شبكة ومنتديات صانع المعروف
عزيزي الزائر ... إن كانت هذه زيارتك الأولى لمنتديات صانع المعروف ندعوك للتسجيل معنا لترى كل ما هو جديد ومفيد
فأهلا ومرحبا بك عضوا فعالا في شبكة ومنتديات صانع المعروف

الإدارة
شبكة ومنتديات صانع المعروف
عزيزي الزائر ... إن كانت هذه زيارتك الأولى لمنتديات صانع المعروف ندعوك للتسجيل معنا لترى كل ما هو جديد ومفيد
فأهلا ومرحبا بك عضوا فعالا في شبكة ومنتديات صانع المعروف

الإدارة

شبكة ومنتديات صانع المعروف


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
نرحب بالعضوة الجديدة الاخت حلـآي غير يا هلا ومرحبا
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ}
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» الأحاديث الضعيفة
من طرف حلا السعودية الخميس أبريل 21, 2022 11:37 am

» ألوااان الدنيا
من طرف حلا السعودية الخميس أبريل 21, 2022 11:34 am

» مسبح وهمي
من طرف صانع المعروف الجمعة أغسطس 11, 2017 4:45 pm

» حصريا // جميع حلقات سري للغاية
من طرف samha الجمعة سبتمبر 09, 2011 9:54 pm

» كل عام وأنتم بخير
من طرف الإدارة الخميس أغسطس 25, 2011 4:43 pm

» إنتقالات الدوري السعودي لعام 2011
من طرف حلا السعودية الخميس أغسطس 25, 2011 11:42 am

» إليك حبيبتي
من طرف أمير الحب الخميس أغسطس 25, 2011 10:06 am

» أنثى !!!
من طرف عابد الأربعاء أغسطس 24, 2011 1:23 pm

» المغرب الفاسي يعود بنقطة ثمينة من الكونجو
من طرف الإدارة الثلاثاء أغسطس 23, 2011 9:20 am

» أسباب بسيطة قد تدمر الحياة الزوجية وقد تحييها وتنعشها ,,,,
من طرف الإدارة الثلاثاء أغسطس 23, 2011 8:40 am

المواضيع الأكثر نشاطاً
أسماء الله الحسنى
حصريااا موسوعة أشعار نزار
موسوعة الأدعية الصحيحة
خواطر الشيخ الشعراوي حول القرأن الكريم
تفريغ حلقات شرح التجويد للدكتور أيمن سويد
-----(( هل فات الأوان لتبدأ من جديد ؟!!))-----
قصص الأنبياء ( رائع جداااا )
إنتقالات الدوري السعودي لعام 2011
حملة لن ننسى غزة
قهوتي الصباحية
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 20 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو فتو فتو فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 2343 مساهمة في هذا المنتدى في 416 موضوع

شاطر | 
 

 شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:01 pm





[color=Blue]



من هو ابن تيمية ؟
[color=Blue]
[size=21]


يكفي
أن تعرفه بهذا الاسم ؛ فإذا قلت ابن تيمية فكفى ، ولا تزد على ذلك
أوصافاً ، أهل المعرفة وأهل العلم يعرفون من هو ابن تيمية من خلال
آثارة وكتبه ورسائله وجهوده وثناء الناس عليه ، وإنني أعلن –
بالمناسبة – حبي لهذا الإمام العظيم ؛ أحببته لصدقه وإخلاصه ،
لإيمانه وجهاده ، أحببته لعلمه ويقينه ، أحببته لعمقه ورسوخه :

أحبك لا تفسير عندي لصبوتي شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh أفسر ماذا ؟ والهوى لا يفسر’
وسوف
لا أطيل على القارىء بالتراجم التقليدية التي تنقل من بطون الكتب ،
فإن فعلت ذلك فكأني ما فعلت شيئاً ، ولم أزد شيئاً ، ولم اضف ألى
المكتبة الإسلامية شيئاً جديداً ؛ إنما قصدي أن أعصر ذهني لأستخرج
منه الفقه في ترجمة هذا الإمام وفي سيرة هذا العلم – جمعنا اله به في
دار الكرامة - ، وزادي في ذلك الحب والمعرفة التي عمرها ثلاثون سنة .

فمنذ
ثلاثين سنة وأنا أعيش مع هذا الإمام ، من خلال تراثه المبارك الذي
سرى في الأمة حتى قال بعضهم : ترجمت بعض دوائر المعارف للدولة
العباسية بخمس وعشرين صفحة ولابن تيمية بأربعين صفحة ! ، فانظر إلى
دولة عاشت ما يقارب الستمائة سنة ، وحكمها سبع وثلاثون خليفة ، ومع
ذلك لم تحظ إلا بخمس وعشرين صفحة ، وقارن بها هذا الفرد العلم الذي
لم يتول أي منصب ؛ لا وزارة ، ولا إمارة ، ولم يجمع تجارة ، ومع ذلك
ترحم له بأربعين صفحة ، وأقول : إنني لا أعلم عالماً حظي بالتراجم
والكتابة والاهتمام والانشغال بمثل ما حظي به ، حتى إنه ليصدق عليه
بيت المتنبي :

وتركك في الدنيا دوياً كأنما شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh تداول سمع المرء أنمله العشر
حتى
إن بعض الباحثين ذكر أنه قد ألف في ابن تيمية أكثر من ثلاثة الآف
كتاب ، ما بين رسالة وكتاب وبحث ورسالة دكتوراه وماجستير وبحوث
جامعية .


فيا لهذه العظمة ! ويا لفتح الله على العبد إذا فتح سبحانه وتعالى .. !

[center][center] طهره في شبابه
كان
ابن تيمية من الصغر في عناية الله عز وجل وفي رعايته ، فلا تعلم له
صبوة ، ولا تحفظ له عثرة ، لم تنقل له زلة ؛ لأنه عاش في بيت إمامه
وعلم وصيانة وديانة ، فقد رباه أبوه المفتي الحافظ عبدا لحليم ، وكان
أعمامه أيضاً من أهل الولاية لله عز وجل ، فنشأ بين بيته الطاهر
العفيف ، وبيت الله العامر المبارك ، وحفظ كتاب من الصغر ، وتعلم
السنة وأخذ الآداب الإسلامية من أهل العلم ، وحفظه الله – الحافظ –
عن تهور الشباب ، وطيش الفتوة ، ونزق الصبا ، فعاش عفيفاً ديناً
مقتصداً صيناً رزيناً عاقلاً محافظاً على الفرائض ، معتنياً بالسنن ،
كثير الأذكار والأوراد ،بعيداً عن اللهو وعن البذخ والسرف واللعب
وكل ما يشين الرجال ، وكل ما يخدش المروءة ، وكل ما يذهب الوقار ؛
فصار محل العناية من الأكابر ، حتى كان يعرف إذا مر فيقال هذا
ابن تيمية ؛ لاشتهاره بين أقرانه بالجد والمثابرة وحب العلم
والبراعة في التحصيل ، وسرعة الحفظ والذكاء ، وجودة الخاطر وسيلان
الذهن وقوة المعرفة – رحمه الله –


جده في التحصيل
نقل
المؤرخون وأهل السير أن ابن تيمية كان منشغلاً في كل أوقاته بتحصيل
العلم ما بين قراءة وتكرار وحفظ ومذاكره واستنباط وكتابة وتأليف
وتعليق ، فلا تراه إلا منكباً على كتاب أو جالساً بين يدي شيخ ، أو
مذاكراً للطلاب، أو مطارحاً لأقرانه وزملائه ، فكل أوقاته انشغال من
اولها إلى آخرها ، إلا ما كان فيه وقت مباح كنومٍ أو طعامً أو نحو
ذلك ، حتى إنه لم يتزوج – رحمه الله – لانشغاله بالعلم والجهاد ونشر
الخير في الناس ، ولم يتول أي ولاية ولا مشيخة ولا دار حديث ولا منصب
دنيوي ، ولم يتشاغل بالمال ، ولم يذهب



في
تجارة ، ولا في زراعة ، ولا في أي مهنة من المهن ، بل كان - رحمه
الله – منكباً على العلم ، ثم إنه لم ينهل من علم واحد ولا من تخصص
فحسب ، ولا من فنٍ فقط ، بل تبحر في جميع الفنون فبرع فيها ورد على
أصحابها ، ورسخ في الجميع فصار آية وأصبح أعجوبة ً فبتحصيله يضرب
المثل بين طلبة العلم ، وسيرته تعتبر نبراساً لمن اراد أن يحصل
المعرفة ويبحث عن العلم ، ويصعد في سلم الهمة العالية ، فهو بلا شك
قدوة في هذا الباب ، وأسوة حسنة لرواد المعرفة ، وشداة الحق ،
والباحثين عن الحقيقة ، والطالبين للعلم النافع .


حفظه
أما
حفظه فحدث ولا حرج ؛ فقد صار ابن تيمية مضرب المثل عند أصدقائه
وأعدائه ، واعترف الكل له بأنه أحفظ من رأوا ، وعدوه من الأئمة
الكبار في الحفظ ، وليس حفظاً فقط بل حفظاً بفهم ، فكان يسابق حفظه
نظره ، وكان يعطى الكتاب في صغره فيقرؤه مرة فينتفش في ذهنه ، وذكر
عن نفسه أنه يقرأ المجلد – بحمد الله – فيرسخ في ذهنه ، وبذلك حفظ
كتاب الله عز وجل ، وحفظ السنة المطهرة ، وحفظ أقوال أهل العلم ،
وحفظ الآثار ، وحفظ التفاسير ، وحفظ شواهد اللغة ، فكان إذا تلكم
أغلق عينيه فسالت قريحته بنهر يتدفق من العلم النافع المبارك حتى قال
فيه بعض الشعراء :

وقاد ذهن إذا سالت قريحته شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh يكاد يخشى عليه من تلهبه !
وقد
نفع الله بهذا الحفظ ؛ فقد تركت ذاكرته القوية المباركة للأمة
ميراثاً مباركاً من الكتب النافعة ، وكان يملي عليه أحياناً بعض
المجلدات من حفظه في السفر وفي الحبس حيث لا توجد مكتبة لدية فيأتي
بالعجب العجاب ، وينقل بعض كلام الأئمة بنصه وفصه ثم يعلق عليه ،
وربما استدرك ، وينقل الأحاديث من حفظه وينسبها لأصحابها ، أما
القرآن فقد سال على طرف لسانه يأخذ ما شاء ويترك ما شاء فقد حفظه من
الصغر حتى أصبح كتاب الله عز وجل عنده كسورة الفاتحة ، مع فهم ثاقب
لما يحفظ ، فليس ناقلاً فحسب كما هو شأن كثير من الناس يحفظ المعلومة
ثم لا يتصرف فيها ، بل كان يحفظها ويعيها وينزلها ويقدرها حق قدرها ،
ويوظفها في المكان المناسب ، ويخرج مها ما شاء الله من الكنوز
والعبر والعجائب ، فيأتي بما يشده الألباب ويذهل العقول من الفوائد
والدرر والنكات العلمية .


ألمعيته
من تلظى لموعه كاد يعمى شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh كاد من شهرة اسمه لا يسمى !
الألمعية
هبة يهبها الله من يشاء ،وابن تيمية له القدح المعلى في هذا الباب ،
فإذا كانت الألمعية هي سرعة الخاطر وجودة الذهن ، فإن ابن تيمية
الأولي في هذا الباب عن أهل العلم ؛ فقد كان يفهم المسألة بقوٍة
وجدارة ، وكان يعي منا يقرأ وكان ينتزع الفائدة ويستنبط من النص
استنباطاً عجيباً ، وكان إذا حاور يفهم كلام محاوره ويرد عليه في
سرعة البرق ، وكان إذا كتب يسبق خاطره قلمه ، - كما يقول عنه مترجموه
- ، ومن ألمعيته أنه كان يدرك الشبهة في أسرع وقت ، ويرد عليها
ويزيف الزائف من الكلام ، ويثبت الحق ، ويميز بين المتشابهات ،
ويفرق بين المختلفات ، وكان يوهم بعض الأئمة في بعض الأبواب من
تخصصاتهم ، فأحياناً ينقد بعض المحدثين والمؤرخين ،وبعض الفلاسفة
وأهل المنطق ، وعلماء الكلام ، ويرد عليهم في تخصصاتهم فإذا هو أفهم
منهم بفنهم وبتخصصهم ، ومن ألمعيته – رحمه الله – أنه إذا دخل في
علم قلت لا يجيد إلا هذا العلم ، ولا يحسن إلا هذا الباب ، فيأتي
بالعجب للعجاب ويسهل له هذا المسلك الذي سلكه فيكون فرداً في بابه
،ويكون وحيد عصره فيما نهجه وفيما أتخذه ؛ فألمعيته – رحمه الله –
محل الشهود ومحل الاعتبار من الجميع حتى صار فرداً ووحيداً في هذا
الباب .



سعة علمه
من
العلماء من برع لكن في فن واحد ، فمنهم المحدث الجهبذ في حديثه ،
ومنهم العلامة في فقهه ، ومنهم الفرد في تاريخه ، ومنهم الأوحد في
ادبه ،ولكن ابن تيمية كان بحراً لا تكدره الدلاء ، فهو المنظر لأهل
السنة في باب المعتقد ، وهو المحدث الناقل البصير الجهبذ في علم
الحديث رواية ودراية ، وفي علم الرجال ، حتى شهد له المزي – وكفى به
شاهداً – في هذا الباب ، وشهد له الذهبي ايضاً ،وهو فرد زمانه في هذا
التخصص ، فكان يجرح ويعدل ويميز بين الروايات ،ويعرف هذا الفن معرفة
تامة دقيقة ، وقد استولى على جميع أبوابه وعلى جميع فصوله وفنونه ،
وهو في استنباط النص آية من آيات الله عز وجل ، فكان يورد
الآية والحديث ثم يورد كلام أهل العلم ممن سبقه ، ثم يأتي بكلام زائد
على كلامهم ، وربما انتقد كلامهم أو وافقه أو عارضة أو سكت ،وكان
أعجوبة في التفسير ، يقرأ – كما ذكر عن نفسه – أكثر من مائة تفسير في
الآية ، ثم يدعو الله ويتضرع إليه فيفتح عليه سبحانه وتعالى علماً
في الآية لم يكن مكتوباً من ذي قبل ، وربما أملى في الآية الواحدة
كراريس ، ونقلوا عنه أنه بقي سنوات طويلة في شرح : ( إنا أرسلنا
نوحاً إلى قومه ) ، وكان يأتي بالآية الواحدة ربما يذكرها بعد صلاة
العصر في مجلسه فيغلق عينيه ، ثم يذكر الأقوال والترجيحات
والاختلافات والنقولات وما قيل فيها ، معترضاً وموجهاً ومصححاً
ومقرراً حتى صلاة المغرب كما قرأ الفلسفة ورد على الفلاسفة وزيف
كثيراً من اقوالهم وردها إلى الوحي ، ورد على المناطقة وتغلب عليهم
بالحجة وعلا عليهم بالبرهان ، ورد على علماء الطوائف من رافضة
ومعتزله وجهمية واشاعرة وصوفية ودهرية ويهود ونصارى كل ذلك وهو معتصم
بالدليل ، سائر مع النص ، متحاكم إلى الوحي .



همته
همة تنطح الثريا وعزم شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh نبوى يزعزع الأجيالا
ل
اعلم عالماً بعد اصحاب الرسول علية الصلاة والسلام بلغت به همته مثل
ما بلغت همة ابن تيمية به ، فقد اتعبته ولكنها أوصلته غلى مراقي
الحمد ، ومصاف الكرامة ، وغاية المجد ، وذروة الشرف ، وسنام القبول
في الأرض ، همته حركته إلى طلب العلم النافع فلم يرض بعلم دون علم ،
ولم يقنع بتخصص دون تخصص ، ولم يشبع من فن دون فن ، بل رسخ في الجميع
، ومهر في الكل ، واستحوذ على قصب السبق في المعرفة ، تتجلى همته في
العبادة ، فقد كان خاشعاً منيباً مخيبتا متسنناً ، كثير الأوراد
صلاة وصياماً وذكراً ودعاء وقيام ليل وجهاداً وإخلاصاً وأنابه
وتواضعاً وخشية لله عز وجل وغيرة وفي التأليف ، فهو من العلماء
الثلاثة الذين بلغوا الغاية في التأليف ، وهم ابن الجوزي والسيوطي
بالإضافة إليه ، وقد كان أكثرهم تحقيقاً وتنقيحاً ورسوخاً وعمقاً
ونفعاً وأثراً في الأمة ، حتى قيل إن مؤلفاته بلغت بالرسائل والكتب
أكثر من ألف مؤلف ،ولو جمعت لكانت أكثر من خمسمائة مجلد ، وقد ضاع
منها الكثير ، كما تتجلى همته في الدعوة ؛ فقد اشتغل بالدعوة الفردية
، والدعوة الجماعية ، ودعوة السلطان وحاشيته ، ودعوة العامة ، ودعوة
الطوائف جميعاً ، ودعوة غير المسلمين ، فدعا بالكتابة والخطابة
والدروس والمراسلة ، ودعا وهو في الحبس ، ودعا في المعركة ، ودعا
بالآيات البينات ودعا بالحجج القواطع ، ودعا بالراهين الساطعة ،
والأدلة اللامعة ، ودعا بالمناظر والمجاورة ، ودعا مشافهة ،ودعا
كتابة ؛ فكانت حياته – رحمه الله – دعوة من أولها إلى آخرها .



غيرته
الغيرة
وقود ملتهب يمنحه الله من يشاء ، فيأنف من الخسة ، ويرتفع عن
الدناءة ، ويعشق الكمال ، ويتلهف على الفضيلة ، ويحب معالي الأمور ،
وهكذا كان ابن تيمية يغار على محارم الله ، ويغضب كل الغضب إذا
انتهكت حدود الله عز وجل .

كان
يفادى بروحه الملة وصاحبها صلى الله عليه وسلم ، وقد جلد من أجل
حماية جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم ؛ فقد اعتدى بعض النصارى على
الجناب الشريف بكلام فدافع ابن تيمية ، فشكاه ذلك المعتدي إلى
السلطان ، وهيج العامة على ضربه ، فجلد شيخ الإسلام في مجلس السلطان
بسبب هذا ، وهذا وهذا في سبيل الله عسى إله أن يأجره كل الأجر على
هذا الموقف العظيم ، وألف في ذلك ( الصارم المسلول على شاتم الرسول )
صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المخالفة الشرعية غيرها بما عنده من
فقه فكان لا يرى منكراً إلا قام كل القيام حتى يغير هذا المنكر
ويدخل السوق فيغير المنكر ويغير المنكر وينبه على الباعة وأهل
المكاييل والموازين وينهى الصوفية عن ابتداعا تهم ، ويغير على
المخالفين من الكهنة والسحرة والمشعوذين ، وينهى عن مخالفة السنة
ظاهراً وباطناً ، ويدعو الناس إلى منهجه عليه الصلاة والسلام ،،،
ويقول ك لا يسع أحد في العالم الخروج على سنته صلى الله عليه وسلم
، وكان يغار في مجلس السلطان فيقول الحق غير هياب ولا جبان ولا خائف
، بل يصدع بالحق بقلب جريء أشجع من قلب الأسد في إقدام وإصرار ، حتى
هل منه السلطان ، وتعجب منه الملوك ، وخافه أرباب الدول ، واحترمه
العامة والخاصة ، لما علموا من صدقه وجرأته وثباته – رحمه الله - .



سلامة مشربة
ابن
تيمية صاحب المنهج الوسط العدل الصحيح الصافي ، فقد أخذ مشربة من
كتاب الله عز وجل وسنه رسوله عليه الصلاة والسلام ، فلا تعرف له بدعة
ولم تحفظ عليه مخالفة للكتاب والسنة ، بل كان دائماً مع الدليل ، مع
الآية والحديث متبعاً من سلف من أئمة الإسلام من الصحابة والتابعين ،
لا يخالفهم ، وإنما يشد من أزرهم ويقوي منهجهم ، ويدعو إلى مذهبهم
وإلى منهجهم – رضوان الله عليهم – موقراً رسول الله صلى الله عليه
وسلم ، معظماً ربه كل التعظيم ن ومحترماً أئمة الإسلام ، ولا يقول
بعصمة غير الرسول عليه الصلاة والسلام ، فكان – رحمه الله – الإمام
المعتبر في سلامة المنهج ، وصحة المعتقد ، وصفاء المذهب ، حتى
سارت على منهجه مدارس وجامعات وجماعات وطوائف ، واستحسن أهل البصيرة
ما سلكه – رحمه الله – في كتبه وفي رسائله وفي منهجه الإصلاحي فجزاه
الله عنا خير الجزاء .


زهده
يقول
هو عن الزهد : ترك ما لا ينفع في الآخرة وحقق هو هذا القول في حياته
؛ فقد أعرض إعراضاً كليا عن الدنيا واطرحها وزهد فيها ، وعاش للآخرة
، فلم يتول ولاية، ولم يتقلد منصباً ، ولم يجمع مالاً ،ولم يأخذ
أعطيه ، ولم يضع درهماً على درهم أو دينار على دينار ، ولم يبن بيتاً
، ولم يتخذ سكناً ،ولم يأخذ مزرعة ، ولم يذهب في تجارة ، ولم يعمر
عمارة ، ولم يتكثر من الملابس ، ولم يتآكل بالعلم ، ولم يذهب في
حاجته الخاصة الدنيوية ، بل كان جل همه العلم النافع والعمل الصالح ،
فما عرف في وقته أزهد منه ، وكان يرضى بالقليل من الطعام ، وكان لا
يسرف في الأكل بل يكتفي بلقيمات ، وكان يلوه أصحابه على قلة
أكله ، ومع ذلك لا يغير من عادته ، متقشفاً في ملبسة ، وما كانت تعرف
له إلا غرفة واحدة بجانب المسجد ، مع قلة الملابس وقلة ذات اليد ،
وما كان يميز بين الدراهم ولا بين الدنانير ،وكان ما يأتيه من المال
دون طلب منه يصرفه في الحال على الفقراء وعلى المساكين ، ولم يمس
عنده فيما يعلم درهم ولا دينار ، فأقر له الموافق والمخالف والمحب
والمبغض بأنه آية عجيبة في الزهد والانقطاع إلى الله ن وإهانة الدنيا
وعدم الالتفات إلى أصحابها ، وعدم توفير خدامها ، وإنما توفيره لأهل
العلم وللعباد والزهاد وللصالحين عموماً .


تقشفه

مر
شيء من هذا في الزهد ، ولكن علم أنه من شبابه لم يكن صاحب رعونة ،
حيث يشغله ملبسة ومطعمه ، أو تلهيه هموم بطنه وشهواته عن معالي
الأمور ، بل كان – رحمه الله – يحتزيء باليسير من اللباس واليسير من
الطعام ؛ فكان يلبس الثوب الواحد والعمامة على ما تيسر من ملابس ،
شأنه شأن أفراد الناس مع نظافة وطهارة ن وكان ينام على ما تيسر من
فوائد هذا الحديث فراش ، فلم يتخذ الفرش الوثيرة ولا اللحاف الكثير
،ولم يعدد في اللباس ، ولم يكثر من الأطعمة ، فكان ربما اكتفى بالصنف
الواحد من الطعام ، مقبلاً على شانه ، مهتماً بعلمه ، مستغرقاً
أوقاته في عيادة ربه ، ما بين تلاوة وقراءة ومطالعة وذكر وتأمل وجهاد
ودعوة وأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح بين الناس .


سنيته
اتباع
السنة منحة ربانية وعمل صالح مبرور من أعظم أعمال العبد ، ولا يحصل
ذلك إلا توفيق من الله ، وفرق بين أن يقرأ العبد السنة ويطالعها
ويحفظها وبين أن يضيف إلى ابن التسنن بها وظهورها على حركاته وسكناته
، وكذلك كان ابن تيمية –رحمه الله - ؛ فقد ظهرت سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم عليه قولا ًوعملاً ، في عباداته ، في معاملاته ، في
كلامه ، في أخذه وعطائه ، في سلمه وحربه ، في رضاه وغضبه ، في تأليفه
وفي رسائله ، في خطبه ودروسه ومواعظه وحواره وجدله ، فكان من نظر
إليه ذكر الله عز وجل وتذكر سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام ،
وكان معظماً للرسول صلى الله عليه وسلم ، موقراً له، خاشعاً بين يدي
سنته ، مستسلماً لحكمه ، معظماً لحديثه ، متبعاً لآثاره مقتدياً بكل
ما صح عنه عليه الصلاة والسلام ، فظهرت بركته على أصحابه وطلابه
وتلاميذه ، حتى قالوا ما رأينا أكثر عملاً بالسنة من ابن تيمية ، ولا
رأينا من لاحت عليه معالم السنة في كل حركة من حركاته من شيخ
الإسلام ، حتى إن من رآه تذكر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، يذكرك
به في لباسه ، في عمامته ، في قميصه ، في نومه ، في يقظته ، في أكله
وشربه في ذهابه وآياته ، في مخالطته للناس وفي عزلته ، مستمسكاً
بالسنة حرفاً وجملة وأثراً أثراً ، فغفر الله له .


سلفيته
ابن
تيمية هو إمام السلفية في عهده والعهود التي لحقته ، فكان على منهج
السلف اعتقاداً وتعبداً وعملاً وجهاداً ، فهو السلفي بمعنى الكلمة
،فلا يعرف في عهده ولا بعده من احتذى حذو السلف أو اقتدى بالسلف أو
اقتدى بالسلف حذو القذة كابن تيمية ، فإنه قرر مذهبهم في المعتقد ؛
في الأسماء والصفات ، في توحيد الربوبية والألوهية ، في اليوم الآخر ،
في القضاء والقدر ، في الوعد والوعيد ، في حب أهل البيت ، في حب
الصحابه ، وفي كل مسألة كبيرة أو صغيرة من المسائل كان على منهج
السلف ، ولم تعرف له مخالفة – رحمه الله - ، وليس معصوماً لكنه رجاع
إلى الحق ، وكان مقصده أن يقرر مذهب السلف ، وهو الذي نظره وأظهر
للناس ، وألف فيه وشرحه وبسطه وأوضحه وأزال الشبه عنه ، ونفض
الغبار الذي تراكم عليه في القرون التي تلت التابعين ورد على خصوم
هذا المنهج ، ودحض اقاويلهم ، ودمغهم بالدليل ، وداسهم بالبرهان ،
فأظهر هذا المنهج أيما إظهار ، ونصره أيما نصر ، وخدمه أيما خدمة ،
فصار معلوماً للخاص العام ، وعلمه في دروسه وفي خطبه ، ودعا إليه
سراً وجهراً ، حتى في مجالس الملوك ، وفي ديوان السلطان ، وفي بلاط
الوزراء والأمراء ن وفي مجامع القضاة فكان ينتصر لهذا المذهب ويغضب
له ، ويرى أنه الحق وأنه الأسلم والأعلم والأحكم ، وكل رسائله
ومؤلفاته وكتبه تشهد بذلك ، فلو قلت : إن الناصر – حقيقة – لمذهب
السلف من عصر ابن تيمية إلى الآن هو ابن تيمية لما ابتعدت عن الصواب ،
وكل من أتي بعده في الغالب من متبع السلف استفاد منه ، ونهج نهجه ،
وانتفع بكتبه ، وسار على منواله ، فمن مقل ومستكثر ، فرحم الله هذا
إمام ، ما أحسن تقريره لمذهب السلف ، وما أوضح شرحه ، وما ابسط
عبارته ، وما أحسن مقاله ، وما أجمل تأليفه في هذا الباب ، حتى إنا
نقر – والحمد لله – بأننا استفدنا كل الفائدة من هذا الإمام في
معرفة منهج السلف في المعتقد ، وفي العبادات ، وفي السنن ، وفي كل
شأن من شؤون الدين ؛ فجزاه الله عنا خير الجزاء .


ابن تيمية مع الدليل
من
تميز ابن تيمية أنه صاحب دليل وبرهان ، فلا يقول قولاً له دليل في
الكتاب ولا في السنة إلا أورده ، وهمه أن يعتصم في كل مسالة بآية أو
بحديث ثابت ، فليس صاحب هوى وليس مقلداً متعصباً ، بل يطلب الحق
أينما وجد ، ويريد الحجة ، ويفرح بالبرهان ، ويتبع الدليل ، يسير معه
حيثما سار ، سواء كان في أصول المسائل أو في فروعها ، فتراه إذا كان
الدليل مع أي مذهب من المذاهب – سواء كان حنفياً أو مالكياً أو
شافعياً أو حنبلياً – ذهب معه وأعرض عما سواه ، وهو يوصي طالب العلم
أن يعتصم في كل مسألة بدليل ثابت ، ثم لا يلتفت إلى قول أحد من الناس
كائناً من كان ، ويرى أن على طالب العلم أن يدور مع الدليل حيثما
دار ، ولا يكون مقلداً ، فإن العلماء ليسوا أنبياء معصومين ، وهذا
الذي ميز شيخ الإسلام ؛ حيث جعل لكلامه من الخلود والقبول والرسوخ
والصالة والعمق ما ليس لغيره ، فليس ضعيفاً في إيراد الكلام ، بل
تجد عليه أنوار النبوة تلوح ، وعليه براهين الحق تسطع .


ابن تيمية مربياً
أثرت
الشريعة على ابن تيمية في حياته وفي أخلاقه وفي سلوكه ؛ فتجده
متلذذاً بالعلم سائراً معه ، قد ظهرت بركة المللة عليه في كلامه وفي
حواره وفي مناقشاته وفي ردوده ، وتجده في غصون كلامه ينصح ويوجه
ويرشد ويدعو ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فقلما يورد قضية إلا
وجه إلى الحق فيها وبين الصواب بقلم سيال وبلفظ جذاب ، وهو مدرسة في
التربية وفي التوجيه ، ليس ناقلاً فحسب وليس مكتفياً بعرض رأيه فقط ،
بل يعرض رأيه ويدعو البقية إلى طلب الحق ، فهو بهذا يربي الجيل
ويوجههم إلى ما فيه خيرهم .


أبن تيمية مفسراً
في
سيرة ابن تيمية انه قد حوى التفسير وطالع كتبه جميعاً ، سواء
المأثورة منها أو العقلية التي تعتمد على الرأي ، ثم فهم الجميع ،
وحصرها وعصرها ، ثم أخرج لنا درراً في غصون كلامه ، وقد نقل أن له
تفسيراً خاصاً به ، لكن الذي طالعناه من كلامه في التفسير عجب من
العجاب ، فأحياناً يورد الآية ثم يسهب في مقاصدها ومعاينها ومراميها
وأحياناً يغلط كثيراً من المفسرين ويرى أهم وهموا وأخطئوا في ما
ذهبوا إليه ، كل ذلك بأصالة لا تعرف الضعف ، وبكلام رجل عرف اللغة
وعرف مدلول الكلام ،وعرف النقل صحيحه وسقيمه ، وعرف أراء المفسرين
وأقوالهم في المسألة ، فصار بحق من أعظم المفسرين الذين مروا في
تاريخ الإسلام ، واشاد كل من ترجم عنه بهذه الميزة فيه ، بل عدوا من
أعظم ما تميز به ميزة التفسير .


ابن تيمية محدثاً
علم
الحديث علم شريف جليل والمحدثون هم بمنزلة أصحاب الرسول صلى الله
عليه وسلم ، وهم خيار الأمة وصفوة الأجيال ، وقد أشاد بهم ابن تيمية
ومدحهم بشتي المدائح ، ونوه بذكرهم وقال إن لهم نصيباً من قوله
سبحانه وتعالى : ( ورفعنا لك ذكرك ) ، وأنزلهم منزلة الصحابة في
الفضل ، وأنزل أهل المنطق والفلسفة منزلة المنافقين ، والرجل صاحب
حديث فأحياناً يتكلم عن السد والعلل الخفية ، وأحياناً يتكلم عن
الاعتبار وعن الشاهد وعن المتابعة ، كما يضيف الضعيف ، ويوهن الواهي ،
ويبين الموضوع ، ويتكلم عن المعنى بكلام لا أحسن منه ، وينسب الحديث
إلى من خرجه ويبين مصادر كل رواية ويبين الزيادة ، ويعرف الشاذ ،
ويدرك المنكر ، ومن طالع كتبه بتمعن وجد أنه محدث من أكبر المحدثين ،
بل شهد له معاصروه بذلك كالكزي والذهبي والبرزني ، وغيرهم من أهل
الحديث .


