو من طرف الإدارة الثلاثاء أغسطس 23, 2011 9:20 am
» أسباب بسيطة قد تدمر الحياة الزوجية وقد تحييها وتنعشها ,,,, من طرف الإدارة الثلاثاء أغسطس 23, 2011 8:40 am
|
احصائيات | هذا المنتدى يتوفر على 20 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو فتو فتو فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 2343 مساهمة في هذا المنتدى في 416 موضوع
|
|
| الخروج على الحاكم و أقوال العلماء | |
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
صانع المعروف
عدد المساهمات : 179 نقاط : 24822 تاريخ التسجيل : 25/06/2011
| موضوع: الخروج على الحاكم و أقوال العلماء السبت يوليو 30, 2011 7:51 am | |
|
[size=25]المــعـــــــــــــــــــــــلـــوم
من واجـــــــب العـــــــــلاقة بيـــــــن
الحــــاكــــــــــم و الـمـحـــــــــــكــــــوم
تـــــــــألــيــــــــــــــــــف
سماحة الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية
إعــــــــــــــــــــــــــــــداد
أبي عبد الله بن إبراهيم آل بلطيح الوايلي
المقدّمة
******
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. و بعد :
فهذه مجموعة من الأسئلة طرحت على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – حفظه الله – المفتي العام بالمملكة العربية السعودية .
و لنا مزيد من الشرف في جمعها و تدوينها ثم نشرها رجاء أن ينفع بها الله قارئها و سامعها و أن يجزي الله من قام و تكفل بطبعها خير الثواب و الجزاء ، و كان ختام هذه الأسئلة نتفاً من كلام سلف الأمة و مصلحيها حول هذا ، و المؤمن الحق أن يكون ضالته الكتاب و السنّة الصحيحة ، فإن كان حلالاً عمل به و إن خالف قول فلان من الناس ، و إن كان حراماً تركه و إن خالف قول فلان من الناس كائناً من كان .
و لله در الشاعر حين قال :
دَعُوا كلَّ قول ٍ عند قول محمد ٍ *** فما آمنٌ في دينه كمخاطر ِ
و مثله قول أبي بكر بن داود حين قال :
و دَعْ عنك آراء الرجال و قولَهم *** فقولُ رسول الله أزكى و أشرحُ
نسأل الله أن يجزي علماءنا خير الجزاء و أن ينفع بهذا الجهد و الله أعلم و صلى الله و بارك على محمد و آله و صحبه و سلم .
******* سؤال (1) : سماحة الشيخ هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي و الكبائر موجب للخروج عليهم و محاولة التغيير و إن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد ، و الأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة فما رأي سماحتكم ؟ الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على رسول الله و على آله و أصحابه و من اهتدى بهداه . أما بعد :
فقد قال الله عز و جل :
" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلاً "
/ سورة النساء ، الآية : 59 /
فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر و هم الأمراء و العلماء ، و قد جاءت السنّة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم تبين أن هذه الطاعة لازمة و هي فريضة في المعروف .
و النصوص من السنّة تبين المعنى ، و تفيد الآية بأن المراد طاعتهم بالمعروف ، فيجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي ، فإذا أمروا بالمعصية فلا يُطاعون في المعصية لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها لقوله صلى الله عليه و سلم :
" ألا مَنْ وَلِيَ عليه وال ٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله و لا ينزعنَّ يداً من طاعة "
/ أخرجه مسلم ( 1855 ) ، و أحمد : ( 6/24 ، 28 ) ، و غيرهم من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه . و أوله : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ..... " . /
" و من خرج من الطاعة و فارق الجماعة فمات ، مات ميتة جاهلية "
/ أخرجه مسلم : ( 1848 ) ، و أحمد : ( 2/296 ) ، و غيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . /
و قال صلى الله عليه و سلم :
" على المرء السمع و الطاعة فيما أحب و كره ، إلا أن يُؤمَر بمعصية ، فإن أُمِرَ بمعصية فلا سمع و لا طاعة " .
/ أخرجه مسلم : ( 1839 ) ، و النسائي : ( 7/160 ) ، و غيره من حديث ابن عمر رضي الله عنه . /
و سأله الصحابي – لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم و تنكرون – قالوا :
" فما تأمرنا ؟ "
قال : " أدُّوا إليهم حقَّهم و سلوا الله حقّكم "
/ متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه /
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه :
" بايعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على السمع و الطاعة في منشطنا و مكرهنا و عسرنا و يسرنا و أثرة علينا و أن لا ننازع الأمر أهله " ، و قال :
" إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان "
بواحاً : أي ظاهراً مكشوفاً .
/ أخرجه مسلم : ( 1709 ) ، و النسائي : ( 2/180 ) ، و ابن أبي عاصم و غيره . /
فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور و لا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان ، و ما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يُسَبِّبُ فساداً كبيراً و شراً عظيماً فيختل به الأمن ، و تضيع الحقوق و لا يتيسر ردع الظالم و لا نصر المظلوم ، و تختل السبل و لا تأمن ، فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم و شر كثير ، إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان ، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة ، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا ، أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة ، و القاعدة الشرعية المجمع عليها ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ) و أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين ، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً و عندها قدرة تزيله بها و تضع إماماً صالحاً طيّباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين و شر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس ، أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير و اختلال الأمن و ظلم الناس ، و اغتيال من لا يستحق الاغتيال إلى غير هذا من الفساد العظيم ، فهذا لا يجوز بل يجب الصبر و السمع و الطاعة في المعروف و مناصحة ولاة الأمور و الدعوة لهم بالخير ، و الاجتهاد في تخفيف الشر و تقليله و تكثير الخير ، هذا هو الطريق السويّ الذي يجب أن يسلك ، لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة ، و لأن في ذلك حفظ الأمن و سلامة المسلمين من شر أكثر ، نسأل الله التوفيق و الهداية للجميع .