ابن تيمية فقيهاً
الفقه
هو إدراك معنى النص والغوص في دلالة النقل ، وهكذا كان ابن تيمية،
فليس فقهه فقه من ينقل الأقوال أو يتبع كلام الأئمة ويحفظه وينقله
لنا ، لكنه أدرك أقوال الأئمة جميعها ، وأقوال الموافقين والمخالفين
وأهل المذاهب والروايات المختلفة لكل عالم، ثم جعل النص نصيب عينيه
واستنبط منه ، ثم ذكر من وافقه ومن خالفه ، والعجيب فيه عينيه
واستنبط ، والعجيب فيه سرعة بديهته ،وجودة استنباطه ، وحسن انتزاعه
المعنى من الدليل ، فهو الفقيه بحق في فتاويه ، وفي تقريراته ، وفي
مراسلاته ، وفى عرضه للمسائل ،حتى إن لامه لا يختلف من كتاب إلى كتاب
أو رسالة إلى رسالة ، بل تجد الرسوخ ، وتجد الاتفاق ، وتجد المعنى ،
فأحياناً يبسط المسألة ، و أحيانا يختصرها ، لكن المقصود أن
كلامه واحد لا يتغير .


ابن تيمية مناظراً
نقل
عنه أهل السير انه كان يحضر مجالس المناظرة ، وتعقد له مناظرة مع
خصومه ومخالفيه فيأتي بما يبهر الألباب ، ويعلو عليهم وينتصر بالحجة
الدامغة ، والبيان الخلاب ، والذاكرة الواعية ، والبديهة اللماحة ،
حتى إنه ناظر كثيراً من الطوائف في حضور السلطان وعلى مرأى من الخاصة
والعامة ، فكان الحق معه وان الله يؤيده ؛ لأنه يريد الحق وحده ،
وقد ذكر كثير من أهل التاريخ أن علماء الطوائف اجتمعوا له وهم في وصف
وهو وحده في وصف قال بعض المؤلفين واصفاً الموقف : ولكنها بحيرات
صغيرة صادفت – والله – بحر ثجاجاً ، وذرات صادفت جبلاً راسخاً ‍ وكان
لا يكل ولا يمل من المناظرة ، بل كان يستدرج من يناظره ويحاوره
حتى يوقعه ويصرعه ، كل ذلك ومقصوده أن يكون الحق هو المنتصر في
الأخير ، فليس قصده المغالبة لذاتها ، ولا قصده الظهور والشهرة ولا
قصد أن تكون له منزلة ولا مكانة ، فقد ترك المنازل الدنيوية لأهلها ،
وأبى المناصب وعاف الولايات ، واعرض عن المال – كما أسلفنا –
فالمقصود انه ما كان يحجم ولا يجبن وقت المناظرة ، بل كان جرئياً ذا
قلب شجاع ثابتاً كالأسد في حومة الوغى .


ابن تيمية مجاهداً
عرف
ابن تيمية بالجهاد العلمي والعملي ، فجاهد جهاد الكلمة ، عبر الدروس
والخطبة والمحاضرة والوعظ والنصائح والكلمة ، عبر الرسالة والمؤلف
والفتوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والجهاد بالنصائح عند
السلاطين ، وعند الظلمة ، وعند المخالفين من الطوائف،والجهاد بالسيف ،
فقد حضر غزوة ( شقحب ) ، ودعا الناس للجهاد ، بالفطر في رمضان ،
وثبت ثبات الجبال ،وأبلى بلاء حسناً ،ودخل على السلاطين بقلب جريء
ثابت ، حتى تعجب منه الناس وذهل منه أصحابه وقالوا: ما رأينا أشجع
منه ، لا كل ولا مل ولا جبن ، فغفر الله له .


ابن تيمية عابداً
لا
خير في العلم إذا لم يورث عالماً عابداً صاحاً مصلحاً ولا أثر
لمعرفة الإنسان الإنسان إذا لم ترشح على تصرفاته أخلاقاً وسلوكاً ،
كان ابن تيمية في جانب العبادة من الصالحين الكبار ، عمل بعلمه، -
رحمه الله – في عباداته الخاصة ، فكانت صلاته طويلة ، مخبتاً في
ركوعه وسجوده ، كثير الذكر حتى إنه لا يفتر لسانه ، وربما استغفر ألف
مرة أو أكثر الابتهال ،وكان يردد دائماً لا حول ولا قوة إلا بالله ،
وكان كثير الابتهال والتضرع ، كثير الدعاء والبكاء ، كثير المسألة
والإنابة ، كثير التوبة ،وكان يرى أن زاده هو الذكر ، وأن قوته هو
التسبيح ، وكان يجلس بعد صلاة الفجر إلى أن يتعالى النهار وهو يردد
الفاتحة ،ويمضي الليل الطويل ما بين الركوع والسجود والقنوت والبكاء
والتضرع ، وكانت تلوح عليه أنوار الطاعة ، وإذا خرج إلى الأسواق ورآه
الناس كبروا وهللوا ، ومن رآه ذكر الله عز وجل ورأى فيه القدوة
المثلى والأسوة الحسنة ، وكان إذا قرأ القرآن قرأه بصوت خاشع مبك
حزين ، وكان له تأملات في كتاب الله عز وجل وله تدبر ، وكان كثير
الصدقات ، كثير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، كثير الإصلاح بين
الناس ، كثير التواضع ، جم الأخلاق ، عفيفاً منيباً صادقاً .


كلامه عن اليهود
فقد
كشف ابن تيمية زيفهم وبين مخازيهم في كثير من كتبه وفي غصون كلامه ،
شارحاً للآيات التي وردت بصددهم ، عارفاً – رحمه الله – ضررهم على
الأمة وما فعلوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ملماً بكتبهم
وفرقهم وطوائفهم ، كل ذلك وقصده محاربتهم وحماية الدين منهم .


كلامه مع النصارى
عايش
ابن تيمية النصارى في الشام وعرف طوائفهم وفرقهم معرفة تامة ، وألف
كتاب ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ) يبين فيه زيفهم وخطورتهم
على الإسلام وما خالفوا فيه شرع الله عز وجل وما ضلوا فيه ، فإن
النصارى علموا بلا علم ، واليهود عندهم علم بلا عمل ، فبين – رحمه
الله – ما على النصارى من مؤاخذات تقدح في أصول الشرائع وتخالف ما
جاء به الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وما نزلت به الكتب ، كل
ذلك بالإنصاف والحجة والرهان والعدل ، ليس بالتشهي ولا بالهوى .


كلامه مع الملاحدة
الإلحاد
جريمة كبرى في الدنيا ولعنة ساحقة ما حقة في العالم ، وهو قديم ،
وهو قديم قدم الظلالة في الأرض ؛ ولذلك كان ابن تيمية – رحمه الله -
يتصدى لهذا النفس سواء من أهل النظم أو أهل النثر ، ممن انتسب
للإسلام أو من المنتسبين لغيرة من الفلاسفة واهل المنطق ومن سار على
منهجهم ، فيبين انحرافهم المشين ، وغوايتهم الظاهرة ، وسبب كل غواية ،
بل يأتي إلى الملحد فيبين أصل إلحاده ، ومنشأ هذا الإلحاد وسببه
وأقوال ذاك الملحد ونقولاته ، سواء كان من الصوفية الاتحادية أو
الحلولية وسواء كان من أهل الفلسفة أو من أهل المنطق ، أو من أهل
الهوى والزيف ، وقد يجمع له رسالة في ذلك ، أو كتاباً مستقلاً في
غصون كلامه في مؤلفاته.


كلامه مع الرافضة
من
أحسن كتب شيخ الإسلام على الإطلاق ( منهاج السنة ) ، ولو ذهب ذاهب
من مكة إلى الصين حافياً ماشياً لطلب هذا الكتاب لكان سفره قليلاً !
فإن الرجل بحق أتي بكتاب لم يسمع بمثله ، وجادت قريحته بهذا المؤلف
المبارك الخالد ، فبين كل البيان بالأدلة الشرعية القاطعة ، والحجج
العقلية ، وبالتنزل ، وبالحوار الصادق ، وبالكلمة الجزئية الناصعة
مخالفة الرافضة لأهل السنة ، واعتداءهم على أصحاب الرسول صلى الله
عليه وسلم ، وبهم للشيخين ، وكذبهم وافتراءهم وعدم معرفتهم بالتقل ،
وعدم صدقهم ،وعدم وضوحهم في المنهج ، والعجب في هذا الكتاب أنه
يستدرج خصمه ويستزله ثم يحفر له قليباً – كما يقول بعض أهل العلم - ،
ثم يضعه فيه ، ثم يطم عليه ويتركه مكانه ‍. ومنهاج السنة ظهرت
فيه أمور منها : الانتصار لأهل البيت ، ولأصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم ،ومنها بيان الكذب والزيف الذي دخل على الأمة من طريق
الرافضة ومنها أن الحق ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم في أهل البيت، وفي أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام ، وفي
المعتقد ، وهو الذي عليه أهل السنة واتباع السلف الصالح .


كلامه عن الخوارج
الخوارج
قوم مارقون منتسبون إلى الإسلام ، وأخبر صلى الله عليه وسلم بأنهم
يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، تحقرون صلاتكم إلى
صلاتهم ، وصيامكم غل صيامهم وتلاوتكم إلى تلاوتهم ولهم أتباع ويرون
الخروج على أئمة الجور ، ويرون سل السيف على الأمة ،ويكفرون بالكبيرة
،وقد تتبعهم ابن تيمية في كتبه وبين مخالفتهم واصل نشأة فكرتهم
الضالة وبين أسباب شططهم وجورهم ، ودمغهم بالدليل ، وبين الحق الذي
ينبغي في هذه المسائل بياناً شافياً كافياً لا عوج فيه ، فأثبت أن
أهل السنة ليسوا خوارج بل هم متبعون للدليل لا يخرجون على أئمة الجور
ولو ظلموا ما لم يروا كفراً بواحاً ، ولا يكفرون صاحب الكبيرة ما
لم يستحلها ، بل هو مؤمن ناقص الإيمان أو فاسق ، ويأخذون بالكتاب
والسنة ،ولهم منهج آخر مغاير للخوارج الضلال .


ابن تيمية وكلاه عن المرجئة
والمرجئة
قوم يقابلون الخوارج ؛فهم يرون أن أصل الإيمان واحد ، وأنه لا يزيد
ولا ينقص ،وأنه يضر مع الإيمان ذنب ، وأن صاحب الكبيرة مؤمن كامل
الإيمان ، وهذا كله خطأ مخالف للكتاب والسنة ، وقد بين ابن تيمية
خطورة هذا المسلك ، ورد عليه في كتبه ،وشرح وبسط ، وبين أن أهل السنة
ليسوا مرجئة ،وأن الإيمان يزيد وينقص ؛ ويزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية ، وأنه متفاوت والناس متباينون فيه على درجات ، وان إيماننا
ليس كإيمان أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وأن صاحب الكبيرة فاسق
بكبيرته ناقص الإيمان ، وأن الذنب يضر في الإيمان ، وكل ذلك مخالف
لما سارت عليه هذه الفرقة .


ابن تيمية والجهمية والمعطلة
نشأت
ناشئة من معطلة النصوص عطلوا أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى
وصفاته العلا ، ألحدوا فيدين الله عز وجل ، وقالوا بخلق القرآن ، وقد
صار لهذه الفرقة شأن وصوله وجولة في عصر المأمون ،وتصدى لهم الإمام
أحمد – رحمه الله – في مسالة القول بخلق القرآن ، وأتى ابن تيمية
بعده بقرون فبين أصل هذه الشبهة ، ورد عل الجهمية رداً مفصلاً في
كثير من كتبه ودحض زيفهم ،وبين أن أهل السنة ليسوا جهمية معطلة ،
وأنهم يثبتون الأسماء والصفات كما أتت في الكتاب والسنة ، بلا تكييف
ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تحريف ولا تعطيل ،وأن القرآن كلام الله عز
وجل ليس بخلق من خلقه، وإنما هو من أمره تبارك رب العالمين .




ابن تيمية وكلامه عن المعتزله

والمعتزلة
قوم قدموا العقل على النقل ، وقدموا الرأي على الدليل ، وأثبتوا
الأسماء ونفوا الصفات ، فتتبعهم ابن تيمية ورد عل أئمتهم ردوداً ،
وأورد من الأدلة القاطعة والجامعة المانعة ما يؤيد مذهب أهل السنة في
الباب ، وأن أهل السنة ليسوا معتزلة ، وأن النقل مقدم على العقل ،
وبين أن العقل أصلاً لا يتعارض مع النقل ،وأتي بكتابه الشهير الخطير
الذي يقول عنه ابن القيم ما طرق العالم مثل هذا الكتاب وهو ( درء
تعارض العقل والنقل ) في عشر مجلدات كبار ، بين فيه هذه الشبه
وزيفها ، ودحضها وأقام الحجة وأوضح المحجة لأهل السنة بجواب شاف كاف .


ابن تيمية والأشاعرة
الأشاعرة
اقرب الناس لأهل السنة ، ومن أئمتهم أناس نفع الله بهم ودافع بهمم
عن المللة ، بل ردوا على المعتزلة وردوا عل الجهمية المعطلة ، ولكنهم
خالفوا أهل السنة في كثير من المسائل ، بينها الشيخ ابن تيمية في
كتبه وأوضح الحق في ذلك ؛ كمخالفتهم في إثبات سبع صفات ونفى الباقي
من الصفات ، وبين أن القول في بعض الصفات كالقول في البقية ،وأن من
أثبت صفاته لله عز وجل يلزمه أن يثبت بقية الصفات ، وأن القول في
الصفات كالقول في الذات ، وقد ذكر هذه القواعد في رسالته المباركة (
التدمرية ) ، فليس أهل السنة اشاعرة بل يثبتون الأسماء والصفات
عل ما جاء به كتاب الله عز وجل وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
ويتقيدون في ذلك بالدليل ، وهم على ما قال أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، وما قاله تابعوهم بإحسان ، فليعلم ذلك .



ابن تيمية ولاكلامه عن الصوفية
كتب
ابن تيمية كتاب ( الاستقامة ) وجله عن مذهب التصوف ،وله كلام في
الصوفية في فتاويه ورسائله وفي كتب أحرى ، بين الحق فيها زيفهم ،
وبين منهم الغالي وصاحب البدعة المكفرة والمفسقة ، ورد على الحلولية
وعلى الاتحادية وكفرهم ، وذكر ائمتهم وبين شبههم ومخالفتهم لكتاب
الله عز وجل وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وكشف خطورة منهج
التصوف على الدين ؛ لأن الصوفية أماتوا الدين وعطلوا النصوص ،
وأماتوا الجهاد ، وشابهوا النصارى في قتل النفس ،وفي منعها من المباح
، وفي الصعاب ، وابتداع طقوس ما أنزل الله بها من سلطان ،وانتهاج
نهج مخالف لأهل السنة في سكناتهم ، في موالدهم وفي اجتماعاتهم ، في
هيئاتهم في خزعبلاتهم وترهاتهم ، كل ذلك رائدة الدليل والحق
وليس الهوى والتشهي .


ابن تيمية وكلامه عن القدرية والجبرية
[/center]
أهل
السنة يثبتون لله قضاء وقدراً فالذي قدر الأمور هو الله عز وجل ،
سبق علمه ثم كتابته ثم مشيئته ثم إنقاذه لقضائه وقدره جل في علاه ،
وخالف في ذلك طائفتان ؛ قدرته يرون أن الأمر لم يقدر وأنه أنف ، وانه
لم يسبق علم من الله عز وجل ، ومنهم من قال لم يسبق علم ولم يسبق
كتابه ، ومنهم من قال لم يسبق علم بل سبق تقدير ،
[font:9b
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:11 pm


توقيع ابن تيمية
لابن
تيمية كلام خاص يستميل العقول ، وله عبارات أخاذة مؤثرة تعلم
بالاستقراء أنها لابن تيمية ، فمن سبر كتبه وقرأ رسائله وتبخر في
علومه حفظ له مصطلحات وجمل وكلمات كأنها من الأمثال عند الشعراء ، أو
من الشواهد عند البلغاء ، حتى تصلح أن تكتب في براويز وأن تعلق من
جودتها ومن سطوعها ، مثل قوله : إن المعاصي تمنع القلب من الجولان في
فضاء التوحيد ، مثل قوله: ليس في العالم أحد يدور معه الحق حيثما
دار إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، فكلامه حجة على غيره وليس كلام
غيره حجة عليه، ومثل قوله : الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة ، والورع
ترك ما قدر يضر في الآخرة ،ومثل قوله : عن الفقير والغني أفضلها
أتقاهما عند الله ،ومثل قوله : علم الفلسفة كلحم جمل غث على رأس
جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ، ومثل قوله عن علم الفلسفة –
أيضا – إنه لحم خنزير في طاسة من ذهب ؛ يعني أنه خبيث في عبارات
براقة ، ومثل قوله : من اعتقد أنه سوف يهتدي بهدى غير هدى الله الذي
أرسل به محمداً

صلى
الله عليه وسلم ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا
يقبل منه صرفاً ولا عدلاً يوم القيامة ، ومثل قوله : كل أرض لا تشرق
عليها شمس الرسالة فهي أرض ملعونة ،وكل قلب لا يهتدي بهدي هذا الدين
فهو قلب مغضوب عليه .

الشاهد
أن للشيخ عبارات براقة سارت ها الركبان،وحفظها الأذكياء من الناس ،
وصارت كالطابع على البريد، وكالختم على الخطاب ، تحفظ حفظاً وتنقل
نقلاً .


عباراته
ابن
تيمية له أسلوب خاص يعرف بالاستقرار ، حتى إن من أدمن النظر في كتبه
يعرف كلامه ولو لم ينسب غليه ، فجزا لته وفخامته وقوته وإشراقه تميز
عن كلام غيره من العلماء ، فليس فيه ضعف وليس فيه هشاشة ،وليس فيه
تصنع ،وليس فيه تنطع ولا تكلف ؛ بل تجد النصوع والقوة والتدفق
والجلالة ،مع ماكساه الله عز وجل من بهاء ؛ لأن صاحبه متبع للدليل
مؤمن بربه ، صالح في نسه ، فأثر ذلك في كلامه حتى صارت عباراته أخاذة
يفيد منها الخطيب والواعظ والمؤلف والمصنف واصبح من أراد أن يقوي
كلامه يأخذ في غصون حديثه كلاماً لابن تيمية فيصبح مقبولاً عند الناس
ن وهذا من فضل الله على هذا العبد الصالح الجليل ن فليس فقط صلاحه
في نفسه وتأثيره في كلامه ن بل تأثيره في كتبه وعباراته الرائدة
الرائعة .


استدلالاته
ابن
تيمية – كما أسلفنا – صاحب دليل وبرهان ،وهو يستدل بالنقل وبالعقل
،ويستدل بالحال ،ويستدل بالمشاهدة ، وله في ذلك مقامات جليلة في عرض
المسائل، فهو يعرض الآية ويشرحها ويفصلها ،ويعرض الحديث الصحيح
ويبينه ، ثم يعرض الشبهة العقلي ويردد عليها برد عقلي ،ويرد على
القوم من كلامهم ،ويظهر تناقض الخصوم ويبين عوارهم ويظهر زيفهم
للناس، فهو ليس عاطفياً يجلب بخيله ورجله بلا برهان ولا دليل، بل
يطيل النفس في الاستدلال ، وتمضي معه في توافقه في استنتاجه وتعلم أن
الحق معه ؛ لأنه يذهب معك في طريق طويل ، ثم يجمع في هذه الطريق كل
ما يساند قوله من الحجة والبرهان والمثل والشاهد والآثار والاعتبار ،
كل ذلك مع نفس تأبي الظلم ولا تريد الباطل ن إنما تنشد الحق أينما
كان .


طول نفسه
ابن
تيمية – رحمه الله – واسع البطال وليس محدود الثقافة ، فإذا كتب
استطرد لجودة محفوظة وكثرة علومه وتعدد معارفه وتنوع تحصيله العلمي ،
مع ذاكرة جبارة هادرة غنية ثرية تثري الموضوع وتكفي وتشفي ، فيطول
نفسه ويسيل قلمه ويدخل من باب إلى باب ، ومن علم إلى علم ، ومن فن
إلى فن ، فلا يزيد إلا إشراقاً ، ولا يزيد إلا لموعاً ، ولا يزيد إلا
عظمة وفخامة وجلالة ؛ وسبب ذلك ما آتاه الله عز وجل من استعداد فطري
للعلم ، ومن قوة حافظته ، ومن غزارة مادته ، ومن صبر وجلد ، يظهر
ذلك في كتاباته ؛ فأحياناً يوجز في الجواب ويقول قد بسطت ذلك في موطن
، كذا ، وأحياناً يكرر الجواب ولكنه لا يكرره بفصه ونصصه ، بل يأتي
بفوائد عجيبة وغريبة لم يوردها في الجواب الأول ، وربما عرضت
له القضية عشرات المرات فيجب ويتكلم ، ثم يأتي بفوائد لم توجد أصلا
في العشرات التي مرت ، ويسأل أحياناً عن مسألة فيجيب عليها ، ثم يأتي
باستطرادات عجيبة وطريقة وشريفة تكون للسائل أفضل ضل وأفيد من جواب
السؤال الذي سأل عنه ، وهذا منهج معروف في الشرع .


سرعة خطه
من
لطائف سيرة الشيخ ابن تيمية أنه سريع الخط ، فخطه أسرع من كلامه إلا
أنه معلق اشد التعليق ومغلق ، يفكه بعض تلاميذه كابن رشيق وغيره ،
ولكن الساهد أنه ربما ألف في ألف الواحد أربع كراريس ،وربما ألف
الجلسة الواحدة كتاباً ( كالتدمرية ) ، و ( الحموية ، و( الواسطية ) ،
وقد درست كل واحدة منها في سنة دراسية في الجامعات ، وربما كتب
كتاباً في عدة أيام ، فكان يتناول القلم ثم لا يتوقف ، وليس عنده
أوراق ولا مراجع ولا كتب قريبة منه ثم لا مصنفات ، وإنما يفيض الله
سبحانه وتعالى عليه من فتوحاته، ومما استودعته ذاكرته العجيبة القوية
، فتنهال عليه وتسخو ، وتمطره بشآبيب من المعرفة ، وتسح سحاً وتسيل
سيلانً ، وتتدفق تدفقاً ، فيكتب سريعاً مملياً كل ما جاد به
خاطره في الموضوع ، من شرح لآية ، أو بسط لحديث ، أو كلام عقلي ن أو
كلام معرفي ، أو كلام لخصومه من الفلاسفة وأهل المنطق وعلماء الكلام
والفقهاء والصوفية ، ومن سار مسيرهم من كافة الطوائف .


تعدد معارفه
سبق
القول عن تفنن ابن تيمية في العلوم ، وأضيف هنا إن ابن تيمية لم
يكتف بمعرفة دون معرفة ، ولم يتخصص في فن دون فن ، بل ابحر وتعمق في
كثير من الفنون والمعارف ، حتى إنك إذا قرأت له في فن تظن أنه سخر
حياته لهذا الفن فحسب ، وانه اعتنى بهذه المعرفة فقط ، وما ذاك إلا
لعدة أمور ، منها : ما وهبه الله – عز وجل – من ذكاء بارع ، ومن
ذاكرة قوية ، ومن جد ومثابرة ، ومن تفرغ للبحث والقراءة والاستفادة ،
ومن نفس وثابة وهمة عالية لا ترضى بالدون ؛ فإنه على سبيل المثال
أتى إلى علوم أجنبية كعلم الفلسفة والمنطق وعلم الكلام فمهر فيها
وأبحر ورسخ ، ثم رد على أصحابها ونقض شبههم شبهة شبهة ، بين الحق في
هذه المسائل ، وقد رأينا وقرأنا لمن تبحر في علم الحديث مثلاً ،
فأفتى عمره في هذا العلم ثم لم يستطع أن يكون فقيهاً ،ورأينا من
رسخ في علم الفقه ومهر فيه ثم لم يستطع أن يكون محدثاً ، ورأينا من
تخصص في علم التفسير وأمعن النظر فيه فصار مفسراً ، لكنه قصر في علم
الحديث وعلم الفقه ، فما بالك بمن ألم بعلوم الإسلام علماً علماً ،
ثم أتى إلى العلوم الوافدة الغربية فمهر فيها علماً علماً ، فأتي
بالعجب العجاب ! ... ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل
العظيم .


تنوع أساليبه
ابن
تيمية له أساليب متعددة في طرحة للموضوع ؛ فمرة يوجز العبارة إذا
رأى أن المقام لا يحتمل الإكثار ، ومرة يبسط القول ويسهب ، ومرة يذكر
الدليل إذا علم أن السائل بحاجة غليه ، ومرة يكتفي بإيراد الجواب
والكلام فحسب ، ومرة يذكر الأقوال المتعددة في الباب ، ومرة يكتفي
بالقول الراجح ، وأحياناً يذكر الأدلة بإسهاب سواء العقلية أو
النقلية ، ومرة يكتفي بالنقل في الباب ، وأحياناً يصرح بأسماء أصحاب
الأقوال ، وتارة يكتفي بذكر الأقوال دون نسبة إلى قائليها ، وأحياناً
يأخذ الجزئية من المسالة فيذكر ما قيل فيها من القديم والحديث حتى
تأتي في مجلد ، وأخرى يأتي بها في اسطر ، وأحيانا تجده يرد على
الأقوال الضعيفة في المسالة ويبين الراجح ، وأحياناً يبين الراجح دون
أن يرد على الأقوال الأخرى ويكتفي بذكر الصحيح في الباب .


تاليفه
ترك
ابن تيمية للمكتبة الإسلامية تراثاً عامراً وتركه مباركة ، فهو من
أكثر من ألف على طول تاريخ الإسلام من أهل العلم ، لكنه تأليف جاد
مفيد ناع باق بإذن الله ، وهو من العمل الصالح الذي يبقى لصاحبه ،
ولا أعلم عالماً نفع بتأليفه الأمة في عدة فنون كهذا العالم ، ولا
أعلم عالماً نفع الله بتأليفه الأمة في عدة فنون كهذا العالم ، صحيح
أن أحمد بن حنبل –مثلاً- أو البخاري ، أو الشافعي ، أو مالك ، لهم
تأليف نافعة ، لكنها في أبوابها جزاهم الله خيراً عن الإسلام ، غير
أن ابن تيمية ترك عدة تأليف في عدة فنون ؛ فنفع أهل الإسلام في باب
التفسير ، والفقه ، والمعتقد ، وأصول الفقه ، والمنطق والفلسفة ،وعلم
الكلام ، إلى آخر ذلك ، فهو مفيد في عدة أبواب ، نافع في كثير من
الفنون،والعجيب في تأليفه أنها سارت بها الركبان ، وصارت حديث
الناس ، ودخلت الجامعات ، واستفاد منها أهل العلم على تعدد مشاربهم ،
فما بين مختصر وشارح ومستفيد وناقل وجامع .


ابن تيمية ليس ناقلاً فحسب
فرق
بين أن يؤلف الإنسان كتاباً فينقل الأقوال ويجمعها في الباب ، وأن
يأتي إلى الأقوال فينتقدها ويناقشها ، ويأخذ الصحيح منها ويترك
الضعيف ،ويستفيد من العبارات ويقوم المعوج منها ، ويثني على الطيب
ويعقب على الواهن والضعيف ، وهذا ما يفعله ابن تيمية ؛ فإنه لا يقبل
القول على عواهنه ، بل يناقش الأقوال عبارة عبارة ، وفصلاً فصلاً ،
ويشيد بالحسن الجميل ،ويرد الواهي الهزيل ، وتجدد يتجرأ حتى على
الأكابر في كثير من المسائل ،ويبين الوهم فيكل مسالة ، ويجمع أطراف
الموضوع ، ويأخذ المعلومة فيوظفها هو بعبارته ويكسوها بجلباب جملة
القوية الآسرة الأخاذة ؛ فإن له قاموساً خاصاً ، فيه من الجلالة
والفخامة والإشراف ما أمتاز به هذا الرجل ، فكأنه شاعر موهوب عبقري
يمتاز عن بقية الشعراء ، وكذلك كان ابن تيمية في المؤلفين ، له رونق
خاص ، وديوان متفرد يعلم أنه من كلامه لجلاله حديثة وسمو عباراته .


ابن تيمية ومسألة التوحيد

من
أعظم المسائل التي يجب البحث فيها والكلام عنها مسألة التوحيد الذي
بعث الله به أنبياءه ورسله عليهم الصلاة والسلام ،وقد أحسن ابن تيمية
كل الإحسان في هذه المسألة ، فاستولت على جل حديثة وكتاباته ورسائله
وتأليفه ، واعتنى بها كل العناية ؛ لحاجة البشر غليها ، فالله – عز
وجل – لم يرسل الرسل أصلاً ولم ينزل الكتب إلا لتقريرها ، فبسطها شيخ
الإسلام بأنواعها كتوحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد
الأسماء والصفات ، وتحدث عن أفعاله سبحانه وتعالى ، وتحدث عن مسألة
الشرك بأقسامه وبينها برسائل ومؤلفات ، وبسطها فبعدة مواطن ، ونوع
الأساليب فيها ؛ لأنه يعلم أنها أصيل الأصول وأنها أكبر المائل وأنها
أعظم القضايا ، فهو بحق منظر أهل السنة والجماعة في ماله
التوحيد ، وهو إمامهم من عصره فما بعده في قضية المعتقد ، وهو الذي
أقام هذا الفن وشرحه ودافع عنه وناظل عن قضاياه وبين الحق في ذلك.


ابن تيمية ومسألة التاريخ

تقل
الذهبي وغيره أن الشيخ مؤرخ ، وأنه يعتني بتاريخ الدول والرجال
والسلاطين ، وما سلف كافة الأمم والشعوب ، ومن يقرأ بعناية لتأليف
ابن تيمية يلحظ ذلك، حتى إنه يلحظ اهتمامه بتاريخ ما قبل الإسلام ،
حتى القضايا التي لا يهتم بها أهل العلم ، في الغالب تجده متجرأ فيها
ملماً بها فمثلاً سئل عن الإسكندر المقدوني فبين أن الإسكندر اثنان
، ثم شرح تاريخ كل واحد منهما ، وتجده يعنتي بالدول والأشخاص من
الأمراء والوزراء الذين مروا والسلاطين ، حتى ولو كانوا من دول غامضة
ليست معروفة عند الكل ؛ وسبب هذا حبه للاطلاع ، وشغفه بالمعرفة ،
وولهة باكتشاف المخبوء من العلوم والفنون والتخصصات ، وقد نفعه
ذلك في أن تكون له عقلية ثقافية متسعة ، وذهبية مطلعة متوثبة .


جلده على البحث
الذين
تكلموا عن ابن تيمية وصفوه بأنه لا يكل ولا يمل من البحث كما أسلفت ،
حتى في أوقات انشغاله ومرضه كان يجعل الكتاب على صدره ، وربما أكب
عليه ، فهو دائماً في بطون الكتب ، يذهب وراء المسألة في كل كتاب ،
فتكون شغله الشاغل حتى يلم بها ويحققها ويرسخ فيها ويجيد الحديث عنها
، فلا يكتفي بكتاب ، ولا بعالم عن عالم ، ولا بمذهب عن مذهب ، بل
يستطرد وراء المسالة ،ويكتنز شوا ردها ، ويجمع فرائدها ، ويلم بها
إلماً ، حتى يكفيك كلامه عنها فياي باب عن أي مؤلف ، أو أي عالم من
العلماء .