*** سؤال (2) : سماحة الوالد : نعلم أن هذا الكلام أصل من أصول السنّة و الجماعة و لكن هناك " للأسف " من أبناء أهل السنّة و الجماعة من يرى هذا فكراً انهزامياً و فيه شيء من التخاذل و قد قيل هذا الكلام ... لذلك يَدْعُون الشباب إلى تبنّي العنف في التغيير ؟
جواب : هذا غلط من قائِلِهِ و قلّة فهم ؛ لأنهم ما فهموا السنّة و لا عرفوها كما ينبغي ، و إنما تحملهم الحماسة و الغيرة لإزالة المنكر على أن يقعوا في ما يخالف الشرع كما وقعت الخوارج و المعتزلة ، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق ، حملهم ذلك على أن وقعوا في الباطل حتى كفَّروا المسلمين بالمعاصي ، أو خلَّدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة . فالخوارج كفَّروا بالمعاصي و خلَّدوا العصاة في النار ، و المعتزلة وافقوهم في العاقبة و أنهم في النار مخلدون فيها و لكن قالوا : إنهم في الدنيا في منزلة بين المنزلتين ، و كله ضلال ، و الذي عليه أهل السنّة هو الحق أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلّها . فإذا زنا لا يكفر ، و إذا سرق لا يكفر ، و إذا شرب الخمر لا يكفر ، و لكن يكون عاصياً ضعيف الإيمان فاسقاً تُقام عليه الحدود و لا يكفر بذلك إلا إذا استحلّ المعصية و قال إنها حلال ، و ما قاله الخوارج في هذا باطل ، و تكفيرهم للناس باطل ، و لهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه و سلم :
" إنهم يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون فيه "
/ بعض حديث أخرجه البخاري و مسلم و غيرهما من حديث أبي ذر رضي الله عنه مع اختلاف في لفظه /
فهم يقاتلون أهل الإسلام و يَدَعُون أهل الأوثان ! هذه حال الخوارج بسبب غلوّهم و جهلهم و ضلالهم ، فلا يليق بالشباب و لا غير الشباب أن يقلّدوا الخوارج و المعتزلة ، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنّة و الجماعة على مقتضى الأدلّة الشرعية فيقفون مع النصوص كما جاءت ، و ليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص ٍ وقعت منه ، بل عليهم المناصحة بالمكاتبة و المشافهة ، بالطرق الطيبة الحكيمة ، بالجدال بالتي هي أحسن حتى ينجحوا و حتى يقلّ الشر أو يزول و يكثر الخير . هكذا جاءت النصوص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و الله عز و جل يقول :
" فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك "
/ سورة آل عمران ، الآية : 159 /
فالواجب على الغيور لله و على دعاة الهدى أن يلتزموا بحدود الشرع و أن يُناصِحوا من ولاهم الله الأمور بالكلام الطيب و الحكمة و الأسلوب الحسن حتى يكثر الخير و يقلّ الشر ، و حتى يكثر الدعاة إلى الله و حتى ينشطوا في دعوتهم بالتي هي أحسن لا بالعنف و الشدّة ، و يناصحوا من ولاهم الله بشتى الطرق الطيبة السليمة مع الدعاء لهم في ظهر الغيب أن الله يهديهم و يوفقهم و يعينهم على الخير و أن الله يعينهم على ترك المعاصي التي يفعلوها و على إقامة الحق بالأسلوب الحسن بالتي هي أحسن ، و هكذا مع إخوانه الغيورين ينصحهم و يعظهم و يذكّرهم حتى ينشطوا في الدعوة بالتي هي أحسن لا بالعنف و الشدة و بهذا يهدي الله ولاة الأمور للخير و الاستقامة عليه و تكون العاقبة حميدة للجميع .
***** ** يتبع **
[/size]
عدل سابقا من قبل صانع المعروف في السبت يوليو 30, 2011 7:53 am عدل 1 مرات |
| | | صانع المعروف
عدد المساهمات : 179 نقاط : 24822 تاريخ التسجيل : 25/06/2011
| موضوع: رد: الخروج على الحاكم و أقوال العلماء السبت يوليو 30, 2011 7:52 am | |
| سؤال (3) : لو افترضنا أن هناك خروجاً شرعياً لدى جماعة أو جماعات ، هل هذا يبرّر القتل من أعوان هذا الحاكم و كل من يعمل في حكومته مثل الشرطة و الأمن و غيرهم ؟ جواب : سبق أن أخبرتك أنه لا يجوز الخروج على السلطان إلا بشرطين : أحدهما : وجود كفر ٍ بواح ٍ عندهم من الله فيه برهان . و الشرط الثاني : القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر ، و بدون ذلك لا يجوز .
****** سؤال (4) : يظن البعض من الشباب أن مجافاة الكفار ممن هم مستوطنون في البلاد الإسلامية أو من الوافدين من الشرع ، و لذلك البعض يستحلّ قتلهم و سلبهم إذا رأوا منهم ما ينكرون ؟ جواب : لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمناً و لا قتل العصاة و لا التعدّي عليهم بل يحالون للحكم الشرعي . هذه مسائل يُحكم فيها بالحكم الشرعي .
******** سؤال (5) : و إذا ما وجدت محاكم شرعية ؟ جواب : إذا لم توجد محاكم شرعية فالنصيحة فقط ، النصيحة لولاة الأمور و توجيههم للخير و التعاون معهم حتى يحكّموا شرع الله ، أما الآمر و الناهي يمد يده أو يقتل أو يضرب فلا يجوز ، لكن يتعاون مع ولاة الأمور بالتي هي أحسن حتى يحكّموا شرع الله في عباد الله . و إلا فواجبه النصح و واجبه التوجيه إلى الخير و واجبه إنكار المنكر بالتي هي أحسن هذا هو واجبه ، قال تعالى :
" فاتقوا الله ما استطعتم "
/ سورة التغابن ، الآية : 16 /
و لأن إنكاره باليد بالقتل أو الضرب يترتب عليه شر أكثر و فساد أعظم بلا شك و لا ريب لكل من سبر هذه الأمور و عرفها .
*******
سؤال ( 6) : هل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بالذات التغيير باليد حق للجميع أم أنه حق مشروط لولي الأمر أو من يعيِّنه ولي الأمر ؟ جواب : التغيير للجميع ، و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول :
" مَنْ رأى منكراً فليغيّره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك أضعف الإيمان "
/ رواه مسلم : (49) ، و أحمد : ( 3/10 ، 20 ، 49 ، 50 ) ، و أهل السنن / لكن التغيير باليد لا بد أن يكون عن قدرة لا يترتب عليه فساد أكبر و شر أكثر ، فلْيُغيّر باليد في بيته : على أولاده على زوجته على خدمه ، أو موظف في الهيئة المختصة معطاة له صلاحيات ، يغيّر بيده ، و إلا فلا يغيّر شيئاً بيده ليس له فيه صلاحيّة ، لأنه إذا غيّر بيده يترتب ما هو أكثر شراً و يترتب بلاء كثير و شر عظيم بينه و بين الناس و بينه و بين الدولة . و لكن يغير باللسان كأن يقول : (اتق الله يا فلان هذا لا يجوز) ، ( هذا حرام عليك ) ، (هذا واجب عليك ). يبين له بالأدلة الشرعية باللسان ، أما باليد فيكون في محلّ الاستطاعة في بيته ، فيمن تحت يده ، فيمن أُذِنَ له من جهة السلطان أن يأمر بالمعروف كالهيئات التي يأمرها السلطان و يعطيها الصلاحيات يُغيّرون بقدر الصلاحيات التي أُعطوها على الوجه الشرعي الذي شرعه الله لا يزيدون عليه .
********** سؤال (7) : هناك من يرى – حفظك الله – أن له الحق في الخروج على الأنظمة العامة التي يضعها وليّ الأمر كالمرور و الجمارك و الجوازات .... الخ ، باعتبار أنها ليست على أساس شرعي فما قولكم ؟ جواب : هذا باطل و منكر ، و قد تقدّم أنه لا يجوز الخروج و لا التغيير باليد ، بل يجب السمع و الطاعة في هذه الأمور التي ليس فيها منكر ، بل نظّمها ولي الأمر لمصالح المسلمين ، يجب الخضوع لذلك و السمع و الطاعة في ذلك ، لأن هذا من المعروف الذي ينفع المسلمين ، و أما الشيء الذي هو منكر ، كضريبة يرون أنها غير جائزة ، هذه يراجع فيها ولي الأمر بالنصيحة بالدعوة إلى الله و بالتوجيه إلى الخير لا بيده يضرب هذا أو يسفك دم هذا أو يعاقب هذا بدون حجة و لا برهان ... لا ! لا بد أن يكون عنده سلطان من ولي الأمر يتصرف به حسب الأوامر التي لديه و إلا فحسبه النصيحة و التوجيه ، إلا فيمن هو تحت يده من أولاد و زوجات و نحو ذلك ممن له السلطة عليهم .
****************** سؤال ( : هل من مقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر ؟ جواب : من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر و من النصح : الدعاء له بالتوفيق و الهداية و صلاح النية و العمل و صلاح البطانة ، لأن من أسباب صلاح الوالي و من أسباب توفيق الله له أن يكون له وزيرُ صدق ٍ يعينه على الخير ، و يذكّره إذا نسي ، و يعينه إذا ذكر ، هذه من أسباب توفيق الله له . فالواجب على الرعية و على أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح و إماتة الشر و القضاء عليه . و إقامة الخير بالكلام الطيب و الأسلوب الحسن و التوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، و كل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز ، لأن المقصود من الولايات كلها تحقيق المصالح الشرعية و درء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخير و يترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته و ما هو أنكر منه لا يجوز له .
********* سؤال (9) : و من يمتنع عن الدعاء لولي الأمر ؟ جواب : هذا من جهله ، و عدم بصيرته ، الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات و من أفضل الطاعات و من النصيحة لله و لعباده ، و النبي صلى الله عليه و سلم لما قيل له أن دوساً عصت قال :
" اللهم اهد دوساً و أتِ بهم ، اللهم اهد دوساً و أتِ بهم "
/ متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه /
و دوس : قبيلة الطفيل بن عمرو و أبي هريرة رضي الله عنهم و هم بنو دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ، و الأزد من قحطان ، و بلاد دوس تقع الآن في جنوب المملكة العربية السعودية (إمارة منطقة عسير ) .