صبره على التحصيل

لا
يحصل العلم الذي جمعه ابن تيمية إلا بصبر على الطلب وجلد على
التحصيل ، وكذلك كان هو فإنه ا ستفرغ عمره كله ليلاً ونهاراً ،صيفاً
وشتاءً ، حلاً وترحالا في طلب العلم فكان يدور على المشايخ ،حتى دار
على أكثر من مائة عالم ، وجل مع أرباب المقالات ، وزار أهل التخصصات ،
كل ذلك وهو يلم ويحوى ما عندهم ويجمع ما لديهم، فتراه مكرراً لما
يحفظ ، أو متأملاً ، أو كاتباً ، أو مناقشاً،أو مناظراً ، أو مجادلا
أو مفيداً ، أو مدرساً ،أو مؤلفاً ،أو مدرسا أو مؤلفاً ، أو مراسلاً
،فكانت حياته علماً وعملاً ، ولا اعلم رجلاً من المتاجرين دفع عمره
كله للعلم والتعليم كابن تيمية ، ربما وجدت علماء تفرغوا للعلم
ولكن ليس كل التفرغ ؛ فعندهم ما يشغلهم من الزوجات والأبناء والمناصب
والوظائف ، لكن ابن تيمية ، ربما وجدت علماء تفرغوا للعلم ولكن ليس
كل التفرغ ؛ فعندهم ما يشغلهم من الزوجات والأبناء والمناصب والوظائف
، لكن ابن تيمية ليس له أسرة يقوم عليها ، ولا أبناء يشتغل بتربيتهم
، ولا تجارة يهتم بها، ولا وظيفة يقوم عليها ،ولا منصب يزاوله ،
إنما شأنه وقضيته الكبرى هذا العلم ن وتعلمه ،وتعليمه ، والعمل به .


دابة في نشر العلم

مما زاد محبتنا لهذا الإمام أنه نشر علمه نشراً لم يسمع بمثله ، نشره بعمله
فكان
كل من يقرأ سيرته ويعايشه ويعرفه تمام المعرفة يتأثر بسيرته وأخلاقه
وأوصافه ، - وهذا نوع من أنواع نشر العلم - ، وكان يتكلم في مجالسة
كلها عن العلم ، النافع المفيد ، فلم يشتغل بقضية غير العلم ، وليس
له حديث ي أمور الناس ، ولا في اسعارهم أو أخبارهم ، ولا في أخبار
سفرهم وإقامتهم ، ولا في صنوف معايشهم ، إنما همه وشغله وقضيته نشر
العلم النافع المفيد.

فقد
نشره بواسطة تدريسه ن فكان يعقد الحلقات في المساجد ليلاً ونهاراً
لا يشغله عن ذلك شاغل ، وكان ربما عقد الندوات للمناظرة النافعة
المفيد ، وكان ينشره بواسطة الرسائل التي عمت وانتشرت وبهرت الموافق
والمخالف ، وكان ينشره عبر الكتب النافعة المفيدة التي تصل إلى عشرة
مجلدات أو أكثر ، وكان ينشره عب الذهاب إلى الناس في أماكنهم والي
الملوك السلاطين وغلى الأمراء ، وكان لا يجلس مجلساً إلا أنشأ قضية ،
أو تحدث عن مسالة ، أو تكلم في باب من أبواب العلم ؛ فكان إما
مذاكراً أو مستفيداً أو شارحاً أو مؤلفاً أو مراسلاً أو خطيباً أو
مفتياً ،حتى في سجنه ؛ كان بعد أن تنتهي من عبادته وأوراده يشتغل
بمراسلة الناس بالفتاوى والكتابة في العلم .



صموده رغم المعوقات

فابن
تيمية لم يثنه ما حصل له من الأذى والكيد والمكر والمجابهة
والمواجهة ، بل زاده ذلك قوة وإصرار ومضاء واستمرار ، فإنه واجه من
الحسد ما الله به عليم حتى من أقرب المقربين إليه ؛ فحسده أرباب
المذاهب الإسلامية ،وأهل المشارب الفقهية ، وحسده علماء الكلام
،وحسده أهل الطوائف من غير أهل السنة ،وآذاه كثير من الولاة
والسلاطين ، فافتروا عليه ونسبوا إليه ما لم يقل ، ألفوا فيه الكتب
والرسائل ، وأهدروا دمه ، وافتوا بقتله وضللوه ،ودعوا السلطان إلى
سجنه .

وبالفعل
سجن خمس مرات ،وكادوا ، ومنعوا كتبه ومنعوه من التدريس ، ومنعوه من
الحديث ومواجهة الناس ، وتناولوا عرضه ، وشتموه وسبوه ، وجلد مرة من
المرات ، وأخرج من دمشق إلى مصر ، كل ذلك والرجل منشرح الصدر ، وصابر
مصابر محتسب على ما أصابه في سبيل الله مصر على تبليغ فكرته ، مستمر
عل الدعوة إلى الله عز وجل ، لا يزيده الكيد إلا قوة وثباتاً وصبراً
واحتساباً ، فصار مضرب المثل في ذلك كله ، وتعجب أصدقاؤه وخصومه من
شجاعته ومن إصراره – رحمه الله - ، فما ثناه حبس ولا قيد ولا جلد
ردود ولا تهديد ولا وعيد عندما قام له من تجديد أمر الأمة ، بل كلما
آذوه نشراً لعلمه ، وصبراً على خصومه ، وحباً لأصحابه ن وثقة في
وموعود ربه، وتفويض الأمر إلى خالقه ، ورضا بكفايته ووكالته –
سبحانه وتعالى - ، وتفاؤلاً بالعافية الحسنة ، وبذلك صارت له – بفضل
الله – العاقبة الحسنة ، فانتشرت كتبه وتأليفه ، وانتصر على حاسديه ،
وكبت خصومه وصارت الدولة له والدائرة على أعدائه .



ابن تيمية ونفسه الجادة

من
يقرأ سيرة هذا الإمام بالتفصيل يرى الجد والمثابرة في سيرته
العملية والعلمية ، فهو لا يعرف الهزل ولا الدعابة القائلة ، ولا صرف
العمر في حواشي المسائل أو اللهو واللغو والعبث ، أو فضول العلوم
والأعمال ، بل كان يختار أنفع المسائل وأفيد الأعمال وأفضل القربات ،
فهو الجد كله وكأنه منذر جيش ، وكأنه مدعو للقاء الله في كل غد .

فهو
يحرص على العمل النافع المثمر المفيد من الأقوال والأعمال والمؤلفات
والرسائل ، فلا يختار إلا أحسن الأبواب ، فتجده يؤلف في الأسماء
والصفات ؛ لأنه يعلم أنها من أجل العلوم بل من أفضل الأبواب ،ويستفرغ
جهده في باب المعتقد وفي مسالة التوحيد فيبسط القول في ذلك أكثر من
بسطه في فروع المسائل ، حتى إنه ألف في الأصول أكثر مما ألف في
الفروع ، وسئل عن ذلك فقال : من عبد الله في الفروع على مذهب أبي
حنيفه أو مالك أو الشافعي أو أحمد فقد أصاب في الجملة ، لكن الخطورة
أن يخطئ الإنسان في المعتقد أو الأصول ؛ ولذلك كفى الأمة في هذا
الباب أثابه الله .


ابن تيمية وأسلمة العلوم

هذه
عبارة عصرية حادثة ، ولكنك إذا نقلتها إلى عصر ابن تيمية تجده يؤسلم
المعرفة ، يأتي بالعلوم الداخلة والنون الوافدة عل المسلمين فيضعها
في ميزان الكتاب والسنة فيقبل الصحيح منها ويترك المخالف ويطرح
المرذول ، وهذا ما يطلق عليه أسلمة المعرفة ، فكلما سمع بفن قرأه
وأبحر فيه ثم عرضه على منهج الوحي ، وحاكمة في محكمة الرسالة الخالدة
، وعلى ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن وافق رضية وقبله وقال
هذا تحصيل حاصل فهو لدينا ، وإن خالف رده مهما كان قائلة كانت قوة
هذا القول .


ابن تيمية ومشروعه الإصلاحي

ابن
تيمية ليس كغيره من العلماء الذين همهم – فقط – التحصيل والنفع في
محيطهم وبني عصرهم ، بل له مشروع إصلاحي يهمه ويؤرقه؛ وهو إعادة
الناس إلى الكتاب والسنة وهو ما يسمى ( بالتجديد ) ، إذ تلحظ عليه
التقعيد لهذا الباب ، والنظرة العامة الشاملة للأمة ، والهم ،
لإعادتها إلى كناب الله –عز وجل – وسنة صلى الله عليه وسلم ، وتصحيح
مسارها ، وتوضيح الطريق الذي صار ملتبساً على كثير من الناس ، فليس
همه فقط أن يتخصص في الفقه ليكون مفتياً أو قاضياً أو خطيباً أو
معلماً ، لكن همه أن يجدد للأمة ما درس من دينها ، وأن يعيدها إلى
الجادة الأولى التي كان عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم والتابعون بإحسان ، وهذا المشروع الذي ترك أثره ونفعه في
الأجيال .

وإني
أقول كلمة حق : لو أن علوم هذا الإمام انتشرت في الجامعات الإسلامية
والمدارس وقامت بها الجماعات الإسلامية والحركات الإصلاحية ، لكان
فيها من النفع العظيم والإصلاح والتجديد ما كفانا وشفى غليلنا وأروى
عليلنا في هذا الباب ، لما وجد – بإذن الله – هذا التخبط والالتباس
في بعض المدارس الفكرية وبعض الدعوات الإصلاحية ، من غبش في مسألة
المعتقد ، ومن انحراف ، ومن بدع عند البعض ؛ لأن هذا الرجل – مع ما
أوتي من نظرة شاملة ومن تجديد وإصلاح – فيه من الصفات والصواب
والتسديد ما الله به عليم .


ابن تيمية ونظرته الربانية
علم
هذا الإمام علم مبارك ، يقول المعاصرين : ومن كرامات الأولياء ما
وهبه الله عز وجل ابن تيمية من علم ، فتجد غيره أعطي علماً على حسب
ما حصل وما حفظ ، وعلى حسب ما وجد من الكتب والمشايخ ، إلا هذا
الإمام وأمثاله فإن علمه علم مبارك غزير ، لا يمكن أن يكون بجهد بشري
فقط ، لكن بموهبة إلهية ربانية ، وكذلك كان نشره للعلم ، فقد كان
نشراً ربانياً لا يريد من ورائه سمعة ولا ، بل نشره خالصاً لوجه الله
– سبحانه وتعالى – مبتغياً ما عنده من ثواب جزي في الدار الآخرة .

فبارك
الله بأنفاسه وبكتبه وبرسائله وبدروسه ؛ إذ كان لها من الأثر والنفع
ما تلقته الأجيال بعد الأجيال ، وتشاغل به الناس ، واهتم الكثير ،
واستفاد منه العامة والخاصة ، وما زالت في ازدياد وانتشار ، وفي بركة
وزيادة ، وهذا من الفضل الذي وهبه الله هذا الإمام ، فإنك تجد في
كلامه من النور ، ومن النفع والبركة ما لا تجد في كلام غيره ، فإنه
يغذيك بصفحات مما يكتب ، ويزيد من معرفتك ،ويزيد من إيمانك ؛ لصحة
نيته ولصدقه مع الله عز وجل ، وإخلاصه فيما يقول وفينا يكتب ، وهذا
هو العلم المبارك النافع المفيد .


ابن تيمية والرسوخ العلمي

ابن
تيمية لا يجتزئ المسالة اجتزاء ولا يأخذ بطرفها ، وليس بالذي يريد
الإشارة غليها مجرد إشارة لكنه العالم الذي يقتل المسالة بحثاً ،
فيستولي على أطرافها ، ويفصلها تفصيلاً ، ويشرحها شرحاً كافياً ، بعد
الإيمان بها دراسة وبحثاً وتحصيلاً ، وهذا الرسوخ في العلم ، وإذا
لم يكن ابن تيمية راسخاً في العلم فمن هو الراسخ إذا ؟ والرسوخ هو
العمق والاستيلاء على المسائل ، والفهم كل الفهم فيها ، والتفقه كل
التفقه في دلالتها ، وكذلك كان ابن تيمية ، فإنه يتكلم عن المسالة
لواحدة كلام بصير بها عاف بوجوه الشيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله SnipeR%20%2811%29 عليها ، مبيناً أطرافها ، كلمة كلمة ، وفصلا فصلا ، وبابا بابا .


ابن تيمية وفقه النصوص

ميزة
هذا الإمام أنه صاحب نص ؛ مهتم بقول الله عز وجل وقول رسول صلى الله
عليه وسلم ، وليس مجرد حافظ وناقل للنص ، بل يورد الآية والحديث ن
ثم يشرحهما مستفيداً من كلام الأئمة الذين سبقوه ، ثم يأتي هو –
بفهمه المتدبر المتعقل لكلام الله عز وجل وكلام رسول صلى الله عليه
وسلم - بكنوز وبدور وبجواهر ما سمع بمثلها ، فميزته الكبرى الفقه كل
الفقه ، والفهم كل الفهم ، حتى إنه يرد على الأكابر من المفسرين ممن
تظن أن الواحد منهم فرد في بابه ، ومع ذلك يلاحظ وينتقد ويعترض ويقول
إن القول الصحيح في تفسير هذه الآية وفي شرح هذا الحديث وفي
هذا المعنى هو كذا وكذا ، كلام رجل مدرك لمقاصد الشريعة ملم بها ،
عارف بمدلولات النصوص ، متبحر في اللغة متعمق في النحو ، صاحب عقلية
مستنيرة ربانية مباركة .


ابن تيمية والمعاصرة

لما
حوى ابن تيمية الفنون وجمعها نفعه ذلك في أن يكون له أسلوب عصري
متميز ، غير متخل عن مبادئه وأصوله الأولى السلفية السنية ، ولكنه
يكسو كلامه بجلباب المعاصرة وبعبارات من عاصروه من العلماء ، بل
بالعبارات الجميلة التي تأخذ التي تأخذ بالألباب ، فهو يرى أنه لا
مشاحة في الاصطلاح ، وأنه لا غضاضة في أن يوظف الإنسان ثقافية ، وأن
يستفيد من مصطلحات معاصريه إذا كانت جميلة وكانت قوالبها أخاذة مؤثرة
لتحمل الحق الذي أخذه من الكتاب والسنة ؛ ولذلك كان يتكلم للفلاسفة
بمصطلحاتهم وللمتكلمين بجملهم ، ، وللصوفية بإشاراتهم ، وللمعاصرين
من الفقهاء بكلامهم ، وهذا الذي يسر له الانتشار ، والعموم ،
والاهتمام .


معرفته الخصوم
من
يقرأ لهذا الإمام وردوده على خصومه يعلم أنه ليس صاحب هوى ،وليس
مقصوده الانتقام الشخصي ، بل نصره الملة ، فإذا أت إلى الخصم تكلم
كلام معرفة بقول هذا الخصم ومن هو الخصم ، حتى يدخل في حياته الشخصية
، فتجده أحياناً يرد عل الفكرة الخاطئة ، ثم يأتي بصاحبها فيتناوله
بالنقد ، ويتكلم عن حياته مفصلاً ؛ كما قال عن ابن سبعين وعن ابن
عفيف التلمساني ، فإنه يقول : إن هذا ليس عفيفاً بل هو فاجر ، وهو
صاحب خمر وصاحب معاص ومخالفات ، ثم يذهب وراء حياته الشخصية فينتقده ،
فالرجل لا يتكلم عن خصومه بجهل ، لكنه يتكلم بعلم ومعرفة عن حياتهم
وأقوالهم تستغرب أن يلم بها ، فلما تكلم – مثلاً – عن ابن الخطيب
الرازي بين أن له فصائد يشكر عليها ، وأن له ردوداً على الملاحدة
يحمد عليها ، رغم ما عنده من بدعة ومخالفة للسنة .


هروبه من المناصب
أتت
الدنيا ابن تيمية راغمة ، لكنه ردها بنفس راغبة عنها وعن مناصبها
وزينتها وزخرفها وأموالها ، أ‘رض عنها قاصداً عامداً متعمداً ، وترك
المشيخة ورئاسة القضاء والولايات وما أعطي من أموال ، تركها كلها
لوجه الله ، وأعرض عنها وردها واكتفى بمسجده وبيته الصغير ، بنشر
العلم ويجاهد ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فانزل الله منزلة
وفوق منازل قاضي القضاة ، وفوق منزلة الملوك والسلاطين والأمراء
والوزراء والتجار ، فبقي أثره في الأمة وانتشر علمه ، أما كتب قاضي
القضاة – مثلاً – وكتب أهل الولايات ، فإنها لا توجد في الغالب ،وليس
لها ذلك الأثر ،ولم يسمع بها ، ولم تنتشر ،ولم يتناقلها الناس ،ولم
تدرس في المدارس ن بل فقد الكثير منها ، وما وجد منها فأنما هو محصور
في زوايا ضيقة ، لم يكتب له ذلك الانتشار ،ولم يستفد منه تلك
الفائدة ، ويكفي ابن تيمية أن تراثه أكثر انتشاراً وشهرة ونفعاً
للأمة ، وأنه أكثر اثراً من كثير من الدول ، بل لو قلت جازماً غير
مغال إنه أنفع للمتأخرين من الدولة العباسية التي عاشت ستمائة سنة
وحكمها سبع وثلاثون خليفة ، لما كنت مبالغاً في ذلك؛ نفعه في كتبه
ورسائله انتشر في الجامعات والمدارس وعلى المنابر وفي حلقات العلم ،
وفي وسائل الإعلام ، وفي المنتديات والمؤتمرات ، ما لم ينتشر أثر هذه
الدولة التي عاشت هذا العمر الطويل .


ابن تيمية يصنع التاريخ
ابن
تيمية – في حقيقة الأمر –صار حديث الركب ،وصار قضية الناس ، وصار
الشغل الشاغل للعالم في عصره وبعد عصره ، حتى يحق فيه قول القائل :
إنه مالىء الدنيا وشاغل الناس ‍... يقول فيه المستشرق جولد زيهر :
وضع ابن تيمية ألغاما في الأرض فجر بعضها محمد بن عبد الوهاب ،وبقي
بعضها لم يفجر حتى الآن ‍ وإنك لتجد ابن كثير في ( البداية والنهاية )
– مثلاً – وهو يتحدث في عصر ابن تيمية يجعله الشغل الشاغل ،
فأحياناً ينسى من تاريخ الدولة ويذكر ابن تيمية وحده فيقول : دخلت
سنة كذا وكان ابن تيمية في جبل كسروان يجاهد النصيرية ، ودخلت سنة
كذا وكذا وكان ابن تيمية في الحبس ،ودخلت سنة كذا وكذا وقد ذهب ابن
تيمية من الشام إلى مصر ن فصار هذا الإمام هو القضية ، فهذه هي
المكالمة والمنزلة ، وهذا هو المجد والعظمة ، وهذا هو الشرف والملك
الباقي ، حيث صار هذا الإمام بحق هو شغل الناس الشاغل ،
متشاغلين بردوده وكتبه ؛ إن سجن انشغلوا به ، وإن أفرج عنه صار
حديثهم ، إن ذهب وغاب صار قضيتهم ، وإن حضر صارا حدوثتهم ، فهو العلم
والإمام الذي نشر له هذا القبول بسبب صدفة مع ربه سبحانه وتعالى .


ابن تيمية داعية

من
أعظم صفات العالم أن يدعو غيره إلى ما يحمله من علم ، ,أن ينشر ما
حصله ، وأن يبلغ عن الله عز وجل وعن رسول صلى الله عليه وسلم ما
استودعه من ميراث ، وكذلك كان ابن تيمية ؛ فإن مما يميزه بين العلماء
أنه تحرك بعلمه ، ودعا إلى الله بعمله ومقاله وقلمه وكتبه ورسائله ن
فلم يقتصر علمه على الفيتا فحسب ،ولم ينتظر في بيته ليأتيه الناس ،
بل ذهب إلى غيره وزار الأماكن العامة ، وتكلم مع الخاصة ،ودخل عل
السلطان ، وحاور الفرق المخالفة ، وناظر المبتدعة وراسل الأقاليم ،
فكان بحق رجلاً مباركاً أينما كان، وهذا أحسن ما يكون ف العالم إذا
عمل بعلمه أن يدعو إلى هذا العلم المبارك ، كما قال سبحانه : ( ومن
أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين
) ، وكذلك كان هذا الإمام المقدم في بابه وفي صفاته كان مضرب المثل
في نشاطه الدعوى ، وف حركته الإصلاحية وف تجديد العالمي .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:11 pm


تأصيله للمسائل

ابن
تيمية لا يلقى الكلام على عواهنه ، ولا يأتي بكلام متفرق لا رابط
لهن وليس بحاطب ليل ، بل هو الراسخ في علمه – كما أسلفنا - ، فكان
إذا أتى بمسالة أصلها ، وذكر منشأها أسسها ، وردها إلى قواعدها ، فهو
مهتم بالتأصيل وبالقواعد الكلية وبجوامع المسائل اهتمام رجل سبر غور
الشريعة ، وعرف مقاصدها ، وأدرك أسرارها ، وكشف غوامضها ، وغاص على
دررها ، فكان إذا ظن أن السائل لا يفهم المسالة رجع إلى اصل المسالة
ن ثم فرع على هذا الأصل ورد السائل إلى هذا الأصل، وضرب أمثله
بجزئيات كثيرة على هذه الكلية ن وذكر أمثلة لفروع هذا الأصل حتى يشفى
ويكفي ويكون السائل على بصبرة .


تكريره وبسطه
لابن
تيمية طرق في الإحاطة ، وطرق في التأليف ، وطرق في الفتوى وفي عرض
المسائل ؛ فمرة يكرر الجواب إذا علم أنه لم يعلم من مرة واحدة أو
مرتين ، وهو يقول : إنه لابد للحق من أساليب متنوعة ومن أطروحات شتى
حتى يفهم ويعرف ، وكلما كرر أبدع وأحسن واشرف ، وأحياناً يكتفي بجواب
واحد ، لكنه يبسطه ويكثر الإيراد عليه ، ويأتيه من عدة جوانب ،
ويطرقه من عدة أبواب ، ويفتح له السبل ، حتى تنكشف للقارئ المسالة
بطول ما يبسطه الشيخ وما يذكره من أدلة ،وأمثلة ،ومن شواهد ن وقصص ،
ومن شرح، حتى لا يدع مجالاً للغموض أو التساؤل .


جرأته
الشجاعة
القلبية موهبة من الله عز وجل ، وثبات النفس عطية بمنحها الله من
يشاء من عباده ، ومن مزايا هذا الإمام انه ثابت الجنان ، قوي القلب ،
لا يهاب المواقف ، ولا يخاف الموت ولا ينكص على عقبيه طعماً في
الحياة وعشقاً في البقاء ، بل يقدم إقدام من باع نفسه من الله عز وجل
، فلا يخاف من بشر ، ولا يرهب إنساناً ، إنما خوفه وخشيته من ربه
سبحانه وتعالى ، فهو المتوكل – حقيقة – على الله ، المفوض أمره غليه ،
قال أصحابه وطلابه ما رأينا اشجع قلباً ، ولا أقوى عزيمة ، ولا أمضى
شكيمة ، ولا أثبت جناناً من ابن تيمية ، كان يهدد بالسيف فيمضي
صابراً محتسباً ولا يخاف ، وسجن عدة مرات فما رهب وما عاد عن رأيه ،
ودخل على الملوك فكاد يزلزل عروشهم بكلامه القوي الصادق العميق ،
وكان يشرح فكرته في كل مكان ، وكان إذا دخل بلاط السلطان كأنه يخطب
خطبة الجمعة ، فيكون لصوته صولة ، وله جولة وهيبة ، وعليه مهابة فلله
دره ما أقواه ‍

لولا المشقة ساد الناس كلهم شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh الجود يفقر والإقدام قتال ‍

تعظيمه لربه
لا
خير في علم العالم ولا دعوة الداعية إذا لم يعظم بذلك ربه ومولاه
ويوقره ، ويكون أحب إليه مما سواه ، ويخافه أكثر من غيره ، ويرجوه
ويرهبه ، وكذلك كان ابن تيمية فتعظيمه لربه – سبحانه وتعالى – ظاهر
من كتاباته وفي رسائله وتأليفه ، وحتى قال بعض الفضلاء من المعاصرين :
كنت إذا ضعفت في إيماني عدت إلى المجلد الأول في ( الفتاوى ) ،
وقرأت تعظيم ابن تيمية لربه، ومدحه لمولاه ، وكلامه عن قدرة خالقه
سبحانه وتعالى وعن أسمائه وصفاته ، بأسلوب عجيب يأخذ بمجامع القلب ،
ويستولي على منافذ النفس ، وهذا ملاحظ ، فتجده إذا ذكر اسم الجلالة
عظم ومدح وأثنى ، وهو يذكر آلاء الله عز وجل ، ويحبب ربه إلى خلقه
، ويقدس مولاه وينزهه ، ويتكلم عن أسمائه وصفاته بكلام لم أره
لمن قبله من أهل العلم ؛ فإنه يعظم الله بما عظم الله به نفسه في
كتابه ، وما عظمه به رسول صلى الله عليه وسلم في السنة ، وبكلام
السلف ، ويورد إيرادات عجيبة ، يكاد ينخلع لها القلب ، وتدمع لها
العين، ويقشعر لها الجلد ، فلا تقرأ له مقالاً في تعظيم الله عز وجل
إلا وتزداد إيماناً ويقيناً ومحبة وتعظيماً لربك سبحانه وتعالى ،
وهذا من بركة العلم ومن فتح الله عليه .


توفيره لرسول الله صلى الله عليه وسلم
توفير
الرسول صلى الله عليه وسلم أمر واجب ، ومحبة الرسول صلى الله عليه
وسلم فريضة ، والانقياد إلى أمره والانتهاء عن نهية حتم ، وابن تيمية
تلميذ بار في مدرسة الرسول الله صلى الله عليه وسلم ن وطالب نجيب في
جامعة الرسول صلى الله عليه وسلم المباركة ، فقد كان يوقر رسول
الهدى صلى الله عليه وسلم ويحترمه وينصر أقواله ، ويقدم قوله على قول
كل قائل من الناس ن ويقول ليس في العالم أحد يدور معه الحق حيثما
دار إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، ودافع عن رسول صلى الله عليه وسلم
، وأوذي بسبب هذا الدفاع ، وألف كتابه الشهير ( الصارم المسلول على
شاتم الرسول ) صلى الله عليه وسلم . أنك تجد في غضون كلماته من
إنزال الرسول صلى الله عليه وسلم المنزلة اللائقة التي أنزله بها
ربه ما الله به عليم متحاكم غليه ،وليس كإيراد أهل الرأي أ, الفلاسفة
أو علماء المنطق ، الذين أعرضوا عن السنة وقدموا العقل على النقل ،
بل كان يتحاكم إلى كلام الرسول عليه الصلاة واللام ويرد الناس غليه ،
ويرى أنه الحجة الناطقة إذا صح، وأنه لا يسع أحداً في العالم أن
يخرج على أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .


عدله وإنصافه
بنى
الله السموات والأرض وخلقهما عل العدل ، والظلم جريمة بشعة سواء كان
في الأقوال أو الأعمال ن ومما يلحظه المطلع على ميراث هذا الإمام
العدل في ردوده ، والعدل في أجوبته ، وطلب الحقيقة ، فيس بالمتشفي ،
ولا بالجائزة ، ولا بالظالم ، ولا بالذي يهضم الناس حقوقهم ويبخس
الناس اشياءهم ،ولا بالذي يتجنى عليهم ، ولا بالذي ينسب إليهم ما ليس
فيهم ، وليس بالذي يفرج بغلطات أهل الخير من علماء الإسلام ن بل
تجده يرد رد منصف طالب للحق ن وكان يردد كثيراً التحذير من الجور ومن
الحيف ن ويبسط كلامه في مسألة : ( وحملها في الإنسان إنه كان ظلوماً
جهولاً ) ؛ فيبين كيف وقع الظلم والجهل في الأقوال والأعمال ويربأ
بطالب العلم وبالعالم أن يجوز في الحكم على الأشياء ن وأن يحيف ويظلم
غيره ، ويحذر من ذلك أتم التحذير .


ابن تيمية والوسطية

يقول
سبحانه وتعالى : 0 وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) ، والتوسط في الأمور
يدل على العلم التام ، والخشية المتناهية ، والعقل الراجح ، وكذلك
كان شيخ الإسلام ؛ فهو يحمد ربه – سبحانه وتعالى – أن هل السنة وسط
في المسائل ، كما أن أهل الإسلام وسط في الدين واملة ، فهم وسط بين
اليهود والنصارى ، وكذلك أهل السنة وسط في باب الأسماء والصفات بين
المجسمة الممثلة والجهمية المعطلة ن ووسط في القضاء بين القدرية
والجبرية ، ووسط في الوعد والوعيد ين المرجئة والخوارج ، ووسط في حب
أهل البيت بين النواصب والروافض ، ويستمر ابن تيمية – رحمه الله –
في تعداد هذا الوسط ،ويدعو غليه وينهجه ويحببه ويعتنقه ،وأن من
نعم الله – عز وجل – على طالب العلم وطالب الحق وحامله أن يكون وسطاً
في كل أموره ، حتى في أخلاقه وسلوكه ن فإن الدين جاء بالوسط لا
إفراط ولا تفريط ، ولا غلو ولا جفاء ،القصد القصد تبلغوا ما في
الحديث ، والتوسط في الأمور هو المحجة الصحيحة التي ينبغي أن يسلكها
طالب العلم في أقواله وأعماله .


ابن تيمية وروح التجديد
ابن
تيمية نسخة لم تكرر إلى الآن في حد علمي ، فليس كغيره من الآف
العلماء الذين نشؤوا في الأقاليم والمدن ، فكرروا أنفسهم ، وكرروا
غيرهم ، فتجد القاضي سبقة الآف القضاة وأتي بعده الآف القضاة ن وهو
نسخة طبق الأصل للهؤلاء في علمهم وفي فهومهم وفتاويهم وأحكامهم ،
وليس كغيره من المفتين الكثر – مع أن الله نفع بهم – لكنهم يحفظون
متوناً ، ويكررون الكلام السابق لائمتهم ، ويتعصبون لمذاهبهم ،
ويقلدون شيوخهم ، ولا يخرجون قيد أنملة عن ما تلقوه من أرباب المذاهب
ن أما ، إما ابن تيمية فإنه لم يأت ليحفظ متناً ويدرسه ويعلمه الناس
، بل أتي مجدداً لشريعة ربانية اندرست معالمها قبل القرن الذي كان
فيه ن فأتي – بفضل الله – في وقته المناسب وفي زمانه وفي مكانه ، آتى
يدعو إلى العودة إلى الكتاب والسنة عودة صادقة ن وينبه الناس أنهم
وهنوا في بالتمسك بالنص ن ويبين أن البدع غنما دخلت على الأمة
ببعدها عن الوحي فصاح في الأمة صيحة قوية عالية سمعها من شاء الله أن
يسمعها ،صيحة تدعو الناس إلى العودة إلى المعين العذب الزلال الذي
لا ينضب ؛ وهو الحي المبارك كتابا وسنة ، فدعا إلى التجديد في باب
المعتقد ، وفي باب العبادات والمعاملات ، وفي الأصول والفروع ، وفي
الأخلاق والسلوك ، وألف في ذلك كتباً فكان ، حقاً – هو المجدد في
عصره وفي العصور التي تليه، وما رأيت حركة إصلاحية بعد عصر الصحابة
والتابعين والأئمة المشهورين مثل حركة ابن تيمية ، ومن أجل روح
التجديد قام المقامات الشريفة والمواقف الجليلة ، وأوذي بسبب هذا
التجديد ، وبسبب الدعوة الإصلاحية ، ونسب إليه أنه يخالف الأئمة
ويختلف عن السلف، وهذه تهمة كاذبة لا أصل لها ، بل هو الذي نصر مذهب
الأئمة الكبار ، وهو أذى أعاد الناس إلى منهج السلف ، وهو الذي
أوضح السنة وجدد أمر الدين ، فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء .


ابن تيمية والشمول

كثير
من أهل العلم من يبرع في مسائل أوفي باب أو في تخصص أوفي علم من
العلوم ،أما هذا الإمام فإنه، - في رايي – برع في العلوم كلها ، فهو
متمكن في باب المعتقد ،وفي الفقه ، وفي الحديث ، وفي التفسير ،وفي
أصول الفقه ، وفي اللغة وفي النحو ، حتى إن من اللطائف أن أهل الفنون
يستشهدون بكلامه ؛ كابن هشام صاحب ( شذور الذهب ) الذي استشهد بكلام
ابن تيمية في النحو ، وكان يعاد غليه في اللغة ، وكان يسأل عن
الرجال في علم الحديث ، وكان يناظر كبار الأئمة في أصول الفقه ،
ويعلو عليهم ويغلبهم ، ورد على الفلاسفة وكتب كتاباً في المنطق ،
وقالب وهم أصحابه في كثير من المسائل وتكلم في علم الهيئة، وفي علم
الفلك ، ومن يقرأ كتبه يصاب بدهشة من عمقه ، وعلو كعبة وسعة دائرته
في العلوم ، واتساع ذهنه في المعارف ، حتى صار قصة في هذا الباب ،
وأعجوبة في هذه القضية .


ابن تيمية والأولويات
الحكمة
موهبة يهبه الله من يشاء ، وهي السداد في القول والفعل ، ووضع
الأمور مواضعها وإيتان الأمور من أبوابها ، وكذلك كان الشيخ ؛ فمثلاً
في باب العلم كان يقدم الأول الأول ، فتجده مهتماً بمسألة التوحيد
الكبرى التي هي أعظم مسالة في العالم ، وأجل قضية في الكون، فكان –
رحمه الله – يبسط القول في مسائل المعتقد ، ويوضح ذلك أتم التوضيح،
ويجاهد من أجله ويناظر عليه ، وكان يلتمس العذر في مسائل الأصول ولا
يلاين ولا يتنازل عن شيء ن بل يوضح التوحيد بأبوابه ومسائلة أوضح
بيان ، ويدعو إليه ، ويغضب إذا خولف في ذلك وينتصر له أتم الانتصار ،
ويلوم ما وقع فيه الكثير من التهاون في باب توحيد الباري سبحانه
وتعالى ، وما حصل نتيجة ذلك من انحراف وابتداع ، فكانت جل كتبه في
الأصول، وغالب بحوثه في المعتقد ، حتى نظر للمعتقد – سواء في
الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات – تنظير ، وقعد له تقعيد ،
واصل له تأصيلاً استفاد منه الملايين بعده – رحمه الله- وصارت كتبه
هي للرجع في المكتبة الإسلامية لمن أراد أن يتعمق ويكشف أسرار
الإيمان والمتعقد .





ابن تيمية والعبقرية
إذا لم يكن هذا الذكاء بعينه شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh فإني بالقاب الذكاء كفور
وإن لم تكن ألقابكم عبقرية شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh إذا فشهود العبقرية زور !

إن
لم يكن ابن تيمية عبقرياً فلا أدري من العبقري ؟ ! وإذا لم يستول
على منصب الألمعية فليس لأحد أن يترقى هذا المنصب ! وإذا لم يكن هو
الذكي اللماح إذا لم نسمع بعد الصحابة بذكي لماح ! إن من أجل ما
استوقف المؤرخين والكتبة وأهل السير والباحثين في سيرة هذا الإمام
عبقرية الفذة فقد أفاض الله عليه من أسباب الذكاء وموهبة الفهم ما
صار حديث الناس وقصة السمر لهم ، سواء الموافق منهم أو المخالف ،
ورأيت كثيراً من أعدائه وحسادة يذعنون ويعترفون بنبوغه ، وبقوة
ذاكراته وبحافظته الفياضه ، لكنهم يخالفونه في المسائل حسداً من عند
أنفسهم ، وبغياً من لدنهم ، والشاهد أنه لا يختلف الصديق ولا العدو
على أن ابن تيمية كان عبقريا بمعنى الكلمة ، حتى إن بعض الغربيين كتب
عن سيرته ،وأفرد بعض المستشرقين بحوثاً عنه ، وتناولته دور
المعارف والمجامع العلمية بالدراسة والتحليل ، وألف في سيرته مئات
التأليف ؛ فمنهم من يأتي بابن تيمية في باب الدليل ،ومنهم من يأتي به
في باب المحادة والمجادلة ، ومنهم من يذكر سيرته على وجه العموم ،
ومنهم من يتناول مسالة المعتقد أو أصول الفقه عنده ، ومنهم من يأخذ
مسالة فحسب ، ويبحث عن حياة هذا الإمام وعن جهوده في هذه المسالة ،
ومنهم من يتناوله مؤلفاً أو فقيهاً أو مناظرا أو مجاهداً أو محدثاً
أو مفسراً ،كل ذلك من الأدلة القاطعة على عبقرية هذا الرجل ، ولا
أعلم عالماً بعد ابن تيمية – إلى الآن – أتى في قدره ، وفي علو
منزلته ، وفي ارتفاع مكانته ،وفي سعة علومه ورسوخه العلمي وعمقه
المعرفي ، لا أعلم عالماً مثل ابن تيمية منذ أن نشأ هذا الإمام إلى
الآن ، وقد وتصفحت كثيراً من التراجم ،وعدت إلى كثير من السير لأحد
من يشابهه أو يمكن أن يقارن به من قرنه الذي عاشه حتى الآن فلم
أجد ذلك، ووجدت من شهد هذه الشهادة من العلماء وقالوا : لن يتكرر
هذا الإمام ! لكن الله عز وجل قدير ، وفضله ًواسع ، إلا أن هذه
الحقيقة تفرض نفسها ! وهي أنه فرد في بابه منذ أن نشأ إلى الآن، أي
فيما يقارب سبعة قرون، وإذا كان للمعتزلة عظيم في كل ألف – كما قالوا
عن النظام- ، فإن العظيم من عصر ابن تيمية إلى عصرنا هذا هو شيخ
الإسلام ابن تيمية نفسه ،فغفر الله له رحمه الله .


ابن تيمية ليس مقلداً ولا متعصبا

العالم
لي مقلداً ، والمقلد ليس من أهل العلم؛ لأنه لا يقلد إلا من ضعفت
بصيرته ، أو قل ذكاؤه ، أو ضحل علمه ، ولم يكن ابن تيمية كذلك ، بل
هو الذي الأريب العالم المتبحر البصير بدينة؛ولذلك كان- رحمة الله –
مجتهداً يعمل بالدليل ، ويستنبط بنفسه بعد أن فتح الله عليه ، ولم
يكن متعصباً لقول أحد من أهل العلم ، إنما كان قصده الحق ومطلبه
البرهان ، فإن يذهب مع الدليل أينما ذهب ، وقد رأيت في كثير من
المسائل أنه يرجح غير المذهب الذي نشأ عليه وهو المذهب الحنبلي ؛
فأحياناً يرجح الحنفي أو المالكي أو الشافعي ، أو يأخذ قولاً غير
الأقوال الأربعة إذا رأى أن الدليل يسانده ويسعفه ، فليس من متعصبة
الفقهاء الذين يغلبون أقوال المتهم ، ويرجحون مذاهبهم بالتشهي
والهوى ولو خالف الدليل ، بل كان سائرا مع المذهب الحق ، طالباً
الحقيقة ، متعصماً بالكتاب والسنة ، لا ير إلا الدليل من قال الله
وقال رسوله عليه الصلاة والسلام ، ويوصي بذلك في كتبه ورسائله .



إخماله لمعاصريه
من
المدح الذي يشبه الذم لابن تيمية أنه أخمل معاصريه من أقرانه
وزملائه وكانوا نجوماً في العلم ، ولكن طلعت شمسيه فاختفى كل كوكب ،
كما قال النابغة

فإنك شمس والملوك كواكب شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
فكان
ابن تيمية – بحق – رجل المرحلة ، فلما ظهر لم يكن لغيره ما له من
الصيت والصولة والجولة والمكانة والمنزلة ، فصار حديث المجالس ومشغل
الدول ، وكان حديث الركب حتى ضرب بعلمه وبذكائه المثل ، فالذين كانوا
أئمة في عصره كالمزى والذهبي والبرزالي ، أو من أصحاب وطلابه كابن
كثير ، أو من أقرانه كالسبكي والزماكاني ، وغيرهم كثير لم يكن لهم
ذلك الاشتهار والانتشار مثل ما له ، بل كان بعض هؤلاء الأئمة الكبار
إنما يشتهر لأنه صاحب ابن تيمية ، أو طلب العلم عليه ، أو رافقه ، أو
رد عليه وعارضه .


ابن تيمية وفقه التيسير
الدين
يسر ، ومن أعظم صفات الدين أنه سهل لا صعوبة فيه ولا تعقيد ، والله
يقول : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) ، وقد فهم ابن تيمية ذلك ،
وفقه هذه المسالة أتم الفقه ، فكان – رحمه الله – يسيراً سهلاً في
فتاويه ، وفي أحكامه الصادرة ، وفي مناقشاته ، يدرك اليسر في دلالة
النصوص ، وفي مقاصد الشريعة ، فتجده إذا تكلم في أبواب المعتقد أتي
بأيسر المسائل ،وبين لك أن الدين أتي لرفع الحرج ووضع الآصار
والأغلال عن الأمة ، وتكلم عن مسائل العفو والتوبة والمسامحة
والمغفرة والرحمة ، وإذا تكلم في الفروع أتى بالرأي الأيسر الذي
يسعفه الدليل ، فكم من مسألة شاقة إنما جاءت مشقتها من أهل الفقه
كالمسح على الخفين مثلاً ، أو القصر في السفر والفطر فيه ، أو غير
ذلك من مسائل الطهارة ، أو الصوم، أو الصلاة أو الزكاة أو الحج أو
غيرها من المعاملات، فيأتي هذا الإمام فبين أن هذه المشقة ليست
في كلام الله عز وجل ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن الصحيح
في هذه المسالة كذا وكذا ، فيكون قولة هو أسهل الأقوال في الباب ،
مع العلم أنه لم يخرج عن الدليل وإنما كان الدليل معه – رحمه الله –
فلابد أن تكتشف هذا الأمر في بحوث ابن تيمية ، وفي كتبه ، وأن تعلم
أنك إذا قارنت كلامه بلام غيره من الفقهاء والأئمة والعلماء ظهر لك
أن قوله – في الجملة – أيسر الأقوال وأسهلها والينهاا وأحسنها
وأقربها للدليل .


نقصه بالدليل لكثير من المسائل المقررة
كم
من مسألة قررت في كتب الفقه وبخاصة كتب المذاهب ، وجاء هذا الإمام
وبين أن الحق في خلافها ؛ خذ مثلا المذهب الحنبلي الذي نشأ عليه ابن
تيمية وأهل بيته ،كم من مسالة قررت درسها الناس ونشأ عليها طلبة
العلم ، فلما جاء هذا الإمام بين أن الحق خلافها ، فالحنابلة –
مثلاً – يبدؤون كتب الفقه بقولهم ك المياه ثلاثة أقسام ، فيخطئم
ويقول المياه قسمان فقط : طاهر ونجس ، ويقولون – مثلاً – إذا اشتبهت
ثبات طاهرة بنجسه صلى بعددها وزاد صلاة ، فيبين أن هذا خطأ ، بل عل
المصلى أن يتحرى ولا يلزمه أن يصلي بعددها والمسح على الخفين اشترطوا
فيه شروطا ليست في الكتاب ولافي السنة فيبين أن هذا من الآصار
والأغلال ، واشترطوا مسافة محددة بالأميال بالسفر فيبين أن هذا ليس
موجوداً في الكتاب ولا في السنة ، بل لا يسمى سفراً أيضاً ،وفي
مسائل الحيض أتوا بمسائل شاقة على المرأة بين أن السنة خلاف ذلك
بالدليل والبرهان ، وفي مسائل المعاملات والبيع والشراء والصرف
والإجارة وغيرها ن=من الأواب بين ونقص كثيراً من المسائل بالدليل
البرهان ، ولم يأته بقول أحد إلا بقول الله عز وجل وقول رسول صلى
الله عليه وسلم ، فكان يعظم هذا النص ويحترمه ويوقره ويعمل بمقتضاه



معرفته لأسرار السيرة

هذا
الإمام ملم بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه ، عارف
بدقائقها ، مطلع على تفاصيلها ، قضية ، ومسالة مسالة ، والعجيب أنه
إذا تكلم في الخلافة والملك وقضايا الصحابة والمغازي والسير والملاحم
لا يوردها إيراداً فحسب ، بببل يقف وقفة مستبصرة متفقة عالم ويخرح
لك كنوزاً وهو بكتب في هذه القضايا ،دون أن يسبق إلى هذه الكنوز التي
يستخرجها ؛ أذكر على سبيل المثال انه ذكر حديثين عن الرسول
r
الحديث الأول : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين .." الحديث
والحديث
الثاني : " اقتدوا باللذين من بعدى أبي بكر وعمر ، وكلا الحديثين في
السنن ، قال أما الأول فإنه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
بالاقتداء بالأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ؛ لأنهم على
هداية في الجملة ؛ ولأنهم من أفضل الصحابة رضوان الله عليهم أو كما
قال ، ثم خصص صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر في الحديث الثاني ؛
لأنه كمل زهد أبي بكر وعمر في الرئاسة والمال ، وأما عثمان فتأول في
المال ، وأما علي فتأول في الدماء ، فخصص صلى الله عليه وسلم أبا بكر
وعمر بتمام اتباعهما وكمال رشدهما رضي الله عن الجميع .

وفي
مسألة أخرى لما ولى أبو بكر خالد بن الوليد ، ثم لما تولى عمر
الخلافة نزعة وعزله وولى أبا عبيده ، قال ابن تيمية في ذلك : إن أبا
بكر رجل لبن رقيق يصلح له رجل قوي شديد وهو خالد بن الوليد ، وإن عمر
قوي شديد يصلح له رجل لين رقيق وهو ابوعبيدة ، فبين أن من السياسة
الشرعية أن يكون الخليفة والقائد على خلاف في بعض الصفات ، ليكمل أمر
الأمة في اللين والقوة والشدة ، إلى غير ذلك من الأسرار التي ذكرها
في كتبه – رحمه الله –


لماذا لم يفسر القرآن كاملاً ؟
طلب
من ابن تيمية أن يفسر القرآن ، فرد بأن غالب القرآن واضح معلوم
للقارئ ، وإنما هناك آيات تحتاج إلى شيء من البيان والتفسير ، وهذا
الذي قاله صحيح ، مع العلم أنه ينسب إليه أن له تفسيراً كاملاً فالله
أعلم بذلك ، لكن في الجملة لم ار له إلا تفسير بعض الآيات في
القرآن، واشتغل – رحمه الله – بالتأليف والفتيا وتأصيل المعتقد والذب
عن السنة والرد على الطوائف ، ولكن العجيب أنه إذا أتى إلى آية
وأراد شرحها جاء بشيء لا يوجد – غالباً – في كتب التفسير ؛ من براعة
الاستنباط وحسن الاستدلال وعميق الفهم ورسوخ الفقه ، وربما سأل قلمه
فأكثر في الآية وأورد إيرادات واستشكل إشكالات وحلها وبين
الصواب في ذلك ، وربما رد على كبار المفسرين وناقشهم من حيث الدلالة
واللغة ، ومن حيث المقاصد الشرعية ، ومن أراد أن ينظر في ذلك فلينظر
إلى الأجزاء التي جمعت له في باب التفسير ، مع العلم أنه نسب إليه
أنه فسر ( إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه ) على المنبر في الأسبوع مرة
واحدة يوم الجمعة فيما يقارب ثلاثين سنة ، فدخل في الرسالة والرسل ،
وأتى بكلام عجاب ، كتب بعضه وبعضه لم يكتب .


لماذا لم يؤلف ابن تيمية
كتاباً جامعاً في الفقه ؟
لم
يعلم عن ابن تيمية أنه ألف كتاباً جامعاً في الفقه من أول أبوابه
إلى آخره ؛ لأنه كان مشغولاً بقضايا أهم ؛ فهو يرى أن كنت الفقه
موجودة على المذهب ، وأنها مبسوطة ومختصرة ومتوفرة ، لكن الأهم من
ذلك – كما يبين هو – مسائل الأصول في المعتقد ، ونصره السنة ، والرد
على المخالفين من الكفرة والمبتدعة الضلال ، وكان هذا شغله الشاغل ،
فلم يكرر نفسه أو يكرر المكتبة الإسلامية ، بل جاء بالجديد المؤصل
النافع المفيد ، وأتى بشيء لم يكن موجوداً من قبله ، وسد على الأمة
فراغاً كبيراً ، وبنى لها صرحاً من التأصيل العلمي والتأليف النافع
المفيد . ولم يشرح ابن تيمية كتاباً – فيما أعلم – إلا ( العدة ) ،
شرح منه جزءاً ، ولكنه لم يشرح كتاباً فقهياً كاملاً من أوله إلى
آخره على حد علمي ؛ لأنه اشتغل بما هو أهم وأعظم كالدعوة ونشر العلم
والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


التفاؤل والرجاء عند ابن تيمية
صدر
ابن تيمية منشرح ، ونفسه قوية واثقة بربها سبحانه وتعالى ، وهو صاحب
ثقة فيما عند الله عز وجل ، ومتفائل بالنصر دائماً والعاقبة الحسنة
لأولياء الله ، وهو حسن الظن بربه ، وينظر بنظرة متفائلة للأمور ،
وهو صاحب رجاء ؛ فإذا تكلم فيما أعد الله لأوليائه أسهب وأظنب ، وإذا
تكلم عن أهل التوحيد بين ما لهم عند الله عز وجل من مصير مبارك ،
وأذا تكلم عن التوبة رغبك في رحمة الله عز وجل ، وحبب إليك الإنابة ،
وقربك من المغفرة ، وذلك على طريق العودة إلى الله عز وجل ، لا تقرأ
في كلامه اليأس ، ولا تفهم منه القنوط ، ولا تجد فيه إحباطاً ، كما
يفعل بعض غلاة الصوفية الذين يقتلون النفس بكثرة التأنيب وسياط
التأديب ، ويكثرون من النقول في مسألة الخوف حتى يصاب الإنسان
بالإحباط والقنوط واليأس من روح الله ، فيترك العمل ، لكنك كما قرأت
لابن تيمية وجدت نشاطاً وانبساطاً وراحة وقوة على العبادة وعلى الذكر
، وزال عنك الهم والغم والحزن، وهذا أمر مجرب شهد به أصحابه وطلابه ،
ومن شك في ذلك فليأخذ فترة من فترات الزمن ويبقى على اتصال بكتب هذا
الإمام ، ثم لياخذ فترة أخرى ويقرأ لغيره ، ليجد البون الشاسع في
هذه المسألة الكبرى .




ابن تيمية والشعر

الأدب
– في العموم – قالب جميل وحسن يقدم فيه العالم علمه ، وابن تيمية
صاحب عبارة أخاذة آسرة ساحرة في الجملة ، ولكنه لم يكن شاعراً
بالمعنى الحقيقي ، ربما نظم القصائد والأبيات واستشهد لكبار الشعراء
كالمتنبي وغيره ، ولكن بحد وباقتصاد ، وربما شرح البيت الذي يورده ،
فيأتي بشاهد على كلمة في اللغة ، أو بدليل لرايه ، أو ينقل لكلام
غيره من النظم ، إذا أراد ؛ فقد كتب قصيدة رد فيها على يهودي في أكثر
من مائتي بيت في جلسة واحدة ، وكان يكتب المقطوعات التي فيها الدعوة
إلى الله عز وجل ، وبيان مذهب الحق ، وربما استشهد بالبيت بالعيد في
مسألة المحبة والخوف والرجاء ، وهذا من الاستشهاد الإشاري .


ابن تيمية والأمثال

إذا
أسهب ابن تيمية في الحديث أورد بعض الأمثال التي سارت في الناس ، أو
أنشأها من نفسه هو ؛ مثلاً تحدث عن ( البطائحية ) في وجود أصحابه
وطلابه – والبطائحية فرقة صوفية ضالة ، كان عندهم شيء من الإسلام ،
فكانوا إذا ذهبوا إلى الكفار مت التتار ظهرت بعض الكرامات لهم ، فإذا
، فإذا جاؤوا إلى أهل السنة بطلت كراماتهم ! فقال شيخهم له : ما لنا
إذا ذهبنا إلى الكفرة التتار ظهرت كراماتنا وإذا أتينا إليكم بطلت ؟
قال : مثلكم ومثلنا ومثل التتار كخيل دهم – يعني فيها شيء من البياض
– إذا دخلت بين خيل سود ظهرت بيضاء ، و، إذا دخلت في خيل بيضاء ظهرت
سوداً ، فأنتم دهم ؛ لأن عندكم شيئاً من الإسلام ، والتتار سود
لما عندهم من الكفر ، ونحن بيض لما عندنا من نور السنة ، فإذا
ذهبتم إلى التتار ظهر بياضكم الباقي عندكم فصرتم بيضاء ، وإذا أتيتم
إلينا ظهر سوادكم لظهور السنة ووضوح الحق لدينا ، قال : فتعجب
الأصحاب من مثلي ! وسمع صوفياً يقرأ ( فخر عليهم السقف من تحتهم ) !
فضربه وقال : لا عقل ولا قرن ! لأن العقل يدل عل أن السقف من فوق ،
والقرآن فيه( فخر عليهم السقف من فوقهم) . وله أمثال في ذلك لا يتسع
المقام لذكرها، مما يدلك على سعة دائرة الرجل ، وعلى فهمه وبراءته
وذكائه ، واستخدام كافه الثقافات في تقوية ما يدعو إليه وما ينشره في
الناس من علم .


كتب ابن تيمية بين العامة والخاصة
لابن
تيمية كتب لا يفهمها إلا الجهابذة العباقرة كـ ( درء تعارض العقل
والنقل ) ؛ فإن فيه من المسائل الشائكة ، وقوة الاستدلال ، وصعوبة
العبارة ، ما يرد بها عل أهل الفلسفة وعلماء المنطق ، ونجده – وهو
يرد على هؤلاء – يوغل ويسهب ويتعمق في مسائل لا يدركها العلماء
العاديون أو صغار طلبة العلم، فضلاً عن العامة ، فهذه ميزة ابن تيمية
؛ يوجه الخطاب للناس على كافة المستويات ، فله كتب يخاطب بها خواص
الناس ،وله كتب ميسرة سهلة ككتاب ( الواسطية ) أو منهاج السنة أو (
اقتصاد الصراط المستقيم ) أو ( الصارم المسلول على شاتم الرسول ) صلى
الله عليه وسلم ،وغير ذلك ، فميزته أنه لكل الطوائف ؛ فمن أراد
الإيغال والعمق والدقة فله كتب ، ومن أراد السهولة والشرح والبسط
فله كتب ، وغالب رسائله وفتا ويه في ( الفتاوى ) تفهم من العامة إذا
قرئت عليهم من أول وهلة ؛ لأنه يوضحها ويسهلها ويجلبها ويقربها ،
بخلاف غيره من العلماء ، فإن بعضهم إذا ذهب وراء التخصص الدقيق كعلم
المنطق أو الفلسفة أو أصول الفقه أغلق العبارة ، وتكلم إلى طائفة
خاصة ، ثم لا يستطيع أن يخاطب العامة ، وبعضهم إذا تكلم للعامة بسط
العبارة وشرحها ، ولكنه لايرتقي أسلوبه ليخاطب به خاصة أهل العلم
والندرة الذكية منهم .



ابن تيمية ومسألة التكفير
ابن
تيمية معتصم – كما قلت – بالدليل ، عامل بالبرهان كتاباً وسنة ،
مطلع على أسرار الشريعة ، عارف بمقاصدها ؛ ولذلك كان كلامه في
التفكير من أحسن الكلام ، حتى إن له من الجدة في الحديث في هذا الباب
، والبراعة في التأصيل ، ما لا تجده عند غيره ، فقد نظر لهذه
المسألة ، وأورد عليها أمثلة ، وطرحها بشتى الطروح ، وعدد الأساليب
في ذكرها ، فاشترط وجود الأسباب في التكفير ، وانتقاء الموانع ، وجاء
بمسألة الخطأ ومسألة العذر ، ومسألة التأويل ، ومتى يكون التكفير ،
وتكفير المعين ، وماذا يمنع التكفير ، والقول المكفر ، والفعل المكفر
، وغير ذلك ، حتى صار كلامه مرجعاً في الباب ، ورأيت من ألف في
مسائل التكفير أو ذكرها من الأئمة المعاصرين أو المتقدمين من بعد ابن
تيمية ، فإذا هو يعود إلى هذا الإمام ويستشهد بكلامه ، ويقبل
قوله ، ويحتج برأيه في هذه المسالة العويصة .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:12 pm



التسلسل الفكري عند ابن تيمية

ابن تيمية لا يخلط الأوراق ، ولا يورد الكلام على
عواهنه ، بل يبدأ المسألة متدرجاً فيها من
أولها إلى آخرها ، كالباني الذي يبنى لبنة لبنة ، وكالذي يصعد السلم درجة درجة ؛ فهو يبدأ بكمن أول
المسألة مؤصلاً لك ، ثم يأخذ بيدك نقطة نقطة ، وفصلاً فصلاً ، وباباً باباً ، حتى ينتهي بك ، فلا يدخل
الكلام بعضه في بعض ، ولا يعاضل في الحديث ، ولا يكون في كلامه ارتجاج ، بل تجده – مثلاً – إذا تكلم في
مسألة الإيمان، أو مسالة الكفر ، أو
البدعة ، أو الفسق ، أو غيرها من المسائل ، وبنى كلامه بعضه على بعض ، حتى يظهره لك فكرياً اثريا يمكن أن
تجعله بحثاً مستقلاً . وقد رأيت له بحوثاً في ( الفتاوى ) عن سجود السهو والنوافل والأذكار والصدقة
وغيرها ، فوجدت أنها بحوث متكاملة ، ربما لو انفصلت في رسالة ( ماجستير ) ، أو ( بحث جامعي
) لكفت وشفت ،ولما وجدت معترضاً
.






ابن تيمية المجتهد المطلق


بقول بعض الفضلاء:
إذا لم يكن ابن تيمية مجتهداً مطلقاً فلا ندرى من
هو المجتهد المطلق ؟ ، فكل ما ذكره أهل المذاهب والعلماء في شروط المجتهد توفرت في ابن تيمية
مجتمعة ، وزاد عليها في شروطه ؛ فإن ذكروا
الحفظ فهو آية في الحفظ ، وإن ذكروا الفهم فهو مضرب المثل
في الفهم ، وإن ذكروا معرفته بالمقاصد
فهو إمام يرجع إليه في ذلك ، وإن ذكروا علمه باللغة فحسبك به ، وإن ذكروا قدرته على الاستنباط ، ومثله يكون
مرجعاً في المسألة الاجتهاد ،وقد تلكم فيها هو وأوعب الحديث فيها أيعاب ، وأملى فيها فصولاً ،وتكلم بإطناب عن
الاجتهاد والتقليد ، ومن يتتبع فتاويه ورسائله يجد أنه بلغ الغاية في الاجتهاد ، حتى إنه
لحظ على بعض الأئمة الكبار الخطأ في كثير من المسائل وفي الاستدلال ؛ وبين سبب خطئهم فيها ، وغلظهم في بعض القضايا ، وبين غلظهم بالدليل والبرهان
والحجة الدامغة التي لا تقبل الرد ، وقد أثنى عليه كثير من الأئمة ممن ترجموا له كالذهبي ، وكالشوكاني
في
(
البدر الطالع ) ، وذكروا أنه الغاية في هذا الباب – رحمه الله –


ثناء الأصدقاء والأعداء عليه


لا يجتمع الناس
في الثناء على رجل إلا وقد فاق الأقران ، وابن تيمية
من أكثر العلماء الذين حصل لهم حظوة ، ووجدوا محبة وقبولاً من الناس ، فأما أصدقاؤه وأحبابه وطلابه
فحدث ولا حرج ، فمنهم من قال العبارات التي صارت كالأمثال ؛ كقول بعضهم فيه
: لو حلفت بين الركن والمقام أتي ما رأيت مثله ، وأنه ما رأى مثل نفسه لصدقت وما حنثت ، كقول ابن حيان
المفسر الأندلسي : أنه لم ير مثل
ابن تيمية في الناس ابدأ ، وقول ينسب
لبعض العلماء أنه لما رأى ابن تيمية لمبالغته في الكلام
، وقول ينسب للمزي
أنه قال : لم يأت مثل ابن تيمية من خمسمائة سنة ، وكلام لو ذهبنا نجمه لخرج لنا مجلد كبير من الثناء الحسن على إمامته ، وزهده ، وصدقه ، وتواضعه ، وبراعته في التأليف وفي الفتيا ، وجهاده ، ودعوته ، وإصلاحه ، وأمره بالمعروف ونهية عن المنكر ،وشجاعته ، وكرمه ، وتقشفه ، وغير ذلك من أخلاقه التي ألفت فيها الكتب ؛ فقد ألف البر زار وابن عبد الهادي وأناس من المعاصرين بحوثاً ورسائل وكتباً فيه ، والعجيب
أن الأعداء اثنوا عليه وببعض الجوانب ؛ لأنه
أصبح كالشمس كما يقول المتنبي :


وكيف يصح في الأذهان شيء شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Clip_image001إذا احتاج النهار إلى دليل ؟ !

فحتي أعداؤه من أقرانه وصفوه بالحفظ ، ومنهم من وصفه
بالزهد ، ومنهم من وصفه
بالتمكن ، بل العجيب إني سمعت علاماً من علماء السنة
لقي عالماً شيعياً وتباحثاً في كتاب ابن تيمية (منهاج السنة ) الذي رد فيه على الرافضة ، فوجد الشيعي
منزعجاً من هذا الكتاب ، ولكنه كان يقول للسني
: لو أن عند كل طائفة رجلاً مثل ابن تيمية
لوجب على هذه الطائفة أن تفتخر بهذا الرجل وتتشرف ، وحق لكم أنتم يا أهل السنة أن تفتخروا بهذا
الإمام وتتشرفوا به ، وكثير من الطوائف – حتى من
المخالفين – تعجب من ذكائه ونبوغه ، وذهل من عبقريته ؛ لأن المسألة أصبحت قضية ظاهرة ما تقبل اللبس ولا يختلف فيها اثنان ،
ولا يستطيع أحد أن ينكر الشمس إذا
طلعت على الناس ، أو يشكك في ضوئها ، أو يشكك في نورها هذا لا
يكون ، ولذلك كان ابن تيمية فارضاً احترامه على الصديق والعدو،
مثبتاً بجدارة أنه إمام يستحق الاهتمام والاعتبار والإنصات والإعجاب ، وكان مقصده – رحمه الله – ما عند الله عز وجل ،
فحصل – إن شاء الله – ثواب الآخرة ، والثناء المستمر في الدنيا ، وهذا لسان الصدق في الآخرين
.