يدعو للناس بالخير و السلطان أولى من يُدعى له ، لأن صلاحه صلاح للأمة فالدعاء له من أهم الدعاء ، و من أهم النصح أن يُوَفّق للحق و أن يُعان عليه ، و أن يُصلح الله له البطانة و أن يكفيه الله شر نفسه و شر جلساء السوء ، فالدعاء له بأسباب التوفيق و الهداية و بصلاح القلب و العمل من أهم المهمات و من أفضل القربات .
*********** سؤال (10) : هل من منهج السلف نقد الولاة من فوق المنابر ؟ و ما منهج السلف في نصح الولاة ؟ جواب : ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة و ذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الفوضى و عدم السمع و الطاعة في المعروف و يفضي إلى الخوض الذي يضر و لا ينفع ، و لكنّ الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم و بين السلطان و الكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجّه إلى الخير . و إنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فيُنكَر الزنا و ينكر الخمر و ينكر الربا من دون ذكر من فعله و يكفي إنكار المعاصي و التحذير منها من غير أن يذكر فلاناً يفعلها لا حاكم و لا غير حاكم . لما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه ألا تكلّم عثمان ؟ فقال :
" إنكم ترون أني لا أكلّمه إلا أُسْمِعكم ؟ إني لأكلمه فيما بيني و بينه دون أن أفتتح أمراً لا أحب أن أكون أول من افتتحه " .
/ أخرج القصة الشيخان ، و أحمد : ( 5/206 ) و غيرهم ، من حديث : " يجاءُ بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار ... " بألفاظ ، عن أسامة بن زيد / و لما فتحوا / أي : الخوارج / الشر في زمان عثمان رضي الله عنه و أنكروا على عثمان جهرة تمّت الفتنة و القتال و الفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي و معاوية ، و قُتِلَ عثمان بأسباب ذلك ، و قُتِلَ جمعٌ كثير من الصحابة و غيرهم بأسباب الإنكار العلني ، و ذِكْر العيوب علناً حتى أبغضَ الناسُ وليّ أمرهم و قتلوه ، نسأل الله العافية . انتهى كلام الشيخ حفظه الله . و بعد هذا نذكرك – رعاك الله – بحديث عياض بن غُنْم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبْدِهِ علانية و لكن يأخذ بيده و يخلو به فإن قبل منه فذاك ، و إلا كان قد أدى الذي عليه "
/ رواه أحمد : ( 3/403 ) ، و ابن أبي عاصم : ( 2/521 ) بإسناد صحيح /
***** ** يتبع ** |
| | | صانع المعروف
عدد المساهمات : 179 نقاط : 24822 تاريخ التسجيل : 25/06/2011
| موضوع: رد: الخروج على الحاكم و أقوال العلماء السبت يوليو 30, 2011 7:54 am | |
| قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
************************* و قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في " منهاج السنّة النبوية " : ( إن الناس قد تنازعوا في ولي الأمر الفاسق و الجاهل : هل يُطاع فيما يأمر به من طاعة الله ، و ينفَّذ حكمه و قسمه إذا وافق العدل ؟ أو لا يطاع في شيء و لا ينفّذ شيء من حكمه و قسمه ؟ أو يفرق في ذلك بين الإمام الأعظم و بين القاضي و نحوه من الفروع ؟ على ثلاثة أقوال ، أضعفها عند أهل السنّة هو " رد جميع أمره و حكمه و قسمه " و أصحّها عند أهل الحديث و أئمة الفقهاء هو القول الأول و هو " أن يطاع في طاعة الله مطلقاً و ينفّذ حكمه و قسمه إذا كان فعله عدلاً مطلقاً " حتى أن القاضي الجاهل و الظالم ينفّذ حكمه بالعدل على هذا القول كما هو قول أكثر الفقهاء . و القول الثالث : هو الفرق بين الإمام الأعظم و بين غيره لأن ذلك لا يمكن عزله إذا فسق إلا بقتال و فتنة ، بخلاف الحاكم و نحوه ، فإنه يمكن عزله بدون ذلك ، و هو فرق ضعيف ، فإن الحاكم إذا ولاّه ذو الشوكة لم يمكن عزله إلا بفتنة ، و متى كان السعي في عزله مفسدة أعظم من مفسدة بقائه ، لم يجز الإتيان بأعظم الفسادين لدفع أدناهما و كذلك الإمام الأعظم . و لهذا كان المشهور من مذهب أهل السنّة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة و قتالهم بالسيف و إن كان فيهم ظلم ، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه و سلم ، لأن الفساد في القتال و الفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال و لا فتنة . فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما ، و لعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا و كان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته . و الله تعالى لم يأمر بقتال كل ظالم و كل باغ ٍ كيفما كان ، و لا أمر بقتال الباغين ابتداءً بل قال :
" و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل "
/ سورة الحجرات ، الآية : 9 /
فلم يأمر بقتال الباغية ابتداءً ، فكيف يأمر بقتال ولاة الأمر ابتداءً ؟ و في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" سيكون أمراء فتعرفون و تنكرون فمن عرف بَرِئ ، و من أنكر سلم ، و لكن من رضي و تابع "
قالوا : أفلا نقاتلهم ؟
قال : " لا ، ما صلّوا "
/ برقم : (1854 ) ، و في لفظ : " كره " بدل : " عرف " . و فسرها بقوله : ( أي من كره بقلبه و أنكر بقلبه ) / فقد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتالهم مع إخباره أنهم يأتون أموراً منكرة ، فدل على أنه لا يجوز الإنكار عليهم بالسيف كما يراه من يقاتل ولاة الأمر من الخوارج و الزيدية و المعتزلة و طائفة من الفقهاء و غيرهم . و في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إنكم سترون بعدي أثرة و أموراً تنكرونها "
قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟
قال : " تؤدون الحق الذي عليكم و تسألون الله الذي لكم "
/ البخاري : ( 7052 ) ، و مسلم : ( 1843 ) /
فقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أن الأمراء يظلمون و يفعلون أموراً منكرة و مع هذا أمرنا أن نؤتيهم الحق الذي لهم ، و نسأل الله الحق الذي لنا ، و لم يأذن في أخذ الحق بالقتال ، و لم يرخص في ترك الحق الذي لهم .
و في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً ، فمات مات ميتة جاهلية " و في لفظ : " فإنه من خرج من السلطان شبراً ، مات ميتة جاهلية " و اللفظ للبخاري .
/ البخاري ( 7054 ) ، و مسلم : ( 1849 ) / و قد تقدّم قوله صلى الله عليه و سلم لما ذكر أنهم لا يهتدون بهديه و لا يستنّون بسنّته : قال حذيفة كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟
قال : " تسمع و تطيع للأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع "
/ مسلم : ( 1847 ) ، و عند أبي داود بلفظ آخر / فهذا أمر بالطاعة مع ظلم الأمير . و قد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم :
" مَن ولي عليه وال ٍ فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ، و لا ينزعنّ يداً عن طاعة "
و هذا نهي عن الخروج عن السلطان و إن عصى . و تقدم حديث عبادة رضي الله عنه :
" بايعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على السمع و الطاعة في منشطنا و مكرهنا و عسرنا و يسرنا و أثرة علينا و أن لا ننازع الأمر أهله " ، و قال :
" إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان "
و في رواية :
" و أن نقول – أو نقوم – بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " فهذا أمر بالطاعة مع استئثار ولي الأمر ، و ذلك ظلم منه ، و نهي عن منازعة الأمر أهله ، و ذلك نهي عن الخروج عليه ، لأن أهله هم أولو الأمر الذي أمر بطاعنهم ، و هم الذين لهم سلطان يأمرون به ، و ليس المراد من يستحق أن يولَّى و لا سلطان له ، و لا المتولي العادل ؛ لأنه قد ذكر أنهم يستأثرون ، فدل على أنه نهي عن منازعة ولي الأمر و إن كان مستأثراً ، و هذا باب واسع . انتهى . و قال – رحمه الله – في السياسة الشرعية " ( ص178 ) : ( يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين ، بل لا قيام للدين إلا بها فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ، و لا بد لهم عند الاجتماع من رأس ....... ) إلى أن قال رحمه الله : ( و لأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و لا يتم ذلك إلا بقوة و إمارة و كذلك سائر ما أوجبه من " الجهاد و العدل و إقامة الحج و الجمع و الأعياد و نصر المظلوم و إقامة الحدود " لا تتم إلا بالقوة و الإمارة و لهذا رُوي / في حديث حسن عند ابن أبي عاصم : (1024 ) و غيره . من حديث أبي بكرة رضي الله عنه – و له شواهد متعددة / " إن السلطان ظلُّ الله في الأرض " و يقال : " ستون سنة من إمام جائر ً أصلح من ليلة بلا سلطان " و التجربة تبين ذلك . و لهذا كان السلف كالفضيل بن عياض و أحمد بن حنبل و غيرهما يقولون : " لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان " . إلى أن قال رحمه الله : ( فالواجب اتخاذ الإمارة ديناً و قربة يُتقرّب بها إلى الله ، فإن التقرّب إليه فيها ، بطاعته و طاعة رسوله من أفضل القربات ، و إنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرئاسة أو المال بها ) .
****** ** يتبع **
|
| | | صانع المعروف
عدد المساهمات : 179 نقاط : 24822 تاريخ التسجيل : 25/06/2011
| موضوع: رد: الخروج على الحاكم و أقوال العلماء السبت يوليو 30, 2011 7:54 am | |
| قول العلاّمة ابن القيّم رحمه الله
********************
قال العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه الفريد :
" إعلام المُوَقّعين عن رب العالمين " قال رحمه الله : ( هذا فصل عظيم النفع جداً ، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة ... ) إلى أن قال – رحمه الله – بعد أن ذكر أن الشريعة مبنية على مصالح العباد : ( النبي صلى الله عليه و سلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله و رسوله ، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه و أبغض إلى الله و رسوله فإنه لا يسوغ إنكاره ، و إن كان الله يبغضه و يمقت أهله ، و هذا كالإنكار على الملوك و الولاة بالخروج عليهم ، فإنه أساس كل شر و فتنة إلى آخر الدهر ، و قد استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم في قتال الأمراء الذين يُؤخرون الصلاة عن وقتها ، و قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ فقال :
" لا ، ما أقاموا الصلاة "
و قال :
" من رأى من أميره ما يكره فليصبر و لا ينزعنّ يداً من طاعته "
و من تأمّل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار و الصغار رآها من إضاعة هذا الأصل و عدم الصبر على منكر ، فطَلَبَ إزالته فتولّد منه ما هو أكبر منه ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يرى بمكة أكبر المنكرات و لا يستطيع تغييرها ، بل لما فتح الله مكة و صارت دار الإسلام عزم على تغيير البيت و رده على قواعد إبراهيم ، و منعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك ، لقرب عهدهم بالإسلام و كونهم حديثي عهد بكفر و لهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وجد سواء .