ابن تيمية رجل المرحلة

لاشك أن الله سبحانه وتعالى هيأ الظروف والأحوال لخروج
مثل هذا الرجل الإمام المجدد ، إذ كانت
الحياة السائدة في عهده حياة تدعو إلى الرثاء ، وتستجدى بزوغ نجم مجدد مصلح كبير ، يكون في مثل عقل
ابن تيمية ،وعلمه ، وخشيته ، وشجاعته ، لقد كانت الحالة العقدية بها غبش في التصور ، فظهر الشرك عند
القبوريين الذين يطوفون متبركين بالقبور ؛ فظهر كثير من المهنة والمشعوذين والسحرة والدجالين
والأفاكين ، ووجد كثير من المبتدعة بشتى مشاربهم ونحلهم
ومذاهبهم الخاوية المنحرفة ، واستشرى فساد سياسي يتمثل في
الظلم من الحاكم ، والجهل بالشريعة ، كما ظهر الفساد في
القضاء من انتشار للرشوة ،وجهل بالشريعة ، وحيف وجور وظلم ،
مقيت ، وجهل بالنص ، وبعد عن الدليل ، وبرز الفساد في مسالة الأدب ، حيث تراكم نتاج شعراء أفسدوا
في المسيرة الأدبية ، وانحرفوا عن الجادة ؛ لما تركوا من لغو آثم وتركه فاسدة منحرفة عن الصراط
المستقيم ، من الفجور والإلحاد.والفسق والعصيان ، كما وجد من يصد عن منهج الله عز وجل في
المجتمع ممن يدعو إلى انغماسه في الدنيا بحالة ومقاله ، من فوائد هذه الآية الكريمة يدعو إلى ترك السنة ، من
فوائد هذه الآية الكريمة ينصب نفسه للناس إماما وهو ضال مضل ، من فوائد هذه الآية الكريمة يعطل
الشرائع ؛ كفرقة البطائحية ، وكالنصيرية
الضالة المنحرفة ، وكأتباع غلاة المتصوفة ، وأتباع ابن عربي الحلولي الاتحادي ، وغير ذلك من أرباب المسالك الجائزة فيهأ الله خروج هذا الإمام الذي أتى فملأ الزمان والمكان بالحق المورث عن ولد عدنا صلى الله عليه وسلم ، والملهم من الرحمن ، فأتى مصلحاً مجدداً
.
فبدأ بالعقائد
فأوضح الحق في هذه المسالة ، ودعا دعوة تامة عامة
كاملة للعودة إلى التوحيد الصحيح ، وأنه أصل الأصول ، فبين ووضح وشرح ورد كل شبهة ترد على هذا الأصل
العظيم
.
ثم أتي إلى
الفقه فدعا الناس إلى الاعتصام بالدليل ، مع توفير الأئمة ، وبين في أول كتاب ( الاستقامة ) أن الناس في هذه المسألة
طرفان ووسط
:
فطرف جمد على الظاهر ولم يحترم الأئمة ولم يشتغل بالاستنباط والفقه ، وقابله طرف آخر عظم أقوال الأئمة
واصلى الله عليه وسلمأرباب المذاهب على حساب الدليل والنص ، فغلا في التعصب وإفراط في التقليد ، والصحيح
الوسط وهو الاعتصام بالدليل من الكتاب والسنة وتقديم قول الله عز وجل وقول رسوله صلى الله عليه
وسلم عل قول الرجال ، كائناً من كل صاحب
هذا القول ، مع احترام الأئمة وعدم المساس بهم رضوان الله عليهم ،
وأتى إلى مسالة السنة فأوضحها للناس وبينها ودعا إليها بأقواله
وأعماله وأحواله ، ورد على كل من خالفها ، أتم كل بحسبه ، وفت باب خصومات مع أعداء السنة ، فجابههم أتم المجابهة لما تقتضيه حكمته وبصيرته ، وأوذي في كل
الأذى وهو صابر محتسب متلذذ بما يصيبه في ذات الله ، ومستعذب العذاب في سبيله ، فكانت
العافية له ، وهي سنة الله –عز وجل – في رسله عليهم الصلاة السلام ، واتباع رسله إلى يوم القيامة
.

ثم أتى إلى
الفساد السياسي فدعا الحاكم إلى العمل شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام ، وشافه الحكام بهذه الدعوة وراسلهم وكاتبهم
، ووجد من بعضهم الأذى ، وحبس في ذلك وأظهر دعوته ، وكتب في ذلك ( السياسة الشرعية ) ، ونهى عن الظلم ،
ودعا إلى تقديم الملة على الأحكام الوضعية
القانونية الأرضية ، وأخبر بأنه لا يسع أحداً من الناس
– سواء الملوك أو العامة – الخروج عن شيء من شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام
، وقام في ذلك المقامات التي شهد بها القريب والبعيد وزار السلاطين في بلاطهم ، ودخل دواونيهم ، وخطب بين
أيديهم ، وكاتبهم وراسلهم ،وقام المقامات
المشهودة عند العامة ، في مجامع الناس ، ونازل
أعداء الشريعة وبارزهم في الميادين العامة ، وفي المجالس الخاصة ،وفي أماكن النظر ،وفي محلات
التدريس ، فكان بحق شاغل تلك الفترة بالحديث
والأخبار والأخذ والعطاء .


ابن تيمية وعلاقته بالدولة في عهده

لا شك أن ابن تيمية صحب في تلك الفترة السلاطين من
المماليك ومن الأمراء الذين يتبعون للدولة
العباسية في أواخر عهدها الانحطاط والضعف ، وهؤلاء السلاطين نافذون في مصر والشام ، وكان
عندهم جور وظلم ، وهم في الجملة مسلمون ، فعاملهم بما يقتضي الحال من النصيحة والإرشاد والتوجيه ،ولم
يوافقهم على باطلهم ، ولم يأخذ أعطيا تهم ، ولم يدخل في شيء من وظائفهم ،ولم يتقلد لهم مناصب ،ولم
يتول لهم زلالية ، وإنما كان همه إصلاحهم
وإعادتهم إلى منهج الله عز وجل وإلى شريعة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولنه في المقابل لم يخرج عليهم ، ولم يدع
إلى السيف والمبارزة ومقاتلتهم ؛ لأمور منها :أنه يحتكم
إلى الشرع الذي يدعو صاحبه صلى الله
عليه وسلم إلى عدم الخروج على الإمام والراعي المسلم ما لم نر
كفراً بواحاً عندما فه من الله برهان ، فالمعاصي والجور والظلم لا
تقتضي الخروج على الحاكم مهما كانت ؛ لأن
الخروج أعظم مفسدة من البقاء تحت ولايته ، لما ينتج من ذلك
من افتراق الكلمة ، وسفك الدماء ، وذهاب الأموال ، وانتهاك الأعراض ، والفساد في الأرض بكل أنواع
الفساد ، فكان ذلك منهج ابن تيمية ومنهج أئمة
الإسلام وعلماء الملة على طول التاريخ تعاملهم مع الحكام
الظلمة ، وهذا هو المنهج الصحيح الذي أثبت صلاحه ونجاحه على مر الدهور والأعوام
،وهو الموافق لشرع الله عز وجل
.

لماذا لم يكون ابن تيمية جماعة

لم يعرف عن ابن تيمية –رحمه الله – أنه كون جماعة أو
نظم فرقة معه ، تأمر بالمعروف وتنهى عن
المنكر ، صحيح أن له طلاباً وأصحاباً ، لكن لم يكن بينهم تنسيق وتنظيم حتى يصحبوا جماعة تعرف
بين الناس ، لها خطتها ولها برنامجاً ، ابدأ لم يحصل هذا ، ومن قال ذلك فعليه الدليل ، والمؤكد
أن ابن تيمية لم يفعل ذلك؛ لأنه فعل فعل علماء
الإسلام وأئمة الدين ممن سبقه من أهل السنة ،
ولو أنه كون جماعة لا اقتضى الحال أموراً
.
فإما أن تنظيم
هذه الجماعة في طاعة الدولة المعاصرة له وتنقد أوامر السلطان في عهده فيكون هذا تحصيل حاصل ؛ لأنها لن تأمر بالمعروف ولن تنهى عن المنكر إلا بإذن من
السلطان ، ولن تقوم بعمل رعي عام الإ بسماح منه ، فكأنها لم تفعل شيئاً ، فالناس في عهده
في الجملة لا يعلون إلا بإذن السلطان سواء من العلماء أو القضاء أو المحسنين أو الدعاة فما فائدة تكوين جماعة
نأتمر بأمر السلطان ؟ والناس كلهم أصلاً
مؤتمرون بأمر السلطان فلم يكن هناك شيء جديد إذا وأما
أن تقوم هذه الجماعة بأمرها ولا تراجع
سلطاناً ولا دولة، فتأمر بالمعروف متى شاءت ، وتنهى عن المنكر متى شاءت ،وتكون لها منهجا صالحاً سنياً على نظرها
دون أن تعود إلى سلطان أو دولة ، وحينئذ لن ترضى الدولة المعاصرة ،ولن يرضى السلطان ،وسيقع التصادم ، ثم يستمر
الحال ، فإما أن تمضي الدولة كلمتها ،وتمضي
أمرها أو تأتي هذه الجماعة فتتفذ أمرها وكلمتها وتمضي أمرها ، وحينئذ يقع التصادم والاختلاف ، وتقع الفرقة ، وينتهي الحال إلى أراقه الدم ،وهو ما حصل في بعض العهود من قيام جماعات قصدها نصره الدين
، ولكنها واجهت دولاً ، فسكفت الدماء ، وفتحت المعتقلات ، ونهيت الأموال ، وانتهكت الأعراض
، ووقع فساد عظيم واختلاف وشر في الأمة ،وهذا الذي منع ابن تيمية من تكوين جماعة أو فرقة ،وكان الذي فعله عين
الصواب ، وهو الذي اثبت لابن تيمية قوته وجدارته ، وترك له أثرا علميا ودعوياً وإصلاحياً وتجديدنا مباركاً ، وتركه
طيبة من العلم النافع ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهذا المطلوب ؛ فإن إقامة دولة مسلمة هو أمر مطلوب عل
العام والخاص ،ولكن إذا لم يستطيع الإنسان إلا أن يكون في
ظل دولة مسلمة ،وعندها قصور وجور وظلم وأخطاء ، فإن عليه أن
يبقى الله عز وجل ، وأن يعمل
بالشرع في لك ، وأن يدعو ويصبر ،وأن يطيع في طاعة الله عز
وجل ولا يوافق في المعاصي ، لكنه لا يخرج عليهم ولا ينابذهم السيف ،ولا يدعو غل الفرقة ؛ لأن الشر في
ذلك عظيم والفساد كبير
.

أثر ابن تيمية في أصحابه وطلابه

من آثار العلم المبارك في حياة العالم أن يكون له اثر
طيب على أقرانه وزملائه وأتباعه وأصحابه
وطلابه ، وهذا ما حصل مع ابن تيمية ؛ فلا يعلم في العلماء المتأخرين ممن أثر في أصحابه وطلابه
من بعده من القرون كابن تيمية ، فكان ينفع الله بمجالسه وبدروسه ، وباللقاء به ، وبمعايشته والسفر معه ، ما
شهد به أصحابه وما رايتا أثر ذلك في طلابه ،
حتى إن الواحد منهم كان في جهل وفي انحراف ، حتى صحب
هذا الإمام وغيره ، فوجد من النفع العظيم
، واستقامة الحال ، وانشراح الصدر ، وصلاح العمل ، وسداد القول ، والبركة في الوقت ، ما صار تاريخاً
يكتب ، وما ذلك إلا لبركة هذا الإمام الأستاذ المعلم – رحمه الله - ؛ فكان مبارك الأنفاس ، تعود بركته
على أصحابه ، وهذا دليل على صدقة وإخلاصه ،وأعمار أوقاته بالطاعة والنوافل والعبادات والأوراد بأنواعها ، فصار قدوة في جهاده وصبره وصدقه وعلمه وحاله وزهده وتقشفه وجرأته وثباته وثقته وبربه ، وغلى غير ذلك
من الخصال الحميدة والأفعال المجيدة ، التي سطرها هذا الإمام
وصارت تاريخاً يتلى بعده إلى آخر الدهر ؛
فقد رأينا ممن عاصره من العلماء من كان له طلاب ومؤلفات ، ثم ذهب فكأن مؤلفاته أدرجت في أكفانه
،وكان طلابه ماتوا معه ؛ لأمر علمه سبحانه وتعالى ، لأنه أعلم بالسر وأخفى ؛ وربما لأن هؤلاء العلماء
تصدروا للدنيا وهو ما حصل بالفعل ؛ فإن أحدهم كان يغضب للمنصب ويوصى السلطان أن يولي ابنه بعده ،
وكما يقول أحد المعاصرين : إن ابن تيمية
ترك الدنيا وما فيها لأهلها وطلب الآخرة ممن يملكها سبحانه ، أما المعاصرون له في الغالب فإن لهم عمائم
الأبراج ،وأكمام كالإخراج ، همهم الولاية والأوقاف ،
وجمع أموال اليتامى ، والتصدر في المجالس
، وحضور مواكب السلطان والفرح بالأعطيات ، وجمع الأموال ،
وتكديس الخزائن ، والشهرة في العامة ، وطلب التبرك ممنهم ، والانصياع لأوامرهم ، وتنفيذ مراسيهم
، فذهبوا وانقرضوا وانتهوا وماتوا بآثارهم ، وبقى هذا الإمام الذي عاش فقيراً ، معدماً ولم يتول آية ولاية
صغيرة أو كبيرة ، حتى إمامة المجد أو الآذان
فبقى في القلوب محفوراً اسمه ، منقوشة حروف علمه في
الأذهان الضمائر ،وصار آية للسائلين
،وقصة من قصص العبقرية ، وأحدوثة من أحاديث التجديد واللموع

.


من هم خصوم ابن تيمية ؟


لابد لهذا
الإمام –كما اسلفنا – من معارضين ومناوئين عل كافة المستويات ،والعجيب أن خصومه من العامة والخاصة ، ومن المسلمين ومن غيرهم ، فأعظم خصومه هم أعداء الملة
الفرة من الملاحدة واليهود والنصارى والصبابئة والدهريين ، وإلى غير ذلك من أعداء الإسلام
، واعطى كلما يستحقه من الرد والمقامة
ولمجابهة ، ومن المواجهة بالرسائل بالنقض ، وكشف
مستورهم الخبيث بالتشهير بهم وبزلزلة مناهجهم الضالة وبسحق سبههم ، ودحض دجلهم بالوقوف في وجوهم بكل أنواع الوقوف ،
وأوذي ف ذلك كل الأذي – رحمه إلله وكان له
أعداء مت الجهلة العامة ، الذين لا يعلمون المتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ، اتباع كل ناعق ، الدهماء الغوغاء
، فعادوه ونالوا منه ، وهو يصبر على أذاهم ،ويوضحهم السنة
، ويدعوهم إل الحجة ويبين لهم المحجة ، صابراً
محتسباً ، حليناً صفوحاً مسمحاً ، حتى جذب الثير منهم وردهم غل
الجادة ،وبين لهم الطريق المستقيم فكان ينزل ونبه المطففين في
المكاييل والموازين والمرتشين
والمرابين والغشاشين ، كل ذلك بأتم البيان تويجا
وإرشاد ودلالة إلى منهج الله عز وجل ونشأ له أعداء من العلماء المعاصرين ؛ حملهم على ذلك البغي والحسد ،
لما آتاه الله من علم ومكانه وقبول وصدارة
إيمانية ، ومواقف شريفة ،ومقامات جليلة في نصر الملة
فقاموا عليه حسداً من عند أنفسهم ؛ لأن
الله ميزه عليهم ، فنقموا عليه هذه المحلة ، ووشوا به عند السلطان ، وأفلحوا في سبحه وإلحاق الأذى به ، لن أجره
عند الله عز وجل ، ومكانته في القلوب
.
وكتبوا ضده رسائل
،واجتمعوا وأفتوا بسفك دمه ، وسطروا رسائل تقول
بضلاله ،وقد كذبوا وافتروا وعقدوا له مجلس المناظرة
، وأوغرا صدر السلطان عليه ،
وأوهموا العامة أنه مخالف لما كان عليه السلف ، وجمعوا له كلاماً ، وبتروا حديثة ، وقطعوا كثيراً من
كلامه عن سياقه في مؤلفاته ، فظهر عليهم بالحجة كثيراً من كلامه عن سياقه ف مؤلفاته ، فظهر عليهم
بالحجة وانتصر عليهم بالدليل ، وبين أنهم مخالفون
للصحيح من الأقوال ، كل ذلك وهمهم الدنيا
وهمه الآخرة ، لكن كانت العاقبة
– والحمد لله – لهذا الإمام . وكان له أعداء من السلاطين الظلمة ممن يتبعون الشهوات ،ويريدون أن تميل الأمة ميلاً
عظيماً ، فهمهم – فقط – دنياهم ومناصبهم وظهورهم وشهرتهم وملكهم وبقاء العامة في
أيديهم ،ولا يعملون
إلا ما سهل عليهم من الأعمال الظاهرة من العبادة ، وقد حشوا من
الكبر والرياء والعجب ،وسفكوا الدماء ، وأخذوا الأموال من غير
حلها ، وظلموا وجاروا ، فقام لهم وتقعد لهم ، ونازلهم ، وخالفهم
كل المخالفة في هذا ، دون أن يترك فساداً في الأمة أ شراً مستطيراً في الناس ، بل كان يدعو بالحجة وبالبينات التي أرسل الله بها رسله عليهم الصلاة
والسلام وبالأحاديث الصحيحة وميراث السلف المبارك الذي كان يحمله .

ثم كان له
أعداء من المبتدعة ،وكانوا عل درجات لكنه لم يترك مبتدعاً إلا أعطاه حقه ، منالرد بحكمة وبسداد ، على حسب ما تقتضية
بدعة هذا المبتدع قرياً من السنة وبعداً ، فلأ شاعرة عنده رد كلام ، وللمعتزلة رد أشد وكلام أكثروللجهمية رد
أكثر وكلام أوفر ، وللرافضة ايضاً د بما يناسبهم ، وللصوفية ولغلائهم عنده رد أيضا ،
وللإسماعيلية الباطنية رد ساحق ما حق ، وللملاحدة
والزنادقة رد قاتل مميت ،وقد بينا لحق الذي اندرس في عهدة ،والذي ذهبت معالمه ، فأحياه – رحمه الله- في
دروسه ،وفي مجالسة ومناظراته ، وفي تأليفه ورسائله
، حتى صارت السنة هي
الظاهرة واصحابها هم السادة وهم أهل الحق ن فأبان الله للعامة
والخاصة أن هذا الرجل العظيم على نور من الله عز وجل ، وعلى
هدي من رسوله صلى الله عليه وسلم ، حتى إنه لما مات كانت جنازته
آية للناس من كثرتها واجتماع الناس عليها وترحمهم وتأسفهم
ن حتى ذكر أن بعض اليهود والنصارى خرجوا فيها، وقبل
أن منهم من اسم ،وتاب
كثير من العصاة وكان يوماً مشهوداً لأنه كان محقاً ،
صاحب سنة ، على دليل وعلى برهان من الله عز وجل ، فرحمه الله رحمة واسعة
.

سبحانه ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ،

والحمد لله رب العاملين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:18 pm









اعتنى بدراسة
شخصية شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القدامى والمحدثون،
فكثرت الدراسات عنه، وتنوعت أهداف الدارسين لشخصيته، كل يأخذ منها ما
يوافق تخصصه وهدفه، فهناك دراسات في سيرته الذاتية، ودراسات عن
عقيدته، ودراسات عن فقهه، ودراسات عن تعمقه وإمامته في
الحديث، ودراسات عن منهجه الدعوي، ودراسات عن فكره التربوي
والاجتماعي، وغيرها.
وإذا استعرضت كتب التاريخ والرجال للقرن الثامن الهجري: فمن
أبرز من يترجم له هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وإذا قرأت كتبه المحققة - وهي كثيرة - فإن في مقدمتها - غالباً - ذكر شيء من ترجمته
فشهرته بلغت الآفاق، وتكاد تجمع الكتب على الثناء عليه من
القديم والحديث، ولذلك يجد الكاتب في سيرته صعوبة في اختيار
المناسب من سيرته لما يبحث فيه، أما التوسع في ذكر سيرته فقد
أغنت شهرته عن ذلك كما يقول عنه الحافظ ابن رجب رحمه الله:
(وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره، والإسهاب في أمره) .

وسأحيل في نهاية الترجمة - إن شاء الله - إلى أبرز من حاول حصر المؤلفات فيه.

1 - اسمه ونسبه:
هو أحمد تقي الدين أبو العباس بن عبد الحليم بن عبد السلام بن
عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد
الله بن تيمية الحراني .
وذكر مترجموه أقوالاً في سبب تلقيب العائلة بآل (تيمية) منها
ما نقله ابن عبد الهادي رحمه الله : (أن جده محمداً كانت أمه
تسمى (تيمية)، وكانت واعظة، فنسب إليها، وعرف بها.
وقيل: إن جده محمد بن الخضر حج على درب تيماء، فرأى هناك طفلة،
فلما رجع وجد امرأته قد ولدت بنتاً له فقال: يا تيمية، يا
تيمية، فلقب بذلك) .

2 - مولده ونشأته:
ولد رحمه الله يوم الاثنين، عاشر، وقيل: ثاني عشر من ربيع الأول سنة 661هـ. في حرّان .
وفي سنة 667هـ أغار التتار على بلده، فاضطرت عائلته إلى ترك
حران، متوجهين إلى دمشق ، وبها كان مستقر العائلة، حيث طلب
العلم على أيدي علمائها منذ صغره، فنبغ ووصل إلى مصاف العلماء
من حيث التأهل للتدريس والفتوى قبل أن يتم العشرين من عمره .
ومما ذكره ابن عبد الهادي رحمه الله عنه في صغره أنه: (سمع
مسند الإمام أحمد بن حنبل مرات، وسمع الكتب الستة الكبار
والأجزاء، ومن مسموعاته معجم الطبراني الكبير.
وعني بالحديث وقرأ ونسخ، وتعلم الخط والحساب في المكتب، وحفظ
القرآن، وأقبل على الفقه، وقرأ العربية على ابن عبد القوي ،
ثم فهمها، وأخذ يتأمل كتاب سيبويه حتى فهم في النحو، وأقبل
على التفسير إقبالاً كلياً، حتى حاز فيه قصب السبق، وأحكم
أصول الفقه وغير ذلك.
هذا كله وهو بعد ابن بضع عشرة سنة، فانبهر أهل دمشق من فُرط
ذكائه، وسيلان ذهنه، وقوة حافظته، وسرعة إدراكه) .
(وقلّ كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه، كأن الله قد خصه بسرعة
الحفظ، وإبطاء النسيان لم يكن يقف على شيء أو يستمع لشيء -
غالباً - إلا ويبقى على خاطره، إما بلفظه أو معناه، وكان
العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره.
فإنه لم يكن مستعاراً، بل كان له شعاراً ودثاراً، ولم يزل
آباؤه أهل الدراية التامة والنقد، والقدم الراسخة في الفضل،
لكن جمع الله له ما خرق بمثله العادة، ووفقه في جميع عمره
لأعلام السعادة، وجعل مآثره لإمامته أكبر شهادة) .
وكان رحمه الله حسن الاستنباط، قوي الحجة، سريع البديهة، قال
عنه البزار رحمه الله (وأما ما وهبه الله تعالى ومنحه من
استنباط المعاني من الألفاظ النبوية والأخبار المروية، وإبراز
الدلائل منها على المسائل، وتبيين مفهوم اللفظ ومنطوقه،
وإيضاح المخصص للعام، والمقيد للمطلق، والناسخ للمنسوخ،
وتبيين ضوابطها، ولوازمها وملزوماتها، وما يترتب عليها، وما
يحتاج فيه إليها، حتى إذا ذكر آية أو حديثاً، وبين معانيه،
وما أريد فيه، يعجب العالم الفطن من حسن استنباطه، ويدهشه ما سمعه أو
وقف عليه منه) .
وكان رحمه الله ذا عفاف تام، واقتصاد في الملبس والمأكل،
صيناً، تقياً، براً بأمه، ورعاً عفيفاً، عابداً، ذاكراً لله
في كل أمر على كل حال، رجاعاً إلى الله في سائر الأحوال
والقضايا، وقافاً عند حدود الله وأوامره ونواهيه، آمراً
بالمعروف ناهياً عن المنكر، لا تكاد نفسه تشبع من العلم، فلا
تروى من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال، ولا تكل من البحث.
قال ابن عبد الهادي (ت - 744هـ) رحمه الله عنه: (ثم لم يبرح
شيخنا رحمه الله في ازدياد من العلوم وملازمة الاشتغال
والإشغال، وبث العلم ونشره، والاجتهاد في سبل الخير حتى انتهت
إليه الإمامة في العلم والعمل، والزهد والورع، والشجاعة
والكرم، والتواضع والحلم والإنابة، والجلالة والمهابة، والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وسائر أنواع الجهاد مع الصدق
والعفة والصيانة، وحسن القصد والإخلاص، والابتهال إلى الله وكثرة
الخوف منه، وكثرة المراقبة له وشدة التمسك بالأثر، والدعاء إلى الله
وحسن الأخلاق، ونفع الخلق، والإحسان إليهم والصبر على من آذاه،
والصفح عنه والدعاء له، وسائر أنواع الخير) .

3 - عصره:
أولاً: الناحية السياسية:
يستطيع الواصف للحالة السياسية لعصر ابن تيمية رحمه الله أن يحدد معالمها بثلاثة أمور رئيسة:
أ - غزو التتار للعالم الإسلامي.
ب - هجوم الفرنجة على العالم الإسلامي.
جـ - الفتن الداخلية، وخاصة بين المماليك والتتار والمسلمين.
وقد ذكر ابن الأثير رحمه الله وصفاً دقيقاً لذلك العصر، وهو من أهله:
فقال: (لقد بلي الإسلام والمسلمون في هذه المدة بمصائب لم يبتل
بها أحد من الأمم: منها هؤلاء التتر: فمنهم من أقبلوا من
الشرق ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها.
ومنها: خروج الفرنج - لعنهم الله - من الغرب إلى الشام وقصدهم
ديار مصر وامتلاكهم ثغرها - أي دمياط -، وأشرفت ديار مصر
وغيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم.
ومنها: أن السيف بينهم مسلول، والفتنة قائمة) .
فأما التتار: فقد كانوا فاجعة الإسلام والمسلمين في القرن
السابع الهجري، في سقوط بغداد - وبها سقطت الخلافة العباسية -
سنة (656هـ) وما قبل سقوط بغداد بسنوات ، وما بعد سقوط بغداد
حيث كانت هذه الأحداث قريبة من ولادة شيخ الإسلام ابن تيمية
(ولا بد أن يكون قد شاهد آثار هذا الخراب والدمار بأم عينيه،
وسمع تفاصيله المؤلمة عمن رأوا مناظره وشهدوها وشاهدوها، فمن
الطبيعي أن يتأثر قلبه الغيور المرهف بنكبة المسلمين هذه
وذلتهم، وتمتلئ نفسه غيظاً وكراهية لأولئك الوحوش الضواري) .
وأما ظهور الفرنجة أو (الحروب الصليبية): فقد كانت ولادة ابن
تيمية رحمه الله في بداية الدور الرابع لهذه الحروب الذي يمثل
دور الضعف الفرنجي وتجدد قوة المسلمين، باسترداد كثير من
المدن الشامية الكبرى، وإكمال مسيرة طرد الفرنج من بلاد
المسلمين.
وأما الفتن الداخلية: فما كان يحصل بين المماليك وتنازعهم على
السلطة وما كان يحصل بينهم وبين التتر المسلمين، وقد كان لابن
تيمية رحمه الله مشاركة في إصلاح بعض هذا، وفي مقدمة مواقف
ابن تيمية رحمه الله يذكر المؤرخون قصته مع آخر أمراء
المماليك وذلك بتذكيره بحقن دماء المسلمين، وحماية ذراريهم
وصون حرماتهم .

ثانياً: الناحية الاجتماعية:
كانت مجتمعات المسلمين خليطاً من أجناس مختلفة، وعناصر متباينة بسبب الاضطراب السياسي في بلادهم.
إذ اختلط التتار - القادمون من أقصى الشرق حاملين معهم عاداتهم
وأخلاقهم وطباعهم الخاصة - بالمسلمين في ديار الإسلام الذين
هم أقرب إلى الإسلام عقيدة وخلقاً من التتر.
ونوعية ثالثة: ألا وهي أسرى حروب الفرنجة والترك إذ كان لهم
شأن في فرض بعض النظم الاجتماعية، وتثبيت بعض العوائد السيئة،
والتأثير اللغوي العام على المجتمع المسلم.
إضافة إلى امتزاج أهل الأمصار الإسلامية بين بعضهم البعض بسبب
الحروب الطاحنة من التتار وغيرهم، فأهل العراق يفرون إلى
الشام، وأهل دمشق إلى مصر والمغرب وهكذا.
كل هذا ساعد في تكوين بيئة اجتماعية غير منتظمة وغير مترابطة،
وأوجد عوائد بين المسلمين لا يقرها الإسلام، وأحدث بدعاً
مخالفة للشريعة كان لابن تيمية رحمه الله أكبر الأثر في بيان
الخطأ والنصح للأمة، ومقاومة المبتدعة .

ثالثاً: الناحية العلمية:
في عصر ابن تيمية رحمه الله قل الإنتاج العلمي، وركدت الأذهان،
وأقفل باب الاجتهاد وسيطرت نزعة التقليد والجمود، وأصبح
قصارى جهد كثير من العلماء هو جمع وفهم الأقوال من غير بحث
ولا مناقشة، فألفت الكتب المطولة والمختصرة، ولكن لا أثر فيها
للابتكار والتجديد، وهكذا عصور الضعف تمتاز بكثرة الجمع
وغزارة المادة مع نضوب في البحث والاستنتاج.
ويحيل بعض الباحثين ذلك الضعف إلى: سيادة الأتراك والمماليك
مما سبب استعجام الأنفس والعقول والألسن، إضافة إلى اجتماع
المصائب على المسلمين، فلم يكن لديهم من الاستقرار ما يمكنهم
من الاشتغال بالبحث والتفكير .
ولا ينكر وجود أفراد من العلماء النابهين أهل النبوغ، ولكن
أولئك قلة لا تنخرم بهم القاعدة. وثمة أمر آخر في عصر ابن
تيمية أثر في علمه ألا وهو: اكتمال المكتبة الإسلامية بكثير
من الموسوعات الكبرى في العلوم الشرعية: من التفسير، والحديث،
والفقه، وغيرها.
فالسنة مبسوطة، والمذاهب مدونة، ولم يعد من السهل تحديد الكتب
التي قرأها وتأثر بها، ولا معرفة تأثير شيوخه عليه بدقة.

4 - محن الشيخ:
امتحن الشيخ مرات عدة بسبب نكاية الأقران وحسدهم، ولما كانت
منزلة شيخ الإسلام في الشام عالية عند الولاة وعند الرعية وشى
به ضعاف النفوس عند الولاة في مصر، ولم يجدوا غير القدح في
عقيدته، فطلب إلى مصر، وتوجه إليها سنة 705هـ. بعدما عقدت له
مجالس في دمشق لم يكن للمخالف فيها حجة ، وبعد أن وصل إلى مصر
بيوم عقدوا له محاكمة كان يظن شيخ الإسلام رحمه الله أنها
مناظرة، فامتنع عن الإجابة حين علم أن الخصم والحكم واحد .
واستمر في السجن إلى شهر صفر سنة 707هـ، حيث طلب منه وفد من
الشام بأن يخرج من السجن، فخرج وآثر البقاء في مصر على رغبتهم
الذهاب معهم إلى دمشق.
وفي آخر السنة التي أخرج فيها من السجن تعالت صيحات الصوفية في
مصر، ومطالباتهم في إسكات صوت شيخ الإسلام رحمه الله فكان أن
خُير شيخ الإسلام بين أن يذهب إلى دمشق أو إلى الإسكندرية أو
أن يختار الحبس، فاختار الحبس، إلا أن طلابه ومحبيه أصروا
عليه أن يقبل الذهاب إلى دمشق، ففعل نزولاً عند رغبتهم
وإلحاحهم.
وما إن خرج موكب شيخ الإسلام من القاهرة متوجهاً إلى دمشق، حتى
لحق به وفد من السلطان ليردوه إلى مصر ويخبروه بأن الدولة لا
ترضى إلا الحبس.
وما هي إلا مدة قليلة حتى خرج من السجن وعاد إلى دروسه، واكب الناس عليه ينهلون من علمه.
وفي سنة 709هـ نفي من القاهرة إلى الإسكندرية، وكان هذا من
الخير لأهل الإسكندرية ليطلبوا العلم على يديه، ويتأثروا من
مواعظه، ويتقبلوا منهجه، لكن لم يدم الأمر طويلاً لهم، فبعد
سبعة أشهر طلبه إلى القاهرة الناصر قلاوون بعد أن عادت الأمور
إليه، واستقرت الأمور بين يديه، فقد كان من مناصري ابن تيمية
رحمه الله وعاد الشيخ إلى دورسه العامرة في القاهرة.
وامتحن شيخ الإسلام بسبب فتواه في مسألة الطلاق ، وطُلب منه أن
يمتنع عن الإفتاء بها فلم يمتنع حتى سجن في القلعة من دمشق
بأمر من نائب السلطنة سنة 720هـ إلى سنة 721هـ لمدة خمسة أشهر
وبضعة أيام.
وبحث حساده عن شيء للوشاية به عند الولاة فزوروا كلاماً له حول
زيارة القبور، وقالوا بأنه يمنع من زيارة القبور حتى قبر
نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، فكتب نائب السلطنة في دمشق
إلى السلطان في مصر بذلك، ونظروا في الفتوى دون سؤال صاحبها
عن صحتها ورأيه فيها، فصدر الحكم بحقه في شعبان من سنة 726هـ
بأن ينقل إلى قلعة دمشق ويعتقل فيها هو وبعض أتباعه واشتدت
محنته سنة 728هـ حين أُخرج ما كان عند الشيخ من الكتب
والأوراق والأقلام، ومنع من ملاقاة الناس، ومن الكتابة والتأليف
.