فإنكار المنكر أربع درجات : الأولى : أن يزول و يخلفه ضده . و الثانية : أن يقلّ و إن لم يَزُلْ بجملته . و الثالثة : أن يخلفه ما هو مثله . و الرابعة : أن يخلفه ما هو شر منه . فالدرجتان الأوليان : مشروعتان . و الثالثة : موضع اجتهاد . و الرابعة : محرمة . فإذا رأيت أهل الفجور و الفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم البصيرة إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله و رسوله كرمي النشّاب / تعليم الرماية / و سباق الخيل و نحو ذلك . و إذا رأيت الفساق قد اجتمعوا على لهو و لعب أو سماع مكاء ( و هو الصفير ) و تصدية ( و هو التصفيق بالأيدي ) فإن نقلتهم عنه إلى طاعة الله فهو المراد ، و إلا كان تركهم على ذلك خيراً من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك فكان ما هم فيه شاغلاً لهم عن ذلك ، و كما إذا كان الرجل مشتغلاً بكتب المجون و نحوها و خفت من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع و الضلال و السحر فدعه و كتبه الأولى ، و هذا باب واسع ، و سمعت شيخ الإسلام – قدس الله روحه و نوّر ضريحه – يقول : " مررت أنا و بعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر ، فأنكر عليهم من كان معي ، فأنكرت عليه ، و قلت له : إنما حرّم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله و عن الصلاة و هؤلاء يصدّهم الخمر عن قتل النفوس و سبي الذرية و أخذ الأموال فدعهم "
/ إعلام الموقعين " : ( 3/14 ) و قال رحمه الله : ( الفعل أو القول المفضي إلى المفسدة قسمان : أحدهما : أن يكون وضعُه للإفضاء إليها كشرب المسكر المفضي إلى مفسدة السُّكر ، و كالقذف المفضي إلى مفسدة الفرية ، و الزنا المفضي إلى اختلاط المياه و فساد الفراش و نحو ذلك فهذه أفعال و أقوال وُضِعت مفضية لهذه المفاسد و ليس لها ظاهر غيرها . و الثاني : أن تكون موضوعة للإفضاء إلى أمر جائز أو مستحب ، فيتخذ وسيلة إلى المحرم إما بقصده أو بغير قصد منه ، فالأول كمن يعقد البيع قاصداً به الربا أو يخالع قاصداً به الحنث و نحو ذلك ، و الثاني : كمن يصلي تطوعاً بغير سبب في أوقات النهي أو يسب أرباب المشركين بين أظهرهم أو يصلي بين يدي القبر لله و نحو ذلك . ثم هذا القسم من الذرائع نوعان : أحدهما : أن تكون مصلحة الفعل أرجح من مفسدته . و الثاني : أن تكون مفسدته راجحة على مصلحته ، فههنا أربعة أقسام : الأول : وسيلة موضوعة للإفضاء إلى المفسدة . و الثاني : وسيلة موضوعة للمباح قصد بها التوسل إلى المفسدة . الثالث : وسيلة موضوعة للمباح لم يقصد بها التوسل إلى المفسدة لكنها مفضية إليها غالباً و مفسدتها أرجح عن مصلحتها . الرابع : وسيلة موضوعة للمباح و قد تفضي إلى المفسدة و مصلحتها أرجح من مفسدتها . فمثال القسم الأول و الثاني قد تقدم ، و مثال الثالث : الصلاة في أوقات النهي و مسبة آلهة المشركين بين ظهرانيهم ، و تزيّن المتوفّى عنها في زمن عدّتها ، و أمثال ذلك . و مثال الرابع : النظر إلى المخطوبة و المستامة ( الجارية المعدّة للبيع ) و المشهود عليها و من يطؤها و يعاملها و فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي و كلمة الحق عند ذي سلطان جائر و نحو ذلك .
فالشريعة جاءت بإباحة هذا القسم أو استحبابه أو إيجابه بحسب درجاته في المفسدة ، بقي النظر في القسمين الوسط : هل هما مما جاءت الشريعة بإباحتهما أو المنع منهما ؟ فنقول : الدلالة على المنع من وجوه : ثم ذكر – رحمه الله – تسعاً و تسعين وجهاً إلى أن قال : ( الوجه الثامن و التسعون ) : نهيه عن قتال الأمراء و الخروج على الأئمة و إن ظلموا أو جاروا ما أقاموا الصلاة سداً لذريعة الفساد العظيم و الشر الكثير بقتالهم كما هو الواقع ، فإنه حصل بسبب قتالهم و الخروج عليهم أضعاف ما هم عليه و الأمة في بقايا تلك الشرور إلى الآن ، و قال : ( إذا بويعَ لخليفتين فاقتلوا الآخِر منهما ) / أخرجه مسلم : ( 1853) و غيره من حديث أبي سعيد رضي الله عنه / و قال رحمه الله : ففي الترمذي و غيره من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " نضَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها و حفظها و بلّغها فرُبَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ] ثلاثٌ لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله ، و مناصحةُ أئمة المسلمين و لزوم جماعتهن فإنّ دعوتهم تحيط مِنْ ورائهم " و روى هذا الأصل عن النبي صلى الله عليه و سلم ابن مسعود ، و معاذ بن جبل ، و أبو الدرداء ، و جبير بن مطعم ، و أنس بن مالك ، و زيد بن ثابت ، و النعمان بن بشير . / عند أحمد : (1/437) ، ( 3/225 ) ، ( 4/82) ، ( 5/183 ) ، و ابن ماجه ، و الدرامي و الطبراني و ابن حبان برجال ثقات / .
قال الترمذي : حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح و حديث زيد بن ثابت حديث حسن ، و أخرج الحاكم في صحيحه ( المستدرك : 1/88 ) حديث جبير بن مطعم و النعمان بن بشير و قال في حديث جبير على شرط البخاري و مسلم . و قوله صلى الله عليه و سلم : " ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم ..... إلى آخره ) . أي لا يحمل الغل و لا يبقى فيه مع هذه الثلاثة فإنها تنفي الغل و الغش و هو فساد القلب و سخايِمُه ، فالمخلص لله إخلاصه يمنع غل قلبه و يخرجه و يزيله جملة ؛ لأنه قد انصرفت دواعي قلبه و إرادته إلى مرضاة ربه فلم يبق فيه موضع للغل و الغش كما قال تعالى : " كذلك لنصرف عنه السوء و الفحشاء إنه من عبادنا المخلصين "
/ سورة يوسف ، الآية : 24 / فلما أخلص لربه صرف عنه دواعي السوء و الفحشاء فانصرف عنه السوء و الفحشاء ، و لهذا لمّا علم إبليس أنه لا سبيل له على أهل الإخلاص استثناهم من شرطته التي اشترطها للغواية و الإهلاك فقال :
" فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "
/ سورة صلى الله عليه و سلم ، الآيات ( 82 – 83 ) /
قال تعالى :
" إن عبادي ليس لك عليهم سُلطانٌ إلا مَن اتّبعكَ من الغاوين "
/ سورة الحجر ، الآية : 42 /
فالإخلاص هو سبيل الخلاص ، و الإسلام هو مركب السلام ، و الإيمان خاتم الأمان . و قوله مناصحة أئمة المسلمين : هذا أيضاً منافٍ للغل و الغش فإن النصيحة لا تجامع الغل إذ هي ضده فمن نصح الأئمة و الأمة فقد برئ من الغل . و قوله و لزوم جماعتهم هذا أيضاً مما يطهر القلب من الغل و الغش فإن صاحبه للزوم جماعة المسلمين يحب لهم ما يحب لنفسه و يكره لهم ما يكره لها و يسوءُه ما يسوؤهم و يسرّه ما يسرّهم و هذا بخلاف من انحاز عنهم و اشتغل بالطعن عليهم و العيب و الذم لهم كفعل الرافضة و الخوارج و المعتزلة و غيرهم ، فإن قلوبهم ممتلئة غلاً و غشاً و لهذا تجد الرافضة أبعد الناس من الإخلاص و أغشّهم للأئمة و الأمة و أشدهم بعداً عن جماعة المسلمين فهؤلاء أشد الناس غشاً بشهادة رسول الله و الأمة عليهم و شهادتهم على أنفسهم بذلك فإنهم لا يكونون قط إلا أعواناً و ظَهْراً على أهل الإسلام فأي عدو قام للمسلمين كانوا أعوان ذلك العدو و بطانته و هذا أمر قد شاهَدَتْهُ الأمة منهم و من لم يشاهده فقد سمع منه ما يصم الآذان و يشجي القلوب ، بل و لا تزال تشاهده حتى يومنا هذا يقاتلون أهل السنة في كل مكان حكّاماً و محكومين ، و ما فعله ابن تومرت و غيره بخافٍ على كثير من الناس – قاتلهم الله أنى يؤفكون . و قوله " فإن دعوتهم تحيط من ورائهم " هذا من أحسن الكلام و أوجزه و أفخمه معنى ، شَبّهَ دعوة المسلمين بالسور و السياج المحيط بهم ، المانع من دخول عدوهم عليهم فتلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام و هم داخلوها لما كانت سوراً و سياجاً عليهم ، أخبر أن من لزم جماعة المسلمين أحاطت به تلك الدعوة التي هي دعوة الإسلام كما أحاطت بهم فالدعوة تجمع شمل الأمة و تلم شعثها و تحيط بها فمن دخل في جماعتها أحاطت و شملته . ( مفتاح دار السعادة 1/71 ) . ثم قال رحمه الله في الأوجه التي فُضِّل فيها العلم : ( الوجه السابع و المائة ) : قال سهل بن عبد الله التستري : من أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء و هذا لأن العلماء خلفاء الرسل في أممهم و وارثوهم في علمهم فمجالسهم مجالس خلافة النبوة . ( الوجه الثامن و المائة ) : أن كثيراً من الأئمة صرّحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم ، فقال الشافعي : ليس شيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم و هذا الذي ذكر أصحابه عنه أنه مذهبه و كذلك قال سفيان الثوري ، و حكاه الحنفية عن أبي حنيفة ، و أما الإمام أحمد فحكي عنه ثلاث روايات إحداهن أنه العلم فإن قيل له أي شيء أحب إليك ،أجلس بالليل أنسخ أو أصلي تطوعاً ؟ قال : نسخُك تعلم به أمور دينك فهو أحب إليّ . إلى أن قال رحمه الله : ( و أما مالك فقال ابن القاسم سمعت مالكاً يقول : إن أقواماً ابتغوا العبادة و أضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه و سلم بأسيافهم و لو اتبعوا العلم لحجزهم عن ذلك ) .. / مفتاح دار السعادة : 1/119 /
*********
** يتبع **
|
| | | صانع المعروف
عدد المساهمات : 179 نقاط : 24822 تاريخ التسجيل : 25/06/2011
| موضوع: رد: الخروج على الحاكم و أقوال العلماء السبت يوليو 30, 2011 7:55 am | |