5 - وفاته رحمه الله:
في ليلة الاثنين لعشرين من ذي القعدة من سنة (728هـ) توفي شيخ
الإسلام بقلعة دمشق التي كان محبوساً فيها، وأُذن للناس
بالدخول فيها، ثم غُسل فيها وقد اجتمع الناس بالقلعة والطريق
إلى جامع دمشق، وصُلي عليه بالقلعة، ثم وضعت جنازته في الجامع
والجند يحفظونها من الناس من شدة الزحام، ثم صُلي عليه بعد
صلاة الظهر، ثم حملت الجنازة، واشتد الزحام، فقد أغلق الناس
حوانيتهم، ولم يتخلف عن الحضور إلا القليل من الناس، أو من
أعجزه الزحام، وصار النعش على الرؤوس تارة يتقدم، وتارة يتأخر،
وتارة يقف حتى يمر الناس، وخرج الناس من الجامع من أبوابه كلها وهي
شديدة الزحام .

6 - مؤلفاته:
مؤلفات الشيخ كثيرة يصعب إحصاؤها، وعلى كثرتها فهي لم توجد في
بلد معين في زمانه إنما كانت مبثوثة بين الأقطار كما قال
الحافظ البزار (ت - 749هـ) رحمه الله:
(وأما مؤلفاته ومصنفاته، فإنها أكثر من أن أقدر على إحصائها أو
يحضرني جملة أسمائها. بل هذا لا يقدر عليه غالباً أحد؛ لأنها
كثيرة جداً، كباراً وصغاراً، أو هي منشورة في البلدان فقل
بلد نزلته إلا ورأيت فيه من تصانيفه) .
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي (ت - 795هـ) رحمه الله:
(وأما تصانيفه رحمه الله فهي أشهر من أن تذكر، وأعرف من أن
تنكر، سارت سير الشمس في الأقطار، وامتلأت بها البلاد
والأمصار، قد جاوزت حدّ الكثرة فلا يمكن أحد حصرها، ولا يتسع
هذا المكان لعدّ المعروف منها، ولا ذكرها) .
وذكر ابن عبد الهادي (ت - 744هـ) رحمه الله أن أجوبة الشيخ يشق
ضبطها وإحصاؤها، ويعسر حصرها واستقصاؤها، لكثرة مكتوبه،
وسرعة كتابته، إضافة إلى أنه يكتب من حفظه من غير نقل فلا
يحتاج إلى مكان معين للكتابة، ويسئل عن الشيء فيقول: قد كتبت
في هذا، فلا يدري أين هو؟ فيلتفت إلى أصحابه، ويقول: ردوا خطي
وأظهروه لينقل، فمن حرصهم عليه لا يردونه، ومن عجزهم لا
ينقلونه، فيذهب ولا يعرف اسمه.
ولما حبس شيخ الإسلام خاف أصحابه من إظهار كتبه، وتفرقوا في
البلدان، ومنهم من تسرق كتبه فلا يستطيع أن يطلبها أو يقدر
على تخليصها .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:18 pm


ومن أبرز كتبه ما يلي:
1 - الاستقامة: تحقيق د. محمد رشاد سالم. طبع في جزئين.
2 - اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: تحقيق د. ناصر العقل طبع في جزئين.
3 - بيان تلبيس الجهمية: حقق في ثمان رسائل دكتوراه، بإشراف
شيخنا فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.
4 - الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: طبع بتحقيق د. علي بن
حسن بن ناصر، ود. عبد العزيز العسكر، ود. حمدان الحمدان، وكان
في الأصل ثلاث رسائل دكتوراه .
5 - درء تعارض العقل والنقل: طبع بتحقيق د. محمد رشاد سالم في
عشرة أجزاء، والجزء الحادي عشر خُصص للفهارس .
6 - الصفدية: تحقيق د. محمد رشاد سالم، طبع في جزئين.
7 - منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية: تحقيق د.
محمد رشاد سالم، وطبع في ثمانية أجزاء، وخصص الجزء التاسع
منه للفهارس .
8 - النبوات: مطبوع .
وله من الكتب والرسائل الكثير جداً مما طبع بعضه مستقلاً،
وبعضه في مجاميع كبيرة وصغيرة، والكثير منه لا يزال مخطوطاً
سواء كان موجوداً أو في عداد المفقود .

7 - بعض ثناء الناس عليه:
قال العلامة كمال الدين بن الزملكاني (ت - 727هـ) : (كان إذا
سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك
الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر
الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا
عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه ولا تكلم
في علم من العلوم، سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق
فيه أهله، والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن
التصنيف، وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين ) .

وقال أيضاً فيه: (اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها) .

وكتب فيه قوله:
ماذا يقول الواصفون له شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh وصفاته جلّت عن الحصر
هو حجة لله قاهرة شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية للخلق ظاهرة شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh أنوارها أربت على الفجر

وقال ابن دقيق العيد رحمه الله : (لما اجتمعت بابن تيمية رأيت
رجلاً العلوم كلها بين عينيه، يأخذ منها ما يريد، ويدع ما
يريد) .

وقال أبو البقاء السبكي : (والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية
إلا جاهل أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى
يصده هواه عن الحق بعد معرفته به) ، وحين عاتب الإمام الذهبي
(ت - 748هـ) الإمام السبكي كتب معتذراً مبيناً رأيه في شيخ
الإسلام ابن تيمية بقوله:
(أما قول سيدي في الشيخ، فالمملوك يتحقق كبر قدره، وزخاره
بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه
واجتهاده، وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف،
والمملوك يقول ذلك دائماً، وقدره في نفسي أعظم من ذلك وأجل،
مع ما جمع الله له من الزهادة والورع والديانة، ونصرة الحق
والقيام فيه، لا لغرض سواه، وجريه على سنن السلف، وأخذه من
ذلك بالمأخذ الأوفى، وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان) .

وأما ثناء الإمام الذهبي على شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله فهو كثير، وذِكر ثناء الإمام الذهبي على ابن تيمية هو
الغالب على من ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى مواضع ترجمة
ابن تيمية في كتب الإمام الذهبي، ولعلي أذكر بعض مقولات
الإمام الذهبي في ابن تيمية، ومنها قوله:
(ابن تيمية: الشيخ الإمام العالم، المفسر، الفقيه، المجتهد،
الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام، نادرة العصر، ذو التصانيف
الباهرة، والذكاء المفرط) .

وقوله: (... ونظر في الرجال والعلل، وصار من أئمة النقد، ومن
علماء الأثر مع التدين والنبالة، والذكر والصيانة، ثم أقبل
على الفقه، ودقائقه، وقواعده، وحججه، والإجماع والاختلاف حتى
كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف، ثم يستدل
ويرجح ويجتهد، وحق له ذلك فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت
فيه، فإنني ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على
المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث،
وعزوها إلى الصحيح أو المسند أو إلى السنن منه، كأن الكتاب
والسنن نصب عينيه وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة، وعين مفتوحة، وإفحام
للمخالف...) .
وقال: (... هذا كله مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد
مثله قط، والشجاعة المفرطة التي يضرب بها المثل، والفراغ عن
ملاذ النفس من اللباس الجميل، والمأكل الطيب، والراحة
الدنيوية) .

ومما قاله في رثائه:

يا موت خذ من أردت أو فدع شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh محوت رسم العلوم والورع
أخذت شيخ الإسلام وانقصمت شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh عرى التقى واشتفى أولو البدع
غيبت بحراً مفسراً جبلاً شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh حبراً تقياً مجانب الشيع
اسكنه الله في الجنان ولا شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh زال علياً في أجمل الخلع
مضى ابن تيمية وموعده شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Sbsgh مع خصمه يوم نفخة الفزع
وقال
فيه: (... كان قوالاً بالحق، نهاءً عن المنكر، لا تأخذه في
الله لومة لائم، ذا سطوة وإقدام، وعدم مداراة الأغيار، ومن
خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه...) .

وقال عنه: (... لا يؤتى من سوء فهم، بل له الذكاء المفرط، ولا
من قلة علم فإنه بحر زخار، بصير بالكتاب والسنة، عديم النظير
في ذلك، ولا هو بمتلاعب بالدين، فلو كان كذلك لكان أسرع شيء
إلى مداهنة خصومه وموافقتهم ومنافقتهم، ولا هو ينفرد بمسائل
بالتشهي.... فهذا الرجل لا أرجو على ما قلته فيه دنيا ولا
مالاً ولا جاهاً بوجه أصلاً، مع خبرتي التامة به، ولكن لا
يسعني في ديني ولا في عقلي أن أكتم محاسنه، وأدفن فضائله،
وأبرز ذنوباً له مغفورة في سعة كرم الله تعالى....) .

وقال الشوكاني رحمه الله (إمام الأئمة المجتهد المطلق) .

رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية، وأسكننا وإياه في الفردوس الأعلى من جنته .








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:18 pm









اقوال العلماء عن سيدي ابن تيمية


ابن سيد الناس :
فمنهم
الشيخ الامام الحافظ الفقية العالم الأديب البارع فتح الدين أبو الفتح
محمد بن الحافظ أبي عمر محمد بن الحافظ العلامة الخطيب أبي بكر محمد بن
أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي القاسم بن سيد الناس اليعمري
الاندلسي الاشبيلي ثم المصري الشافعي مولده بالقاهرة في العشر الاول من ذي
الحجة سنة إحدى وسبعين وستمائة وتوفي يوم السبت حادي عشر شعبان سنة أربع
وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة وصلي عليه من الغد ودفن عند ابن أبي حمزة وكانت
جنازته مشهودة وله مصنفات مفيدة ومؤلفات حميدة منها كتاب النفح الشذي في
شرح كتاب الترمذي ، قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي :
قال الحافظ فتح الدين أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري المصري بعد أن ذكر
ترجمة شيخنا الحافظ المزي : وهو الذي حداني على رؤية الشيخ الامام شيخ
الاسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية
فألفيته ممن أدرك من العلوم حظا وكاد أن يستوعب السنن والآثار حفظا إن
تكلم في التفسير فهو حامل رايته أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته أو ذاكر
في الحديث فهو صاحب علمه وذو روايته أو حاضر بالملل والنحل لم ير أوسع من
نحلته في ذلك ولا أرفع من درايته برز في كل فن على أبناء جنسه ولم تر عين
من رآه مثله ولا رأت عينه مثل نفسه كان يتكلم في التفسير فيحضر مجلسه الجم
الغفير ويردون من بحره العذب النمير ويرتعون من ربيع فضله في روضة وغدير
إلى أن دب إليه من أهل بلده داء الحسد وأكب أهل النظر منهم على ما ينتقد
عليه من أمور المعتقد فحفظوا عنه في ذلك كلاما أوسعوه بسببه ملاما وفوقوا
لتبديعه سهاما وزعموا أنه خالف طريقهم وفرق فريقهم فنازعهم ونازعوه وقاطع
بعضهم وقاطعوه ثم نازع طائفة أخرى ينسبون من الفقر إلى طريقة ويزعمون أنهم
على أدق باطن منها وأجلى حقيقة فكشف تلك الطرائق وذكر لها على ما زعم
بوائق فآضت إلى الطائفة الأولى من منازعيه واستعانت بذوي الضغن عليه من
مقاطعيه فوصلوا بالأمراء أمره وأعمل كل منهم في كفره فكره فرتبوا محاضر
وألبوا الرويبضة للسعي بها بين الأكابر وسعوا في نقله إلى حاضرة المملكة
بالديار المصرية فنقل وأودع السجن ساعة حضوره واعتقل وعقدوا لاراقة دمه
مجالس وحشدوا لذلك قوما من عمار الزوايا وسكان المدارس من مجامل في
المنازعة مخاتل بالمخادعة ومن مجاهر بالتكفير مبارز بالمقاطعة يسومونه ريب
المنون ، وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ، وليس المجاهر بكفره بأسوأ
حالا من المخاتل وقد دبت إليه عقارب مكره فرد الله كيد كل في نحره ونجاه
على يد من اصطفاه والله غالب على أمره.
ثم لم يخل بعد ذلك من فتنة بعد فتنة ولم ينقل طول عمره من محنة إلا إلى
محنة إلى أن فوض أمره إلى بعض القضاة فتقلد ما تقلد من اعتقاله ولم يزل
بمحبسه ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله وإلى الله ترجع
الأمور وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وكان يومه مشهودا
ضاقت بجنازته الطريق وانتابها المسلمون من كل فج عميق يتبركون بمشهده يوم
تقوم الأشهاد ويتمسكون بشرجعه حتى كسروا تلك الأعواد وذلك في ليلة العشرين
من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقلعة دمشق المحروسة وكان مولده
بحران في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة رحمه الله وإيانا.
ثم روي عنه ابن سيد الناس حديثا فقال :
وقرأت على الشيخ الامام حامل راية العلوم ومدرك غاية المفهوم تقي الدين أبي
العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني رحمه الله
بالقاهرة قدم علينا قلت له : أخبركم الشيخ الامام زين الدين أبو العباس
أحمد بن عبد الدايم ابن نعمة المقدسي ثم ذكر سنده إلى الحسن بن عرفة فروى
من جزئه حديثا.


ابن عبد الدائم
ومنهم
الشيخ العالم الفاضل المحدث البارع الأصيل شمس الدين أبو عبد الله محمد
بن الشيخ المسند أبي عبد الله محمد بن الشيخ المسند الكبير أبي بكر بن
الامام العالم أبي العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة بن أحمد بن محمد بن
إبراهيم بن أحمد بن بكير المقدسي الصالحي.
ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة وسمع من أبيه وجده أبي بكر وآخرين وطلب بنفسه
وعني بالمسائل فتفقه وحرر الاسامي وتنبه وتوفي سنة خمس وسبعين وسبعمائة
وذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وجدت بخطه في طبقة سماع صحيح مسلم
على أبيه محمد بن أبي بكر وآخرين ما صورته :
وعلى الأخوين شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية وأخيه زين الدين عبد الرحمن
جميع الميعاد الخامس سوى من أوله إلى قوله حدثنا زهير بن حرب حدثنا الوليد
بن مسلم حدثني الاوزاعي حدثنا حسان بن عطية حدثني محمد ابن أبي عائشة أنه
سمع أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع ...الحديث.
وذكر بقية طبقة السماع المشار إليها وهي نقل بخط المذكور معتمد عليها.


ابن عبد الهادي
ومنهم
الشيخ الامام العلامة الحافظ الناقد ذو الفنون عمدة المحدثين متقن
المحررين شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ عماد الدين أبي العباس حمد
بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة بن
مقدام بن نصر المقدسي الصالحي الحنبلي.
ولد في شهر رجب سنة أربع وقيل سنة خمس وقيل سنة ست وسبعمائة قرأ القرآن
العظيم بالروايات وسمع ما لا يحصى من المرويات من القاضي سليمان بن حمزة
وأبي بكر بن عبد الدائم وآخرين ورافق الحفاظ والمحدثين وعني بالحديث
وأنواعه ومعرفة رجاله وعلله وتفقه وأفتى ودرس وجمع وألف وكتب الكثير وصنف
وتصدى للافادة والاشتغال في فنون من العلوم ومن مصنفاته تنقيح التحقيق في
أحاديث التعليق لابن الجوزي مجلدان والمحرر في الأحكام مختصر مفيد والكلام
على مختصر ابن الحاجب مؤلفان مطول ومختصر وجزء في الرد على أبي حيان فيما
رده على ابن مالك وجمع التفسير المسند لكنه مات قبل إتمامه.
وكان إماما في علوم كالتفسير والقراءات والحديث والأصول والفقه واللغة
والعربية وذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وفي طبقات الحفاظ وأثنى
عليه فيهما ثناء حميدا ، وروى عن المزي عن السروجي عن ابن عبد الهادي.
وقال الذهبي : والله ما اجتمعت به قط إلا واستفدت منه. انتهى.

توفي رحمه الله في عاشر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبعمائة ودفن بسفح
قاسيون وكانت جنازته حافلة ورؤيت له منامات حسنة ومن مصنفاته ترجمة الشيخ
تقي الدين ابن تيمية في مجلد قال فيه:
هو الشيخ الرباني إمام الأئمة ومفتي الأمة وبحر العلوم سيد الحفاظ وفارس
المعاني والألفاظ فريد العصر وحيد الدهر شيخ الاسلام بركة الانام علامة
الزمان وترجمان القرآن علم الزهاد وأوحد العباد قامع المبتدعين وآخر
المجتهدين تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ الامام العلامة شهاب الدين
أبي المحاسن عبد الحليم بن الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام مجد الدين
أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد
بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني نزيل دمشق وصاحب التصانيف
التي لم يسبق إلى مثلها ولا يلحق في شكلها توحيدا أو تفسيرا وإخلاصا وفقها
وحديثا ولغة ونحوا وبجميع العلوم.
كتبه طافحة بذلك. ولقد ترجمه ابن عبد الهادي بشيخ الاسلام مرارا كثيرة وذكر
من مناقبه في ترجمته أشياء خطيرة وعد كثيرا من مصنفاته ونص على نفائس من
مؤلفاته وذكره في كتابه طبقات الحفاظ بترجمة مختصرة جامعة محررة من وصف
الأئمة للشيخ تقي الدين ومنها ما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة ابن
الزملكاني كمال الزين



الذهبي
ومنهم
الشيخ الامام الحافظ الهمام مفيد الشام ومؤرخ الاسلام ناقد المحدثين
وإمام المعدلين والمجرحين شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان
بن قايماز بن عبد الله التركماني الفارقي الأصل الدمشقي ابن الذهبي
الشافعي.
مولده فيما وجدته بخطه في سنة ثلاث وسبعين وستمائة وتوفي ليلة الاثنين ثالث
ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ودفن من الغد بمقبرة الباب الصغير
من دمشق رحمه الله تعالى ومشيخته بالسماع والاجازة نحو ألف شيخ وثلاثمائة
شيخ يجمعهم معجمه الكبير وكان آية في نقد الرجال عمدة في الجرح والتعديل
عالما بالتفريع والتأصيل إماما في القراءات فقيها في النظريات له دربة
بمذاهب الأئمة وأربابا المقالات قائما بين الخلف بنشر السنة ومذهب السلف
انشدونا عنه لنفسه :
الفقه قال الله قال رسوله إن صح والاجماع فاجهد فيه
وحذار من نصب الخلاف جهالة بين النبي وبين رأي فقيه
وله المؤلفات المفيدة والمختصرات الحسنة والمصنفات السديدة منها تاريخ
الاسلام في عشرين مجلدا وسير النبلاء في عشرين مجلدا وميزان الاعتدال في
نقد الرجال وغير ذلك ، وهو الذي قال فيه الامام العلامة الأوحد أبو عبد
الله محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن الموصلي الاطرابلسي الشافعي لما قدم
دمشق متوجها إلى الحج سنة أربع وثلاثين وسبعمائة
ما زلت بالسمع أهواكم وما ذكرت أخباركم قط إلا ملت من طرب
ولست من عجب أن ملت نحوكم فالناس بالطبع قد مالوا إلى الذهب
ولقد وجدت بخطه في مواضع عدة سمى فيها الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام منها
في الاستجازة الكبيرة المعروفة بالألفية بخط المحدث أبي عبد الله محمد بن
يحيى بن سعد المقدسي سأل فيها الاجازة من مشايخ العصر لأكثر من الف انسان
مؤرخة بيوم الاحد سابع عشر شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وسبعمائة فأول من
أجاز وكتب فيها خطه بذلك الشيخ تقي الدين فوجدت بخطه أول الشيوخ المجيزين
ما صورته :
أجزت لهم ما سئلت إجازته بشروطه كتبه أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية.
وكتب قبالة ذلك الحافظ أبو عبد الله الذهبي المذكور ما وجدته بخطه :
هو شيخ الاسلام تقي الدين سمع ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وسمع مسند أحمد والكتب الستة وشيئا كثيرا وهو حافظ عارف بالرجال.
ووجدت بخط الذهبي أيضا على حاشية استدعاء إجازة ما صورته :
فوائد نقلها كاتبها محمد بن أحمد من إجازة شيخ الاسلام أبي العباس بن تيمية لأهل سبتة. انتهى.
وكانت هذه الاجازة سنة تسع وسبعمائة بثغر الاسكندرية وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.
وكتب الحافظ الذهبي أيضا طبقة سماع كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام على مؤلفه الشيخ تقي الدين والطبقة آخر الكتاب فقال :
سمع هذا الكتاب على مؤلفه شيخنا الامام العالم العلامة الأوحد شيخ الاسلام
مفتي الفرق قدوة الأمة أعجوبة الزمان بحر العلوم حبر القرآن تقي الدين سيد
العباد أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني
رضي الله تعالى عنه. وذكر بقية الطبقة.
وقال الحافظ علم الدين أبو محمد القاسم بن البرزالي : رأيت في إجازة لابن
الشهرزوري الموصلي خط الشيخ تقي الدين ابن تيمية قد كتب تحته الشيخ شمس
الدين الذهبي :
هذا خط شيخنا الامام شيخ الاسلام فرد الزمان بحر العلوم تقي الدين مولده
عاشر ربيع الاول سنة إحدى وستين وستمائة وقرأ القرآن والفقه وناظر واستدل
وهوو دون البلوغ برع في العلم والتفسير وافتى ودرس وله نحو العشرين وصنف
التصانيف وصار من أكابر العلماء في حياة شيوخه وله المصنفات الكبار التي
سارت بها الركبان ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كراس وأكثر
وفسر كتاب الله تعالى مدة سنين من صدره في أيام الجمع وكان يتوقد ذكاء
وسماعاته من الحديث كثيرة وشيوخه أكثر من مائتي شيخ ومعرفته بالتفسير
إليها المنتهى وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه فما يلحق فيه وأما نقله
للفقه ومذاهب الصحابة والتابعين فضلا عن المذاهب الأربعة فليس له فيه نظير
وأما معرفته بالملل والنحل والأصول والكلام فلا أعلم له فيه نظيرا ويدري
جملة صالحة من اللغة وعربيته قوية جدا ومعرفته بالتاريخ والسير فعجب عجيب
وأما شجاعته وجهاده وإقدامه فأمر يتجاوز الوصف ويفوق النعت وهو أحد
الاجواد الاسخياء الذين يضرب بهم المثل وفيه زهد وقناعة باليسير في المأكل
والملبس. انتهى.
وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي مرة أخرى في ترجمة الشيخ تقي الدين بن تيمية :
وله باع طويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين وقل أن يتكلم في مسألة إلا
ويذكر فيها مذاهب الأربعة وقد خالف الأربعة في مسائل معروفة وصنف فيها
واحتج لها بالكتاب السنة ولما كان معتقلا بالاسكندرية التمس منه صاحب سبتة
أن يجيز له مروياته وينص على أسماء جملة منها فكتب في عشر ورقات جملة من
ذلك بأسانيدها من حفظه بحيث يعجز أن يعمل بعضه أكبر محدث يكون وله الآن
عدة سنين لا يفتي بمذهب معين بل بما قام الدليل عليه عنده ولقد نصر السنة
المحضة والطريقة السلفية واحتج لها ببراهين ومقدمات وأمور لم يسبق إليها
وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا وجسر هو عليها حتى قام
عليه خلق من علماء مصر والشام قياما لا مزيد عليه وبدعوه وناظروه وكاتبوه
وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي بل يقول الحق المر الذي أداه إليه اجتهاده
وحدة ذهنه وسعة دائرته في السنن والأقوال مع ما اشتهر منه من الورع وكمال
الفكر وسعة الإدراك والخوف من الله العظيم والتعظيم لحرمات الله فجرى بينه
وبينهم حملات حربية ووقعات شامية ومصرية وكم من نوبة قد رموه عن قوس
واحدة فينجيه الله تعالى فإنه دائم الابتهال كثير الاستغاثة قوي التوكل
ثابت الجأش له أوراد وأذكار يدبجها بكيفية وجمعية وله من الطرف الآخر
محبون من العلماء والصلحاء ومن الجند والأمراء ومن التجار والكبراء وسائر
العامة تحبه لأنه منتصب لنفعهم ليلا ونهارا بلسانه وقلمه ، وأما شجاعته
فبها تضرب الأمثال وببعضها يتشبه أكابر الأبطال فلقد أقامه الله في نوبة
غازان والتقى أعباء الأمر بنفسه وقام وقعد وطلع وخرج واجتمع بالملك مرتين
وبخطلو شاه وببولاي وكان قبجق يتعجب من إقدامه وجراءته على المغول وله حدة
قوية تعتريه في البحث حتى كأنه ليث حرب وهو أكبر من أن ينبه مثلي على
نعوته فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت إني ما رأيت بعيني مثله ولا والله
ما رأى هو مثل نفسه في العلم.
وقال الذهي أيضا :
جمعت مصنفات شيخ الاسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رضي الله عنه فوجدته ألف مصنف ثم رأيت له أيضا مصنفات أخر.
وترجمة أبي عبد الله الذهبي للشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام اشهر من أن تذكر
وأكثر من أن تحصر من ذلك في قصيدته التي رثاه بها بعد موته وهي ما أنبأنا
شيخنا الحافظ الكبير أبو بكر محمد بن الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد
السعدي قال أنشدنا الحافظ الكبير أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن الذهبي
لنفسه يرثي شيخ الإسلام أبا العباس ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه:
يا موت خذ من أردت أو فدع محوت رسم العلوم والورع
أخذت شيخ الإسلام وانفصمت عرى التقى واشتفى منه أولو البدع
غيبت بحرا مفسرا جبلا حبرا تقيا مجانب الشيع
فإن يحدث فمسلم ثقة وإن يناظر فصاحب اللمع
وإن يخض نحو سيبويه يفه بكل معنى من الفن مخترع
وصار عالي الإسناد حافظه كشعبة أو سعيد الضبعي
والفقه فيه فكان مجتهدا وذا جهاد عار من الجزع
وجوده الحاتمي مشتهر وزهده القادري في الطمع
أسكنه الله في الجنان ولا زال عليا في أجمل الخلع
مع مالك الإمام وأحمد والنعمان والشافعي والخلعي
مضى ابن تيمية وموعده مع خصمه يوم نفخة الفزع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:19 pm


ابن الواني المؤذن
ومنهم
الشيخ الامام المحدث العالم المفيد أمين الدين جمال المحدثين أبو عبد
الله محمد ابن الشيخ المسند أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد
ابن أحمد ابن الواني المؤذن توفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بعد وفاة أبيه
ببضع وأربعين يوما وكانت وفاة أبيه يوم الخميس سادس صفر من السنة وبعد موت
أمين الدين بقليل رؤي في المنام وذلك فيما قال الفقيه المحدث تقي الدين
أبو عبد الله محمد ابن الخطيب جلال الدين محمد بن محمد البخاري وفي يوم
الاربعاء بعد العصر خامس جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وسبعمائة أخبرني
الشيخ علم الدين البرزالي أن شمس الدين السراج أخبره أنه رأى في منامه
أمين الدين الواني المؤذن رحمه الله أنه قاعد على باب حانوت وعليه ثياب
حسنة فقلت له ايش حسك قال بخير قال وان هناك خيمة في الحانوت فتعجبت من
ذلك وقلت خيمة تكون في حانوت فقلت لأمين الدين الواني أخبرني عن فخر الدين
البعلبكي قال لا أعرف فقلت له لأي شيء ما تعرف وهو مات قبلك فقال تعالى
الى عندي قال فجئت إليه فقال لي في اذني قليلا قليلا فخر الدين في السماء
التي فيها ابن تيمية والسراج المذكور هو أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن
تمام بن يحيى السراج الحراني وفخر الدين البعلبكي هو الامام عبد الرحمن بن
محمد بن عبد الرحمن البعلبكي رحمه الله تعالى وسيأتي ذكره إن شاء الله
تعالى
خرج المحدث أمين الدين الواني المذكور للشيخ تقي الدين ابن تيمية جزءا عن
كبار مشايخه الذين سمع منهم وحدث به الشيخ تقي الدين فسمعه منه جماعة منهم
ما قال المخرج فيما وجدته بخطه وسمع صاحبه الأمير الأجل الأفضل علاء
الدين أبو الحسن علي بن قيران السكري على الشيخ الامام العلامة الأوحد
الحبر البحر القدوة الكامل الراسخ تقي الدين شيخ الاسلام علامة الاعلام
قدوة الائمة مفيد الأمة قامع البدعة ناصر السنة بقية المجتهدين إمام
السالكين فريد عصره ووحيد دهره أبي العباس أحمد ابن الشيخ الامام العلامة
شهاب الدين أبي محمد عبد الحليم ابن شيخ الاسلام العلامة مجد الدين أبي
محمد عبد السلام بن عبد الله بن محمد ابن تيمية فسح الله في مدته وأعاد من
بركته جزءا فيه أربعون حديثا عن أكابر شيوخه وعواليهم الذين سمع منهم
انتقاه له مثبت هذا السماع محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الواني بقراءة
الامام محب الدين عبد الله ابن المحب المقدسي في يوم ثامن عشر من ربيع
الآخر سنة سبع عشرة وسبعمائة بمشهد عثمان من جامع دمشق وأجاز له الحمد لله
رب العالمين .
[ وقال مخرج الأربعين أيضا فيما وجدته بخطه على جزء بالاربعين : سمع جميع
هذا الجزء على المخرج له سيدنا وشيخنا الشيخ السند الامام العلامة البارع
الأوحد القدوة الحافظ الناقد الحجة العمدة الكامل الراسخ الحبر البحر تقي
الدين شيخ مشايخ الاسلام وأوحد العلماء الأعلام إمام الطوائف كنز
المستفيدين بحر العلوم آخر المجتهدين أبي العباس أحمد ابن الشيخ الامام
العلامة شهاب الدين عبد الحليم ابن العلامة الأوحد المجتهد مجد الدين عبد
السلام ابن عبد الله بن محمد ابن تيمية الحراني فسح الله في مدته بسماعه
من شيوخه فيه بقراءة أبي عبد الله محمد بن محمد بن إسماعيل بن نصر الله
ابن النحاس وقال ومحمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الواني وهذا خطه ثم قال
وثبت في يوم الاحد ثاني عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بدار
الحديث السكرية بدمشق وأجاد وقد وجدت أيضا بخط الأمين ابن الواني المذكور
طبقة سماع لجزء الحسن بن عرفة صورتها سمع جميع هذا الجزء وهو حديث الحسن
بن عرفة العبدي على المشايخ الاثنين والعشرين الامام العلامة الحجة الحافظ
القدوة الزاهد الورع شيخ الاسلام قدوة الأنام
مفتي الشام أوحد العصر فريد الدهر بركة الوقت تقي الدين أبي العباس أحمد
ابن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم بن محمد ابن
تيمية الحراني.
وذكر بقية طبقة السماع وذكر السامعين ثم قال وكاتب هذه الطبقة محمد بن
إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الواني وحضر أخوه أحمد في السنة
الرابعة وذكر بقية ذلك.

ابن المهندس
ومنهم الشيخ
الامام العالم البارع الأوحد المحدث الفقيه شمس الدين جمال الفقهاء مفيد
المحدثين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن غنائم بن وافد بن سعيد الصالحي
الحنفي ابن المهندس كتب الكثير ورحل ودأب وسمع وسمع وطبق وكتب وعني بهذا
الشأن وأخذ عن خلق وجماعة من الأعيان نسخ تهذيب الكمال تأليف المزي مرتين
ونسخ كتاب الاطراف للمزي أيضا بخطه الواضح الحسن وكان دينا متواضعا ولد
سنة خمس وستين وستمائة وتوفي يوم الثلاثاء عاشر شوال سنة ثلاث وثلاثين
وسبعمائة بدمشق ودفن بسفح قاسيون رحمه الله تعالى ترجم الشيخ تقي الدين
بشيخ الاسلام مرارا منها ما وجدته بخطه على جزء الحسن بن عرفة سمع جميع
هذا الجزء وهو جزء الحسن بن عرفة المشايخ الاثنين والعشرين شيخنا الامام
العلامة الحجة الحافظ القدوة الزاهد الورع شيخ الاسلام قدوة الأنام مفتي
الشام أوحد العصر فريد الدهر تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن
عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم ابن محمد ابن تيمية الحراني وسيدنا
قاضي القضاة نجم الدين ضياء الإسلام شرف الأنام رئيس الاصحاب صدر الشآم
سيد العلماء والحكام أبي العباس أحمد ابن محمد بن سالم بن الحسن بن هبة
الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي وذكر بقية المشايخ وطرقهم إلى الحسن بن
عرفة ثم قال بقراءة الامام العالم المحدث المتقن علم الدين أبي محمد
القاسم ابن محمد بن يوسف بن البرزالي ابنه محمد وذكر طائفة من السامعين ثم
قال وآخرون على نسخة القارئ منهم كاتب السماع بن ابراهيم بن غنائم ابن
المهندس وابنه عبد الله جبره الله وصح ذلك وثبت يوم الجمعة
ثالث ربيع أول سنة اثنتين وسبعمائة بجامع دمشق بالكلاسة واجاز المشايخ للجماعة مالهم روايته والحمد لله وحده.


الخزرجي البياني
ومنهم
الشيخ الصالح العالم المسند الكبير شمس الدين أبو عبد الله محمد بن
إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن يعقوب بن الياس الأنصاري الخزرجي
ابن امام الصخرة البياني الدمشقي المقدسي من أصحاب الفخر ابن البخاري
وزينب ابنة مكي وابن المجاور وحدث مرارا
قال اخبرنا شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس احمد بن عبد الحليم ابن تيمية
الحراني رحمة الله عليه بجميع كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء
الشيطان مناولة فذكره قرأه عليه بهذا الاسناد الامام العلامة ذو الفنون
أبو المظفر يوسف بن محمد السرمري رحمة الله عليه.


ابن بردس
ومنهم
الشيخ الصالح الامام العلامة مفتي المسلمين مفيد الطالبين بقية المسندين
تاج الدين أبو عبد الله محمد ابن الحافظ عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن
محمد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسلان البعلبكي الحنبلي مولده فيما حدثني
به يوم السبت الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وسبعمائة
ببعلبك أسمعه والده الكثير وقرأ هو بنفسه وطلب واجتهد في تحصيل العلم ودأب
وروى كثيرا من مسموعاته وانتفع كثير بفقهه ومروياته ولم يزل على خير فيما
نعلم إلى أن جاءه الأمر المحكم وجدت بخطه رحمه الله تعالى على فتاوى فقهية
سئل عنها الشيخ تقي الدين ابن تيمية ما صورته
سئل الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام مفتي الأنام بقية السلف الكرام
العالم الرباني والحبر النوراني مظهر آثار المرسلين وكاشف حقائق الدين تقي
الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد الله بن أبي
القاسم ابن تيمية الحراني قدس الله روحه ثم ذكر المسائل وجواب الشيخ تقي
الدين عنها.


ابن النقيب القرماني
ومنهم
الإمام العالم المحدث المفيد شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن حسن بن
أحمد بن إسرائيل الخبري ابن النقيب نقيب القرماني ولد سنة نيف وسبعمائة
أكثر عن الحافظين المزي والذهبي وسمع من أصحاب ابن عبد الدائم وغيره وذكره
الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وقال وعلى ذهنه متون ومسائل وعلق كثيرا
وقراءته جيدة بينة وسمع من ابن الشحنة انتهى ترجم الشيخ تقي الدين ابن
تيمية بشيخ الاسلام ووجدت بخطه نقل طبقة سماع على كتاب الجمعة للقاضي أبي
بكر احمد بن علي المروزي صورته سمع جميع هذا الجزء على الشيخ الجليل فخر
الدين أبي المكارم خطاب بن محمد ابن أبي الكرم بن كنانة الموصلي قال
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب ابن ظافر ابن رواج قراءة علي وأنا أسمع قال
قرئ على الامام الحافظ أبي طاهر احمد بن محمد السلفي وساق ابن النقيب
المذكور بقية الإسناد إلى المؤلف وقال بقراءة الامام العلامة شيخ الاسلام
بقية السلف تقي الدين أبي العباس احمد بن تيمية رحمة الله عليه الشيخ
الامام الحافظ علم الدين أبو محمد القاسم بن محمد ابن يوسف البرزالي أحسن
الله إليه وصح ذلك وثبت في يوم الجمعة منتصف رمضان سنة إحدى وثمانين
وستمائة وذكر ابن النقيب أنه نقله من خط البرزالي.




ابن المنصفي الحريري
ومنهم
الشيخ الصالح الزاهد العابد العالم الفقيه الحافظ المفيد شمس الدين مفتي
المسلمين أبو عبد الله محمد بن خليل بن محمد بن طوغان بن عبد الله التركي
المنصفي الحنبلي الحريري مولده تقريبا سنة ست وأربعين وسبعمائة انتقى على
بعض الشيوخ وخرج وأكثر عن شيخنا الحافظ ابي بكر بن المحب وبه تخرج وسمع من
خلق كثير منهم عثمان بن يوسف ابن غدير وحرر في هذا الشأن أيما تحرير توفي
بقلعة دمشق عقيب فتنة التتار من محنة حصلت له فيها وحريق بالنار وذلك في
سنة ثلاث وثمانمائة وكان معظما للشيخ تقي الدين محبا له بكثرة وترجمه بشيخ
الإسلام غير ما مرة.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:19 pm


ابن رافع
ومنهم
الشيخ الامام العلامة الزاهد الورع الحافظ الفقيه الناقد المفيد عمدة
المحدثين تقي الدين أبو المعالي محمد ابن الشيخ المحدث الزاهد جمال الدين
أبي محمد رافع ابن أبي محمد هجرس بن محمد بن شافع ابن محمد بن نعمة بن
فتيان بن منير بن سعد الصميدي السلامي ثم المصري ثم الدمشقي الشافعي ولد
بالقاهرة سنة أربع وسبعمائة في ليلة الأربعاء تاسع ذي القعدة وتوفي سنة
أربع وسبعين وسبعمائة سمع من الحسن سبط زيادة وابن القيم وجماعة حضورا
وارتحل به والده سنة
أربع عشرة فأسمعه من القاضي سليمان بن حمزة وأبي بكر بن عبد الدائم وطائفة
وسمع جميع تهذيب الكمال من الحافظ أبي الحجاج ثم توفي والده فحبب إليه هذا
الشأن.
وحج وقدم علينا سنة ثلاث وعشرين وقد صار ذا معرفة فسمع الكثير ثم رجع ثم
قدم من العام القابل فازداد واستفاد ثم قدم سنة تسع وعشرين وذهب إلى حماه
وحلب روى لنا عن ابي حيان قصيدة وتحول إلى دمشق سنة تسع وثلاثين فاستوطنها
وحصل له وظائف قاله الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين خرج ابن رافع لنفسه
معجما حافلا وخرج له الحافظ الذهبي جزءا من العوالي عن طائفة من مشايخه
سمعه منه جماعة من العلماء في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.
ووجدت بخطه طبقة السماع في بيت بني المحب صورتها وسمع صاحبه الولد السعيد
أبو الفتح أحمد وأخوه محمد على الشيخ الامام العالم الأوحد الحبر الكبير
شيخ العلماء بركة الأنام كنز المستفيدين القدوة العمدة الحافظ تقي الدين
ابي العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم
ابن تيمية الحراني جزءا فيه أربعون حديثا من مروياته خرجها له الامام امين
الدين محمد بن إبراهيم بن محمد الواني عن كبار مشايخه الذين سمع منهم
وذكر بقية السماع وانه كان بدار الحديث السكرية بالقصاعين من دمشق واحال
على القراءة والتاريخ المذكورين قبل هذه الطبقة فالسماع بقراءة والد أبي
الفتح أحمد واخيه ولدي الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن المحب عبد
الله المقدسي والتاريخ في يوم الجمعة بعد الصلاة رابع عشر جمادى الآخرة
سنة أربع وعشرين وسبعمائة ثم كتب ابن رافع آخر الطبقة المشار إليها ما
صورته واجاز كاتبه محمد بن رافع ابن أبي محمد وسمع معهما انتهى ما وجدته.





ابن نجيح
ومنهم
الشيخ العالم الفقية العابد الناسك شرف الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ
سعد الدين أبي محمد سعد الله بن عبد الأحد بن سعد الله بن عبد القاهر بن
عبد الواحد بن عمر الحراني بن نجيح سمع من أبي الحسن علي ابن البخاري
وآخرين وتفقه بجماعة منهم الشيخ تقي الدين وأذن له في الإفتاء فأفتى.
وكان من خيار المسلمين توفي بوادي بني سالم بين الحرمين بعد فراغه من الحج
فحمل إلى المدينة الشريفة ودفن بالبقيع في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وكان
للشيخ تقي الدين من جملة ملازميه والخدام وكان يترجمه فيما ننقله عنه
ويحكيه بشيخ الاسلام.

ابن الصيرفي
ومنهم الشيخ العالم
الفاضل المحدث المفيد المخرج المجيد الرحال جمال المحصلين ناصر الدين أبو
المعالي محمد بن طغريل بن عبد الله الخوارزمي ابن الصيرفي المتصوف ولد
سنة ثلاث وتسعين وستمائة ورحل إلى عدة من الأقطار وأخذ عن خلائق من رواة
الآثار ومنهم أبو بكر بن عبد الدائم وعيسى المطعم والحجار وجد في الطلب
وأجاد وخرج لجماعة من الشيوخ وأفاد مات بحماه في شهر ربيع الأول سنة سبع
وثلاثين وسبعمائة.
وجدت بخطه تقييد سماع لجزء أبي مسعود احمد بن الفرات الرازي على أربعة
وأربعين شيخا ذكره منهم الشيخ تقي الدين فقال فيما وجدته بخطه: وسيدنا
الشيخ الإمام العلامة الصدر الكبير الكامل القدوة الحافظ الزاهد العابد
الورع شيخ الاسلام مفتي الفرق حجة المذهب مقتدى الطوائف لسان الشريعة
مجتهد العصر وحيد الدهر إمام الائمة تقي الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ
الامام العلامة المفتي شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم ابن الشيخ
الامام العلامة شيخ الاسلام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله
بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني أعاد الله علينا من بركته وشيخنا
الإمام العالم الزاهد الورع المحدث العمدة الحجة الحافظ الكبير محدث
العصر جمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي
وذكر بقية المشايخ واسانيدهم والقارئ وبعض السامعين.
ثم قال وصح ذلك وثبت في يوم الجمعة بعد الصلاة الثاني عشر من شهر رمضان
المبارك سنة سبع عشرة وسبعمائة بمشهد عثمان بجامع دمشق وسمع معه جماعة
منهم مثبتة ضابط أسماء السامعين خادم الحديث النبوي محمد بن طغريل بن عبد
الله المعروف بابن الصيرفي عفا الله عنه ولطف به وسامحه وعدة السامعين
الذين كمل لهم سماع الجزء ثلاثمائة وخمسة عشر وعدة الذين سمعوا له يفرق
تسعة وعشرين نفسا.


ابن طولوبغا
ومنهم
الشيخ العالم المحدث المفيد ناصر الدين ابو نصر محمد ابن الأمير السيفي
طولوبغا ابن عبد الله التركي الدمشقي ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة وسمع من
الحجار وخلق من ذوي الاسناد وكتب كثيرا واستفاد وأفاد وجدت بخطه في مواضع
كثيرة ترجم فيها الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام ترجمته المشهورة ونقل من
كلامه جملا مفيدة
منها ما وجدته بخطه فيما يتعلق بالعقيدة انه قال ومذهب السلف والأئمة
كالأربعة وغيرهم إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل وليس لأحد أن يضع عقيدة
ولا عبادة من عند نفسه بل عليه أن يتبع ولا يبتدع ويقتدي ولا يبتدي.

ابن المحب الصامت
ومنهم الشيخ الإمام
الزاهد العابد العلامة النبيل المحدث الأصيل الحافظ الكبير المسند الكثير
عمدة الحفاظ شيخ المحدثين شمس الدين أبو بكر محمد بن الشيخ العالم الحافظ
القدوة محب الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن المحب عبد الله بن احمد
بن محمد بن ابراهيم بن احمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور بن عبد
الرحمن السعدي المقدسي ثم الصالحي الحنبلي الشهير بالصامت لقب بذلك لكثرة
سكوته عن فضول الكلام وكان يكره أن يدعى بهذا اللقب بين الأنام ولد سنة
اثنتي عشرة وسبعمائة وتوفي سنة ثمان وثمانين بصالحية دمشق الكبرى وبها دفن
رتب مسند الإمام أحمد على الابواب فاتقن وأجاد وصنف كتاب التذكرة في
الضعفاء فأفاد ولقد وجدت بخطه في مواضع كثيرة وأماكن متباينة بخطه مسطوره
ترجمة الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام وهو أجل شيوخه من الأئمة الأعلام
ومدحه بقصائد من النظام ( وجدت بخطه طبقة سماع على عوالي مسند الحارث بن
أبي أسامة أولها وسمعتها على شيخنا الامام الرباني شيخ الإسلام إمام
الأئمة الأعلام بحر العلوم والمعارف أبي العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد
السلام بن تيمية اثابه الله الجنة بسماعه من احمد ابن أبي الخير بسنده ومن
والده واحمد بن عبد الرحمن ابن العنيقة الحراني واحمد بن محمد الطاهر ابن
المحدث بسماعهم من يوسف بن خليل بقراءة والدي أبي محمد عبد الله بن احمد
بن المحب ابن محمد وهذا خطه وذكر بقية السامعين وأن السماع كان يوم
الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وسبعمائة بقرية المزة وقال
وأجاز لهم مروياته ومؤلفاته.
قال شيخنا ابن المحب المشار إليه في كتابه تكملة المختارة التي ألفها ضياء
الدين المقدسي فيما وجدته بخطه أخبرنا شيخ الاسلام أبو العباس احمد بن عبد
الحليم ابن تيمية وحافظ عصره أبو الحجاج المزي قالا اخبرنا احمد ابن أبي
الخير انبأنا خليل ابن أبي الرجا زاد ابو العباس فقال وأخبرنا والدي ابو
المحاسن واحمد بن العنيقة واحمد ابن الظاهري واخبرنا ابراهيم بن صالح بن
هاشم قالوا أخبرنا يوسف ابن خليل قال أخبرنا خليل الداراني فذكر حديثا
وقال شيخنا أيضا فيما ذكره من أوهام يسيرة وقعت للشيخ تقي الدين قال فيما
وجدته بخطه.
وحسب شيخنا مع اتساعه في كل العلوم إلى الغاية والنهاية سمعا وعقلا نقلا
وبحثا ان يكون نادر الغلط كما كان أخوه أبو محمد ابن تيمية فيما بلغني عنه
يقول أخي نادر الغلط وكان أبو محمد من الناقدين حديثا وفقها وعربية
انتهى.




ابن سوار السبكي

ومنهم الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة بهاء الدين علم المناظرين أحد
المتبحرين أبو البقاء محمد بن عبد البر بن يحيى [ بن علي ] ابن تمام بن
يوسف بن موسى بن تمام بن تميم بن حامد بن يحيى بن عمر ابن عثمان بن علي بن
مسوار بن سوار بن سليم الأنصاري الخزرجي السبكي الشافعي مولده في شهر
ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة وتوفي يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر
سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق سمع الحديث من خلق منهم أحمد بن الشحنة
ووزيرة بنت عمر بن المنجي وأبو الحسن الواني ويونس الدبوسي وذكره الذهبي
في معجمه المختص بالمحدثين فقال إمام متبحر مناظر بصير بالعلم محكم
للعربية وغيرها وقال وناب في الحكم لابن عمهم مع الدين والتقوى والتصون
انتهى نيابته للحكم المشار اليها كانت عن الإمام تقي الدين السبكي ثم ولي
القضاء استقلالا سنة ثمان وخمسين وسبعمائة فمكث فيه مدة يسيرة ثم ولي قضاء
الديار المصرية سنة ست وستين ثم صرف عنه سنة اثنتين وسبعين ثم ولي قضاء
دمشق ثانيا وبها توفي رحمة الله تعالى عليه في التاريخ المتقدم حكى بعض من
لقيته من الشيوخ العلماء أنه حضر مرة مع قاضي القضاة أبي البقاء شيخ
الشافعية درسا ألقاه بالمدرسة الرواحية وهي داخل باب الفراديس من دمشق
فجاءه جماعة من طائفة القلندرية يسألونه فأمر لهم بشيء وكان إذ ذاك حاكما
بدمشق على القضاء بها ثم جاءه طائفة أخرى من الحيدرية وهو يتوضأ على بركة
المدرسة المذكورة فسألوه فأمر لهم بشيء ثم جاء فصلى ركعتين ثم قال رحم الله
ابن تيمية كان يكره هؤلاء الطوائف على بدعهم قال فلما قال ذلك ذكرت له
كلام الناس في ابن تيمية فقال لي وكان ثم جماعة حاضرون قد تخلفوا بعد
الدرس يشتغلون عليه والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى
فالجاهل لا يدري ما يقول وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به
قال فاعجبني ذلك منه وقبلت يده وقلت له جزاك الله خيرا انتهى.
هذا حال راوي هذه الحكاية فكيف لو سمع ما صحت به الرواية عن الشيخ تقي
الدين السبكي شيخ الإسلام في مدحه الشيخ تقي الدين ابن تيمية الإمام لطار
فرحا من السرور وقضى عجبا من وقوع ذلك لما علم ما حصل من الشرور ولا نشد
متمثلا بذلك البيت المشهور
ومليحة شهدت لها ضراتها % والفضل ما شهدت به الأعداء
كتب الحافظ أبو عبد الله الذهبي فيما اشتهر إلى الشيخ تقي الدين السبكي
يعاتبه على ما صدر فكتب الجواب يعتذر عن تلك الحادثات ومن بعضه ما أشار
إليه الشيخ زين الدين بن رجب في كتابه الطبقات فقال ومما وجد في كتاب كتبه
العلامة قاضي القضاة أبو الحسن السبكي إلى الحافظ أبي عبد الله الذهبي في
أمر الشيخ تقي الدين أما قول سيدي في الشيخ فالمملوك يتحقق كبر قدره
وزخارة بحره وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية وفرط ذكائه واجتهاده
وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي لا يتجاوز الوصف والمملوك يقول ذلك دائما
وقدره في نفسي أعظم من ذلك وأجل مع ما جمع الله له من الزهادة والورع
والديانة ونصرة الحق والقيام فيه لا لغرض سواه وجريه على سنن السلف وأخذه
من ذلك بالمأخذ الأوفى وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان انتهى.

ابن جيش الرقي المؤذن
ومنهم
الشيخ الصالح المقرئ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن عثمان ابن جيش بن
علي الدمشقي المؤذن حضر على القاضي سليمان وسمع من أبي بكر بن احمد بن عبد
الدائم وعيسى المطعم وهذه الطبقة أجاز له في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة جماعة
من شيوخ دمشق ومصر ذكره الإمام أبو العباس بن حجي في معجم شيوخه ترجم
الشيخ تقي الدين بشيخ الإسلام فيما سمعه منه النور علي بن محمد بن أيدغدي
فيما وجدته بخطه.




ابن الحريري
ومنهم
الشيخ الإمام قاضي قضاة مصر والشام وأحد أعيان الاعلام شمس الدين مفتي
المسلمين مفيد الطالبين ابو عبد الله محمد ابن الشيخ صفي الدين ابي عمرو
عثمان بن أبي الحسن بن عبد الوهاب الأنصاري الحنفي ابن الحريري.
ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة وتوفي يوم السبت رابع جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة كان يقول إن لم يكن ابن تيمية
شيخ الإسلام فمن وقال مرة لبعض أصحابه أتحب الشيخ تقي الدين قال نعم قال
والله لقد أحببت شيئا مليحا حكى ذلك عن قاضي القضاة ابن الحريري المذكور
الحافظ العلامة أبو الفداء إسماعيل بن كثير في تاريخه فيمن توفي سنة ثمان
وعشرين من الأعيان.




ابن شكر
ومنهم
الشيخ الإمام العالم الفقيه الفاضل المحدث المفيد شمس الدين ابو عبد الله
محمد بن عثمان بن عبد الله بن شكر النبحاني نزيل دمشق الحنبلي ذو
التصانيف الجمة التي منها كتاب نصيحة الأمة في عقائد الأئمة في مجلدين سمع
من محمد بن اسماعيل بن الخباز وخلق من المتأخرين حتى من اقرانه من
المحدثين ومن دونهم من المسندين ذكره الامام ابو العباس احمد بن حجي في
معجم شيوخه مولده فيما وجدته بخطه سنة خمس وعشرين وسبعمائة وكان يترجم
الشيخ تقي الدين ابن تيمية بشيخ الإسلام ويعظمه كثيرا .




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:20 pm



ابن اليونانية البعلبكي
ومنهم الشيخ
الإمام العلامة الصالح البركة أقضى القضاة شمس الدين مفتي المسلمين أبو
عبد الله محمد ابن الشيخ أبي الحسن علي بن احمد بن اليونانية البعلبكي
الحنبلي قاضي بعلبك حدث عن أحمد بن أبي طالب الحجار وكان من القضاة
الأخيار والعلماء الأعلام وترجم الشيخ تقي الدين غير ما مرة بشيخ الإسلام.




بن حمزة الحسيني
ومنهم
السيد الشريف الإمام العالم العفيف الحافظ الناقد ذو النصانيف شمس الدين
جمال المحدثين أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن ابن حمزة بن أبي المحاسن [
محمد ابن ناصر بن علي بن الحسين بن اسماعيل بن الحسين بن محمد بن اسماعيل
بن محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن
علي بن أبي طالب ] الحسيني الدمشقي الشافعي ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة في
شعبان وسمع من خلق منهم احمد بن علي الجزري وابو الفتح الميدومي وزينب
ابنة الكمال وغيرهم من الاعيان وخرج لنفسه معجما يشتمل على خلق كثير وكان
اماما حافظا مؤرخا له قدر كبير ومن مصنفاته الفاخرة كتاب الذرية الطاهرة
سماه العرف الذكي في النسب الزكي وكتاب الاكتفا في الضعفا وكتاب أسامي
رجال الائمة الستة ومسند احمد بن حنبل وكتاب التاريخ وغير ذلك من مختصر
ومطول ومنه كتاب الإلمام في آداب دخول الحمام وكان حسن الخلق رضي النفس من
الثقات الاثبات وجدت بخطه في غير ما موضع من مؤلفاته سمي فيها ابن تيمية
شيخ الاسلام توفي رحمة الله في شهر رمضان سنة خمس وستين وسبعمائة.




الزملكاني
ومنهم
الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة كمال الدين جمال المناظرين أبو المعالي
محمد بن أبي الحسن [ بن ] علي بن عبد الواحد بن خطيب زملكا أبي محمد عبد
الكريم بن خلف [ ابن سلطان ابن خليل بن حسن ابن سعد بن ] نبهان الانصاري
الشافعي ابن الزملكاني مولده في ليلة الاثنين ثامن شوال سنة ست وقيل سنة
سبع وستين وستمائة وتوفي ليلة السبت السادس عشر من شهر رمضان سنة سبع
وعشرين وسبعمائة بمدينة بلبيس وحمل إلى القاهرة فدفن بها تولى مناظرة شيخ
الاسلام ابن تيمية غير ما مرة ومع ذلك فكان يعترف بإمامته ولا ينكر فضله
ولا بره قال مرة عن الشيخ تقي الدين كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي
والسامع انه لا يعرف غير ذلك الفن وحكم أن احدا لا يعرف مثله.
وقال الشيخ زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب في طبقاته وبلغني من
طريق صحيح عن ابن الزملكاني انه سئل عن الشيخ يعني ابن تيمية فقال لم ير
من خمسمائة سنة أو قال أربعمائة سنة والشك من الناقل وغالب ظنه انه قال من
خمسمائة سنة احفظ منه انتهى .
وقد روى واشتهر وذكر وانتشر ما كتبه الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني على
كتاب بيان الدليل على بطلان التحليل تأليف ابن تيمية وهو ما نصه
من مصنفات [ سيدنا ] وشيخنا وقدوتنا الشيخ الإمام العالم العلامة الاوحد
البارع الحافظ الزاهد الورع القدوة الكامل العارف تقي الدين شيخ الإسلام
سيد العلماء قدوة الأئمة الفضلاء ناصر السنة قامع البدعة حجة الله على
العباد راد أهل الزيغ والعناد أوحد العلماء العاملين آخر المجتهدين أبي
العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن عبد الله ابن أبي القاسم بن
محمد ابن تيمية الحراني حفظ الله على المسلمين طول حياته وأعاد عليهم من
بركاته إنه على كل شيء قدير وكتب الشيخ كمال الدين بن الزملكاني أيضا بخطه
على كتاب رفع الملام عن الائمة الأعلام ما نصه
تأليف الشيخ الامام العالم العلامة الأوحد الحافظ المجتهد الزاهد العابد
القدوة إمام الائمة قدوة الأمة علامة العلماء وارث الانبياء آخر المجتهدين
أوحد علماء الدين بركة الاسلام حجة الاعلام برهان المتكلمين قامع
المبتدعين محي السنة ومن عظمت به لله علينا المنة وقامت به على أعدائه
الحجة واستبانت ببركته وهديه المحجة تقي الدين أبو العباس احمد بن عبد
الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني أعلى الله مناره وشيد به من الدين
أركانه ثم ذكر أبياتا منها
هو حجة لله باهرة % هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية في الخلق ظاهرة % أنوارها أربت على الفجر
وقال الشيخ كمال الدين بن الزملكاني أيضا عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية
اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها وله اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة
العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين حكاه عن ابن الزملكاني الحافظ علم
الدين أبو محمد القاسم بن البرزالي وحكاه أيضا الحافظ ابو عبد الله محمد
بن أحمد بن عبد الهادي فقال في كتابه طبقات الحفاظ في ترجمة الشيخ تقي
الدين وهي خاتمة تراجم الطبقات .
وقال العلامة كمال الدين ابن الزملكاني كان إذا سئل عن فن من العلم ظن
الرائي والسامع انه لا يعرف غير ذلك الفن وحكم ان احدا لا يعرف مثله وكان
الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم
يكونوا عرفوه قبل ذلك ولا يعرف أنه ناظر أحدا فانقطع معه ولا تكلم في علم
من العلوم سواء كان من علوم الشرع أو غيرها إلا فاق فيه أهله والمنسوبين
اليه.
وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين.
وقال ابن عبد الهادي ايضا في ترجمة الشيخ تقي الدين المفردة وقد سئل عنه
الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني فقال هو بارع في فنون عديدة من الفقه
والنحو والاصول ملازم لانواع الخير وتعليم العلم حسن العبارة قوي في دينه
صحيح الذهن قوي الفهم.





ابن دقيق العيد
ومنهم
الشيخ العلامة الامام أحد شيوخ الاسلام قاضي قضاة المسلمين تقي الدين
عمدة الفقهاء والمحدثين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب ابن مطيع ابن أبي
الطاعة القشيري المنفلوطي المالكي الشافعي ابن دقيق العيد
المتوفي سنة اثنتين وسبعمائة روى عن ابن المقير وابن الجميزي وابن رواج وآخرين وعنه المزي والقطب الحلبي وغيرهما من المحدثين .
وكان إماما حافظا فقيها ذا تحرير مالكيا شافعيا ليس له نظير وكان يفتي
بالمذهبين ويدرس فيهما بمدرسة الفاضل على الشرطين وله اليد الطولى في
معرفة الأصلين ومن مؤلفاته كتاب الإلمام في الأحكام وكتاب الأربعين في
الرواية عن رب العالمين.
لما قدم التتار خذلهم الله تعالى سنة سبعمائة إلى أطراف البلاد الشامية
وكانت العساكر المصرية قد خرجت لقتالهم ثم قوي عليهم المطر وشدة البرد
فرجعوا متوجهين إلى مصر فبلغ [ ذلك ] الشيخ تقي الدين ابن تيمية فركب على
البريد من دمشق وساق ليلحق السلطان قبل دخوله إلى مصر فسبقه الجيش ودخل
إلى القاهرة فدخلها الشيخ تقي الدين ابن تيمية في اليوم الثامن من خروجه
من دمشق وكان دخوله مع دخول بعض العساكر إلى القاهرة يوم الاثنين حادي عشر
جمادى الاولى سنة سبعمائة فاجتمع بالشيخ اعيان البلد ومنهم تقي الدين ابن
دقيق العيد فسمع كلام الشيخ تقي الدين ابن تيمية وقال له بعد سماع كلامه
ما كنت أظن أن الله تعالى بقي يخلق مثلك وسئل الشيخ تقي الدين ابن دقيق
العيد بعد انقضاء ذلك المجلس عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية فقال هو رجل
حفظة فقيل له فهلا تكلمت معه فقال هذا رجل يحب الكلام وأنا أحب السكوت
وقال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد أيضا لما اجتمعت بابن تيمية رأيت
رجلا العلوم كلها بين عينيه يأخذ منها ما يريد ويدع ما يريد.





ابن المنجا التنوخي
ومنهم الشيخ
الامام الفقيه الصالح مفتي المسلمين علم المدرسين شرف الدين أبو عبد الله
محمد بن أبي البركات المنجا ابن العز أبي عمرو عثمان بن وجيه الدين أبي
المعالي أسعد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي المعري الأصل ثم
الدمشقي ولد سنة خمس وسبعين وستمائة وسمع بإفادة والده الكثير من المسلم بن
علان وطبقته وتفقه وأفتى ودرس وكان ذا صيانة وتقوى وديانة من خواص أصحاب
الشيخ تقي الدين ابن تيمية وملازميه حضرا وسفرا توفي رحمه الله في رابع
شوال سنة أربع وعشرين وسبعمائة ودفن بسفح قاسيون من دمشق.





اليونيني
ومنهم
الشيخ العالم الفقيه المؤرخ تقي الدين أبو عبد الله محمد بن الامام قطب
الدين أبي الفتح موسى بن الحافظ الفقيه تقي الدين أبي عبد الله ابن أبي
الحسين احمد بن عبد الله بن عيسى بن احمد بن علي بن محمد بن محمد بن احمد
بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن
ابي طالب الهاشمي العلوي الحسيني اليونيني توفي يوم الاحد ثالث ذي الحجة
سنة خمس وستين وسبعمائة وكان رضي النفس حسن الخلق كثير الأدب قليل الكلام
يحمل حاجته من السوق في ذيله وهو أحد الأعلام الذين سموا ابن تيمية شيخ
الاسلام.