| قول العلاّمة ابن رجب الحنبلي رحمه الله
************************** و قال العلامة ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – في " جامعهِ " عندما شرح حديث تميم الداري رضي الله عنه " الدين النصيحة ثلاثاً " قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : " لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم " ( و أما النصيحة لأئمة المسلمين فحُبُّ صلاحهم و رشدهم و عدلهم و حُب اجتماع الأمة عليهم ، و التدين بطاعتهم في طاعة الله عز و جل و البغض لمن رأى الخروج عليهم و حُب إعزازهم في طاعة الله عز و جل ) . إلى أن قال : ( معاونتهم على الحق و طاعتهم فيه و تذكيرهم به و تنبيههم في رفق و لطف و مجانبة الوثوب عليهم و الدعاء لهم بالتوفيق و حث الأغيار على ذلك ) ./ جامع العلوم و الحكم 1/222 / . ( قلت : لقد حذر السلف من مغبة الخروج على الولاة و إن جاروا أو ظلموا ما أقاموا فينا الصلاة و يُبتدرون بالنصيحة ، و ما يَنتظر هذا الذي خرج على السلاطين و سل سيفه و زعزع الأمن إلا أن ينام تحت أزيز الرصاص و طارق مجهول نسأل الله الأمن و الأمان ) .
*************
قول أبي بكر الآجري رحمه الله
******************** قال أبو بكر الآجري – رحمه الله – في " الشريعة " ( ص28) : ( فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي قد خرج على إمام عدلاً أو جائراً ، فخرج و جمع جماعة و سلّ سيفه و استحلّ قتال المسلمين ، فلا ينبغي له أن يَغترّ بقراءته للقرآن و لا بطول قيامه في الصلاة ، و لا بدوام صيامه و بحسن ألفاظه في العلم إذا كان مذهبه مذهب الخوارج ) . ثم ساق الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في التحذير من الخوارج . إلى أن قال رحمه الله : ( و قد ذكرت من التحذير عن مذهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله عز و جل الكريم – عن مذهب الخوارج و لم يرَ رأيهم و صبر على جور الأئمة ، و حيف الأمراء و لم يخرج عليهم بسيفه ، و سأل الله العظيم كشف الظلم عنه و عن جميع المسلمين و دعا للولاة بالصلاح ، و حج معهم و جاهد معهم كل عدو للمسلمين ، و صلى خلفهم الجمعة و العيدين ، و إن أمروه بطاعتهم فأمكنته طاعتهم أطاعهم ، و إن لم يمكنه اعتذر إليهم ، و إن أمروه بمعصية لم يطعهم و إذا دارت الفتن لزم بيته و كفّ لسانه و يده و لم يَهْوَ ما هم فيه و لم يُعِنْ على فتنة ، فمن كان هذه أوصافه كان على الطريق المستقيم إن شاء الله تعالى ) .
**********
و قال الشوكاني
في " السيل الجرار 4/556 "
******************** ( ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يُناصحه و لا يُظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده و يخلو به و يبذل له النصيحة ، و لا يُذلَّ سلطان الله ، و قد قدّمنا في أول كتاب السير أنه لا يجوز الخروج على الأئمة و إن بلغوا في الظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة و لم يظهر منهم الكفر البواح ، و الأحاديث الواردة في هذا المعنى متواترة و لكن على المأموم أن يطيع الإمام في طاعة الله و يعصيه في معصية الله فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .
*********************
و أخيراً
قال بعض الحكماء
************** ( إمام عادل خير من مطر وابل ، و سلطان غشوم خير من فتنة تدوم ) / " حياة الحيوان الكبرى " للدميري : 1/144 / . و قال ابن المبارك رحمه الله :
قد يدفع الله بالسلطان معضلةً *** عن ديننا رحمةً منه و رضواناً لـولا الأئمةُ لم تأمنْ لنا سُبـلٌ *** و كـان أضعفــنا نهــباً لأقـوانا و الأولى أن يقول : ( لولا الله ثم الأئمة ) لعموم الأحاديث الواردة . راجع من ترجم لابن المبارك رحمه الله .
نسأل الله أن يوفقنا للزوم منهج السلف ، و أن يأخذ بأيدينا لفعل الخير و أن يجعلنا ممن ينصح لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم ، و أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعزّ فيه أهل السنّة و الطاعة ، و يُذلّ فيه أهل البدعة و الضلالة ، و يُقمع فيه أهل الزيغ و الفساد و الفرقة ، إنه جواد كريم
و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم
********** |
| | | | الخروج على الحاكم و أقوال العلماء | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
صفحة 1 من اصل 1 | |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|