ابن السند
ومنهم
الشيخ الامام العالم الحافظ الناقد المفيد شمس الدين عمدة المحدثين أبو
عبد الله محمد بن موسى بن محمد بن سند بن تميم اللخمي الدمشقي الشافعي جد
في طلب هذا الشأن واجتهد وحرر رجاله واسماءهم وانتقى وانتقد وخرج لنفسه
ولغيره فأتقن وكتب بخطه كثيرا فأجاد وأحسن سمع من الذهبي واحمد بن المظفر
النابلسي ومحمد بن الخباز وآخرين وكان حافظا عالما من المتقنين توفي سنة
إحدى وتسعين وستمائة وكان يسمي ابن تيمية شيخ الاسلام كغيره من المعدلين.



ابن سعد
ومنهم
العالم الفاضل المحدث البارع المؤرخ المفيد شمس الدين جمال المخرجين أبو
عبد الله محمد ابن الشيخ المسند الكبير أبي زكريا يحيى ويقال له أسعد ابن
الشيخ الفقيه الفاضل الاديب البارع الكاتب الوزير الصالح ابي عبد الله محمد
بن سعد بن عبد الله بن سعد بن مفلح ابن هبة الله بن نمير الانصاري
المقدسي الاصل ثم الدمشقي الصالحي الشهير بابن سعد سمع الكثير بواسطة أبيه
وطلب بنفسه فأكثر ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين فقال المحدث
الفاضل المفيد شمس الدين ولد سنة ثلاث وسبعمائة وبكر به والده فسمع كثيرا
وهو حاضر وسمع من القاضي ومن والده وابن عبد الدائم والمطعم وخلق كثير
وطلب بنفسه سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وكتب ورحل وخرج للشيوخ وتميز
واصحابنا يثنون عليه انتهى كتب للشيخ تقي الدين ابن تيمية شيخ الاسلام غير
ما مرة منها ما وجدته بخطه في طبقة سماع لجزء الحسن بن عرفة صورتها سمع
جميع هذا الجزء وهو جزء ابن عرفة علي المشايخ الاربعة والعشرين الشيخ
الامام العالم العلامة الاوحد البارع الحجة الحافظ الزاهد العابد الورع
شيخ مشايخ الاسلام بقية الائمة الاعلام امام الائمة قدوة الامة علامة
الزمان فريد الدهر والأوان بحر العلوم تقي الدين أبي العباس احمد بن الشيخ
الامام العلامة شهاب الدين عبد الحليم ابن الشيخ الامام شيخ الاسلام مجد
الدين عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية
وأخيه الصدر العدل زين الدين أبي محمد عبد الرحمن وذكر باقي المشايخ
وطرقهم الى ابن كليب راوي الجزء ثم قال بقراءة الشيخ الامام العالم العلامة
الحافظ الناقد البارع مؤرخ الشام علم الدين أبي محمد القاسم بن محمد ابن
يوسف بن محمد بن البرزالي حرسه الله تعالى صاحب الجزء الشيخ الامام العالم
المحدث الفاضل المتقن المفيد شمس الدين أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن
غنائم ابن المهندس وذكر جماعة كثيرين ثم قال وكاتب السماع محمد ابن يحيى
بن محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد المقدسي عفا الله عنه وآخرون تفوق
عدتهم ثمانية نفر مذكورين على نسخة صلاح الدين العلائي وصح ذلك وثبت في
يوم الجمعة بعد الصلاة الخامس عشر من شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وسبعمائة
بجامع دمشق وأجاز الشيوخ كلهم ما لهم روايته.


ابو حيان الأندلسي
ومنهم الشيخ الامام العلامة علم القراء استاذ النحاة والأدباء جمال المفسرين أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن
حيان النفزي الأندلسي الجياني ثم الغرناطي ثم المصري الظاهري .
ولد بمطخشارش من غرناطة قاعدة بلاد الأندلس في العشر الاخير من شوال سنة
أربع وخمسين وستمائة ارتحل في أول سنة تسع وسبعين وحج فيها ولقي الشيوخ
وأجاز له خلق منهم الخطيب يوسف بن ابراهيم ابن أبي ريحانة الاندلسي وهو
أقدم من أجاز له ومنهم أبو الحسن علي بن البخاري وتوفي في الثاني والعشرين
من صفر سنة خمس وأربعين وسبعمائة بعد أن أضر في آخر عمره.
قال القاضي أبو العباس أحمد بن أبي المفضل يحيى بن فضل الله العمري ولما
سافر ابن تيمية على البريد إلى مصر سنة سبعمائة نزل عند عمي شرف الدين
رحمه الله وحض أهل مصر على الجهاد في سبيل الله وأغلظ في القول للسلطان
والامراء ثم رتب له في مدة مقامه بالقاهرة في كل يوم دينار ومخفية وجاءته
بقجة قماش فلم يقبل من ذلك شيئا قال
وحضر عنده شيخنا أبو حيان وكان علامة وقته في النحو فقال ما رأت عيناي مثل ابن تيمية ثم مدحه على البديهة في المجلس
لما اتينا تقي الدين لاح لنا % داع إلى الله فرد ماله وزر
على محياه من سيما الألى صحبوا % خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبرا % بحر تقاذف من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا % مقام سيد تيم إذ عصت مضر
فاظهر الحق إذ آثاره درست % وأخمد الشر إذ طارت له شرر
كنا نحدث عن حبر يجيء فها % أنت الامام الذي قد كان ينتظر .
قال ثم دار بينهما كلام فيه ذكر سيبويه فقال ابن تيمية فيه كلاما نافره
عليه ابو حيان وقطعه بسببه ثم عاد من اكثر الناس ذما له واتخذه له ذنبا لا
يغفر انتهى .
وهذه الابيات كتبها الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي بخطه
ونقلها من خطه المحدث أبو نصر محمد بن طولوبغا وبخطه وجدتها ووجدتها أيضا
بخط الحافظ أبي عبد الله الذهبي لكن البيت الخامس منها
فاظهر الحق إذ آثاره درس % وأخمد الشر إذ طارت به الشرر
وباقي الابيات سواء قال الشيخ زين الدين ابن رجب في كتابه الطبقات عن هذه
الابيات قال ويقال إن أبا حيان لم يقل أبياتا خيرا منها ولا أفحل. انتهى .
ووجدتها أيضا بخط شيخنا الحافظ أبي بكر محمد بن المحب وقرأها على أبي حيان
عرضا فإن شيخنا لما حج في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة إجتمع بأبي حيان بمكة
زادها الله شرفا وسمع من لفظه جزءا من فوائده في أوله اناشيد غزلية من
نظمه أخر ابو حيان قراءتها أولا ثم قرأها آخر الجزء واعتذر عن قراءتها
فيما قاله شيخنا في تلك البقعة الشريفة مما لا عذر له فيه إلا من جنس عذره
لنظمه لذلك .
وقرأ شيخنا أيضا على ابي حيان أحاديث عدة من مروياته في يوم الأحد سادس ذي الحجة من السنة.
وأوقف أبا حيان على هذه الأبيات التي مدح بها الشيخ تقي الدين عرضها عليد
فقال قد كشطتها من ديواني ولا أثني عليه بخير وقال ناظرته فذكرت له كلام
سيبويه فقال يفشر سيبويه قال يعني ابا حيان وهذا لا يستحق الخطاب انتهى .
وهذه القصة ذكرها الحافظ العلامة أبو الفداء اسماعيل بن كثير في تاريخه وهي
أن أبا حيان تكلم مع الشيخ تقي الدين في مسألة في النحو فقطعه ابن تيمية
فيها وألزمه الحجة فذكر ابو حيان كلام سيبويه فقال ابن تيمية يفشر سيبويه
أسيبويه نبي النحو أرسله الله به حتى يكون معصوما سيبويه أخطأ في القرآن
في ثمانين موضعا لا تفهمها أنت ولا هو هذا الكلام أو نحوه على ما سمعته من
جماعة أخبروا به عن هذه الواقعة
وقد كان ابن تيمية لا تأخذه في الحق لومة لائم وليس عنده مداهنة وكان مادحه وذامه عنده في الحق سواء انتهى.
لكن بعد موت الشيخ تقي الدين رحمة الله عليه رثاه بعض المصريين بقصيدة
وعرضها على أبي حيان فسمعها منه وأقره عليها قال ابن عبد الهادي في ترجمة
الشيخ تقي الدين المفردة حين ذكر مراثيه قال ومنها قصيدة لرجل جندي من أهل
مصر أرسلها وذكر أنه عرضها على الامام أبي حيان النحوي وهي هذه
خطب دنا فبكى له الاسلام % وبكت لعظم بكائه الايام
وذكر القصيدة ومنها
بحر العلوم وكنز كل فصيلة % في الدهر فرد في الزمان إمام
ومنها
والسنة البيضاء أحيا ميتها % فغدت عليها حرمة وزمام
وأمات من بدع الضلال عوائدا % لا يستطيع لدفعها الصمصام
فلئن تأخر في القرون لثامن % فلقد تقدم في العلوم أمام.
قلت وناظم هذه القصيدة يقال له بدر الدين ابن عز الدين المغيثي رحمه الله
تعالى وأراه محمد بن عبد العزيز بن كمال الدين عبد الرحيم المارديني
الصفار وكان والده عز الدين من خواص أصحاب الشيخ تقي الدين وكتب ابنه بدر
الدين المذكور مصنف الشيخ في الرد على الرافضي في ست مجلدات هي عندي بخطه
يترجم الشيخ في أوائل كل جزء بترجمة بليغة من ذلك قوله في حاشية الجزء
الاول فيما وجدته بخطه تأليف شيخ
الاسلام والمسلمين القائم ببيان الحق ونصر الدين الداعي الى الله ورسوله
المجاهد في سبيله الذي اضحك الله به من الدين ما كان عابسا وأحيا من السنة
ما كان دارسا والنور الذي أطلعه الله في ليل الشبهات فكشف به غياهب
الظلمات وفتح به من القلوب مقفلها وأزاح به عن النفوس عللها فقمع به زيغ
الزائغين وشك الشاكين وانتحال المبطلين وصدقت به بشارة رسول رب العالمين
بقوله صلى الله عليه وسلم إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من
يجدد لها دينها وبقوله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف
عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين.

وهو الشيخ الامام العلامة الزاهد العابد الخاشع الناسك الحافظ المتبع تقي
الدين ابو العباس احمد ابن الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام أبي المحاسن
عبد الحليم ابن شيخ الاسلام مفتي الفرق علامة الدنيا مجد الدين عبد السلام
ابن الشيخ الامام العلامة الكبير شيخ الاسلام فخر الدين عبد الله ابن أبي
القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني قدس الله روحه ونور ضريحه ثم كتب ابن
عز الدين المذكور مقابل الترجمة نقلت هذه الترجمة من خط محمد ابن قيم
الجوزية انتهى.



ابن قيم الجوزية
ومنهم
الشيخ الامام العلامة شمس الدين أحد المحققين علم المصنفين نادرة
المفسرين أبو عبد الله محمد ابن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي
الاصل ثم الدمشقي ابن قيم الجوزية وتلميذ الشيخ تقي الدين ابن تيمية له
التصانيف الانيقة والتآليف التي في علوم الشريعة والحقيقة مولده سنة إحدى
وتسعين وستمائة سمع من القاضي سليمان بن حمزة وعيسى المطعم وطبقتهما ولازم
الشيخ تقي الدين ابن تيمية وأخذ عنه علما جما وكان ذا فنون من العلوم
وخاصة التفسير والاصول من المنطوق والمفهوم ومن مصنفاته زاد المعاد في هدي
خير العباد صلى الله عليه وسلم في أربع مجلدات وكتاب سفر الهجرتين وباب
السعادتين مجلد .
حدث عنه الشيخ زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن رجب وغيره توفي ليلة
الخميس ثالث عشر شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ودفن بمقبرة الباب
الصغير من دمشق عند والديه رحمهما الله وكانت جنازته مشهورة [ قال شيخنا
الحافظ أبو بكر محمد بن المحب فيما وجدته بخطه قلت إمام شيخنا المزي ابن
القيم في درجة ابن خزيمة فقال هو في هذا الزمان كابن خزيمة في زمانه ]
ترجم شيخه غير ما مرة بشيخ الاسلام منها ما تقدم قريبا ومنها قوله وسمعت
شيخ الاسلام ابن تيمية يقول ان في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة
الآخرة قال وكان اذا صلى الفجر يجلس مكانه يذكر الله تعالى حتى يتعالى
النهار جدا وكان اذا سئل عن ذلك يقول هذه غدوتي ولو لم اتغد هذه الغدوة
سقطت قواي وكان يقول لما خلق الله حملة العرش قالوا ربنا لم خلقتنا قال
خلقتكم لتحملوا عرشي قالوا ربنا ومن يطيق حمل عرشك وعليه عظمتك قال قولوا
لا حول ولا قوة إلا بالله وكان يكثر ان يقول انا المكدي وابن المكدي وهكذا
كان ابي وجدي وكان يقول بالصبر واليقين تنال الامامة في الدين وكان يقول
لا بد للسالك الى الله من همة تسيره وترقيه وعلم يبصره ويهديه وقال العارف
يسير الى الله عز وجل بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس وكان يتمثل
كثيرا
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى % وصوت إنسان فكدت أطير

وكان يتمثل أيضا

وأخرج من بين البيوت لعلني % أحدث عنك النفس في السر خاليا.





تاج الدين الحميري

ومنهم الشيخ المسند الكبير الامام العالم المؤرخ المفيد تاج الدين ابو
العباس أحمد ابن الشيخ نجم الدين أبي عبد الله محمد بن بهاء الدين أبي
محمد عبد الله بن الحسن بن الحسين بن اسماعيل بن أبي الطاهر وهب بن محبوب
الحميري المعري الأصل البعلي ثم الدمشقي الشافعي مولده فيما وجدته بخطه
ثامن عشر شعبان سنة إحدى وسبعمائة أسند الكثير وسمع منه جم غفير منهم أبو
الفضل عبد الرحيم بن العراقي وعلي بن أبي بكر الهيثمي وعلي بن البناء
ومحمد بن سند وغير واحد من العلماء لقي الشيخ تقي الدين وسمع منه وروى غير
مرة عنه من ذلك ما قال انشدنا شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن
تيمية رحمه الله تعالى فذكر بيتين.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:20 pm



ابن شيخ الحزاميين الواسطي
ومنهم
الشيخ الامام القدوة العارف المسلك العالم الرباني عماد الدين بقية السلف
الصالحين أبو العباس احمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود ابن عمر
الواسطي الحزامي ابن شيخ الحزاميين ولد في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وستمائة
بشرقي واسط وقرأ ببلده شيئا من الفقه على مذهب الامام الشافعي ثم رحل الى
بغداد وأخذ عن طائفة ثم حج وأقام بالقاهرة ثم انتقل الى دمشق فصحب الشيخ
تقي الدين ابن تيمية فأمره بمطالعة السيرة النبوية فلزمها وأدمن مطالعتها
اختصر سيرة ابن اسحاق تهذيب ابن هشام واقتفى الآثار النبوية وتمسك بالهدي
المحمدي وانتقل الى مذهب أحمد بن حنبل وألف فيه مؤلفا سماه البلغة وهو
مختصر الكافي وله مؤلفات كثيرة غالبها في اقتفاء السنة وطريق التصوف على
السنة والرد على طوائف من المبتدعة كالاتحادية وغيرهم وكان زاهدا عابدا
داعية الى الله معمور الاوقات بالاوراد والعبادات والذكر والفكر والمطالعة
والتصنيف والإفادة توفي رحمه الله تعالى في آخر يوم السبت السادس عشر من
شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وسبعمائة بالمارستان الصغير داخل دمشق ودفن
من الغد بسفح قاسيون قبالة زاوية السيوفي وكان الحافظ الذهبي يعظمه ويثني
عليه وقال في كتابه المشتبه شيخنا القدوة عماد الدين الحزامي الواسطي.
انتهى.
ومن رسائله رسالة كتبها الى جماعة من أصحابه وأصحاب الشيخ تقي الدين ابن
تيمية قال فيها السيد امام الأمة الهمام محي السنة وقامع البدعة ناصر
الحديث مفتي الفرق الفائق عن الحقائق وموصلها بالاصول الشرعية للطالب
الذائق الجامع بين الظاهر والباطن فهو يقضي بالحق ظاهرا وقلبه في العلا
قاطن أنموذج الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين غابت عن القلوب
سيرهم ونسيت الامة حذوهم وسبلهم فذكرهم بها الشيخ فكان في دارس نهجهم
سالكا ولموات حذوهم محييا ولأعنة قواعدهم مالكا الشيخ الإمام تقي الدين
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية أعاد الله بركته
ورفع الى مدارج العلا درجته وذكر تمام الرسالة.





الحسباني
ومنهم
الشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة جمال الحفاظ شهاب الدين علم المفسرين
مفيد المحدثين عمدة المؤرخين أبو العباس أحمد ابن الشيخ الإمام مفتي الشام
عماد الدين أبي الفداء اسماعيل بن خليفة بن عبد العالي الدمشقي بن
الحسباني الشافعي سمع بدمشق ومصر وبعلبك وغيرها من البلاد.

وكان أحد العلماء الفقهاء الحفاظ النقاد كتب الكثير وتكلم على الرجال
بالتحرير واجتهد في التأليف وخاصة في التفسير ولقد ذكر الشيخ تقي الدين
فأحسن الثناء عليه وترجمه بشيخ الاسلام لما خبره من حال الشيخ ونقل إليه.





أبو العباس ابن حجي
ومنهم
الشيخ الإمام العلامة حافظ الشام ومؤرخ الإسلام أقضى القضاة شهاب الدين
علم النقاد المتقنين فقيه الحفاظ مفيد المحدثين أبو العباس أحمد ابن الشيخ
الامام العلامة شيخ الشافعية علاء الدين حجي بن موسى ابن احمد بن سعد بن
غشم بن غزوان بن علي بن مشرف بن تركي السعدي الحساني الشافعي قيل إنه من
ولد عطية السعدي أبي محمد الصحابي المشهور من بني سعد بن بكر نزل الشام
وكان له أولاد بالبلقاء وقد انتسب إليه الإمام أبو العباس بن حجي المذكور
فقال فيما وجدته بخطه في معجمه في ترجمة والده بعد ان ذكر نسبه الى تركي
قال من ولد عطية السعدي ظنا. انتهى.
أخذ ( أبو العباس ) عن والده وغيره من الائمة وحصل فنونا من العلوم جمة
وسمع عن عثمان بن يوسف بن غدير وعمر بن اميلة وخلق كثير وحدث عن عبد الله
بن قيم الضيائية وغيره بالاجازة وكان أحد حفاظ هذا الشأن ممن اتقنه وحازه
وتفرد باتقان مذهبه مع فتاويه المحررة المهذبة ومعرفته الجيدة بتراجم
الرجال والوقائع والدول وتقلب الاحوال ومذهبه في الشيخ تقي الدين مذهب
أقرانه ومشايخه من المحدثين وحكة في معجم شيوخه المجرد فيما وجدته بخطه
المجود قال علي بن عبد الكريم ابن الشيخ سراج الدين البغدادي الاصل
البطايحي المزي أخبرني بشيء غريب قال كنت شابا وكانت لي بنت حصل لها رمد
وكان لنا اعتقاد في ابن تيمية وكان صاحب والدي ويأتي الينا ويزور والدي
فقلت في نفسي لآخذن من تراب قبر ابن تيمية فلأكحلها به فانه طال رمدها ولم
يفد فيها الكحل فجئت الى القبر فوجدت بغداديا قد جمع من التراب صررا فقلت
ما تصنع بهذا قال أخذته لوجع الرمد أكحل به أولادا لي فقلت وهل ينفع ذلك
فقال نعم وذكر أنه جربه فازددت يقينا فيما كنت قصدته فأخذت منه فكحلتها
وهي نائمة فبرأت قال وحكيت ذلك لابن قاضي الجبل يعني الامام شرف الدين أبا
العباس أحمد ابن الحسن بن عبد الله بن شيخ الاسلام أبي عمر المقدسي قال
وكان يأتي الينا فأعجبه ذلك وكان يسألني ذلك بحضرة الناس فأحكيه ويعجبه
ذلك.
وقال الامام أبو العباس بن حجي أنشدنا الشيخ الامام العالم البارع الحافظ
الاديب الاوحد بقية السلف شمس الدين أبو عبد الله محمد ابن محمد بن عبد
الكريم الطرابلسي ابن الموصلي الشافعي من لفظه لنفسه
ان كان إثبات الصفات جميعها % من غير كيف موجبا اومي
وأصبر تيميا بذلك عندكم % فالمسلمو جميعهم تيمي
وقال أيضا كتب ابن المطهر الرافضي الى الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمة الله عليه
لو كنت تعلم كم ما علم الورى % طرا لصرت صديق كل العالم
لكن جهلت فقلت ان جميع من % يهوى خلاف هواك ليس بعالم
قال فاجابه شيخنا شمس الدين الموصلي وسمعته من لفظه في يوم الخميس خامس عشر
ذي القعدة سنة سبعين وسبعمائة بقاعة دار الحديث الاشرفية قال
يا من يموه في السؤال مسفسطا % إن الذي ألزمت ليس بلازم
هذا رسول الله يعلم كل ما % علموا وقد عاداه جل العالم.



ابن قدامة المقدسي رحمه الله
ومنهم
الشيخ الامام العلامة ذو الفنون قاضي القضاة شرف الدين مفتي المسلمين
مفيد الطالبين أبو العباس احمد بن قاضي القضاة شرف الدين أبي الفضل الحسن
بن الخطيب شرف الدين أبي بكر بن عبد الله بن شيخ الاسلام أبي عمر محمد بن
أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الصالحي الحنبلي قاضي الجبل وابن قاضيه
مولده في تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وستمائة وتوفي رحمه الله تعالى ثالث
عشر رجب سنة احدى وسبعين وسبعمائة بالجبل ودفن في جوار جده أبي عمر رحمهما
الله تعالى ولي القضاء سنة سبع وستين وسبعمائة ومن مصنفاته كتاب الفائق
في المذهب ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وقال صاحب فنون وذهن
سيال وتودد سمع معي من التقي ابن مؤمن وطلب الحديث وقتا .انتهى.
صحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية وسمع منه وتفقه به وأخذ عنه وكان يسميه شيخ الاسلام كما سماه غيره من الاعلام .
وقد أنشدني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن موسى بن رسلان بن موسى ابن
ادريس بن موسى بن موهوب السلمي الدمشقي قال أنشدنا الشيخ برهان الدين أبو
اسحاق ابراهيم بن العجل المقدسي المرداوي أنشدنا الشيخ شرف الدين أبو
العباس أحمد بن الحسن بن قاضي الجبل من لفظه لنفسه
نبيي أحمد وكذا إمامي % وشيخي أحمد كالبحر طامي
واسمي أحمد أرجو بهذا % شفاعة سيد الرسل الكرام




بن طرخان الملكاوي رحمه الله

ومنهم الشيخ الامام العلامة اقضى القضاة شهاب الدين مفتي المسلمين مفيد
الطالبين ابو العباس احمد بن راشد بن طرخان الملكاوي الشافعي سمع الكثير
من المسندين ورافق في السماع عدة من المحدثين ذكره الشيخ شهاب الدين ( ابو
العباس ) بن حجي في معجمه وعلم على اسمه علامة سماعه منه ورأيت بعض
الحفاظ الأعلام ترجمه قبل الفتنة بفقيه الشام وكان ممن يعظم الشيخ تقي
الدين ابن تيمية الامام ويترجمه كأقرانه بشيخ الاسلام توفي رحمه الله
تعالى بعد الفتنة وقد حصل له نصيب من تلك المحنة عوضه الله منها الجنة [
حدثنا الامام العلامة قاضي القضاة ابو حفص عمر بن موسى بن الحسين بن محمد
بن عيسى المخزومي الشافعي بثغر بلناس من ساحل بحر الشام قال كنت حاضرا عند
الشيخ شهاب الدين الملكاوي فأتى اليه شهاب الدين احمد الحلبي الساكن بدار
الحديث الاشرفية بدمشق فقال ذكر بعض الناس اليوم شيئا وشق علي فقال الشيخ
شهاب الدين الملكاوي باع نسخة شرح صحيح مسلم للنووي واشترى كتاب الرد على
النصارى للشيخ تقي الدين ابن تيمية فقال في جواب ذلك إن عندي من شرح مسلم
نسختين بعت إحداهما واشترين كتاب الرد ولو لم يكن عندي من شرح مسلم نسخة
لم يكن بعيب لأن ما في شرح مسلم أعرفه وما في كتاب الرد على النصارى أنا
محتاج إليه ] ومع ذلك فوالله ان الشيخ تقي الدين ابن تيمية شيخ الاسلام
ولو دروا ما يقول لرجعوا الى محبته وولائه وكما قال كل صاحب بدعة ومن ينتصر
له لو ظهروا لا بد من خمودهم وتلاشي أمرهم وهذا الشيخ تقي الدين ابن
تيمية كلما تقدمت أيامه تظهر كرامته ويكثر محبوه وأصحابه أو كما قال..





ابن رجب الوالد
ومنهم
الشيخ الامام العالم الصالح المقرئ المجود المحدث المفيد شهاب الدين أبو
العباس احمد بن رجب بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود
البغدادي المقرئ والد العلامة الحافظ زين الدين بن رجب مولد أبي العباس هذا
في صبيحة يوم السبت خامس عشر ربيع الأول سنة ست وسبعمائة قرأ القرآن
بالروايات وأخذ عن جماعة من الشيوخ كثيرا من المرويات وخرج لنفسه مشيخة
مفيدة بتراجم ملخصة فريدة وذكر ابن تيمية بشيخ الاسلام واثنى عليه وكان
يحبه ويميل بالمودة إليه.




بن كرامة
ومنهم
الشيخ الامام العلامة قاضي قضاة المسلمين شهاب الدين مفيد الطالبين بقية
السلف الصالحين ابو العباس احمد بن صالح بن احمد ابن خطاب بن رزين [ ابن
كرامة بن حامد ] الزهري الشافعي قدم دمشق وله من العمر نحو عشرين سنة مع
بعض اقاربه في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة ثم وجدت بخط قاضي القضاة ابي
زرعة احمد بن العراقي ان مولده سنة احدى وعشرين وسبعمائة سمع من عبد الله
بن أبي التائب والحافظ أبي الحجاج المزي وابي محمد القاسم بن البرزالي
وآخرين وتوفي في ثامن المحرم سنة خمس وتسعين ودفن بمقبرة الصوفية خارج باب
النصر من دمشق رحمة الله تعالى عليه.





ابن بكار النابلسي
ومنهم
الشيخ الامام الصالح الورع الحافظ المفيد الحجة شهاب الدين أبو العباس
احمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن الحسن بن مفرج ابن بكار بن
النابلسي سبط زين الدين خالد الشافعي حدث عنه الحافظ الذهبي مع تقدمه وذكره
في معجمه المختص بالمحدثين فقال المحدث الحافظ العالم شهاب الدين ابو
العباس ابن النابلسي الدمشقي سبط الحافظ زين الدين خالد مولده سنة خمس
وسبعين وستمائة وسمع من زينب بنت مكي وابن بلبان وتقي الدين بن الواسطي
وابن القواس والتاج عبد الخالق وخلق كثير وأكب على الطلب زمانا وترافقنا
مدة وكتب وخرج وفي خلقه زعارة وفي طباعه نفور عن المحدثين وغيرهم انتهى
وله مصنف في ذكر أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ومصنف في ترجمة الحافظ أبي
القاسم بن عساكر وكتب كثيرا وعلق وألف وخرج وطبق توفي سنة ثمان وخمسين
وسبعمائة وجدت بخطه في كتاب مجابي الدعوة تأليف ابي بكر عبد الله بن ابي
الدنيا ما نصه : سمع هذا الكتاب على الشيخ الامام العالم العامل العلامة
الأوحد الصدر الكبير الزاهد الورع شيخ الاسلام جمال الأئمة مفتي الفرق زين
الدين أبي محمد عبد الله بن الشيخ بدر الدين مروان أبي عبد الله الفارقي
الشافعي نفع الله به بسماعه قرأه نقلا عن شيخ الشيوخ ابن حمويه بسنده
بقراءة سيدنا وشيخنا الشيخ السيد الامام العالم العلامة الحافظ القدوة
الزاهد الورع جمال العلماء قدوة المسلمين بركة الأنام شيخ الاسلام امام
العصر تقي الدين أبي العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية
الحراني الحنبلي فسح الله في مدته وأعاد من بركته ثم ذكر السامعين ثم قال
وآخرون على نسخة وقف الخلويني بدار الحديث النورية ونسخة ملك نجم الدين بن
هلال منهم كاتب هذا السماع احمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر النابلسي عفا
الله عنه وصح ذلك وثبت في يوم السبت شهر رجب ثلاث وتسعين وستمائة
بالمدرسة العذراوية بدمشق والحمد لله [ وحده ].





ابن فضل الله العمري
ومنهم
القاضي الفاضل مجموع الفضائل البارع النبيل العالم الاصيل شهاب الدين ابو
العباس احمد بن القاضي الامام يمين مملكة الاسلام محيي الدين ابي الفضل
يحيى بن جمال الدين فضل الله بن مجلي ابن أبي الرجال دعجان بن خلف بن نصر
بن منصور العدوي العمري الشافعي ولد سنة سبع وتسعين وستمائة وتوفي يوم
عرفة سنة تسع واربعين وسبعمائة ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين
وقال صاحب النظم والنثر والمآثر ولد سنة سبع وتسعين وستمائة وسمع الحديث
وقرأ على الشيوخ سمع مني ومعي من ست القضاة بنت الشيرازي وله تصانيف كثيرة
.انتهى.
خرجت له مشيخه كثيرة حدث بها ورويت عنه عمل للشيخ تقي الدين ابن تيمية
ترجمة أنيقة مرضية نثرا ونظما اوسعها فوائد وعلما وذلك في كتابه مسالك
الابصار في ممالك الامصار فمنه قوله في الشيخ تقي الدين هو نادرة العصر
هو البحر من أي النواحي جئته % والبدر من أي الضواحي رأيته
وقال رضع ثدي العلم منذ فطم وطلع فجر الصباح ليحاكيه فلطم وقطع الليل
والنهار دائبين واتخذ العلم والعمل صاحبين الى أن آس السلف بهداه ونأى
الخلف عن بلوغ مداه
وثقف الله أمرا بات يكلؤه % يمضي حساماه فيه السيف والقلم
بهمة في الثريا إثر أخمصها % وعزمة ليس من عاداتها السأم
على أنه من بيت نشأ منه علماء في سالف الدهور ونشأت منه عظماء على المشاهير
الشهور فأحيا معالم بيته القديم إذ درس وجنى من فننه الرطيب ما غرس واصبح
في فضله آية الا انه آية الحرس عرضت له الكدى فزحزحها وعارضته البحار
فضحضحها ثم كان أمة وحده وفردا حتى نزل لحده واخمل من القرناء كل عظيم
واخمد من اهل البدع كل حديث وقديم ولم يكن منهم إلا من يجفل عنه إجفال
الظليم ويتضاءل لديه تضاؤل الغريم قد كان بعض الناس لكن الحصباء من بعضها
الياقوتة الحمراء جاء في عصر مأهول بالعلماء مشحون بنجوم السماء تموج في
جوانبه بحور خضارم وتطير بين خافقيه نسور قشاعم وتشرق في انديته بدور دجنة
وتبرق في ألويته صدور أسنة وتثأر جنود رعيل وتزأر اسود غيل الا ان شمسه
طمست تلك النجوم وبحره غرق تلك العلوم ثم عبيت له الكتائب فحطم صفوفها
وخطم أنوفها وابتلع غديره المطمئن جداولها واقتلع طوده المرجحن جنادلها
وأخمدت أنفاسهم ريحه واكمدت شرارتهم مصابيحه
تقدم راكبا فيهم إماما % ولولاه لما ركبوا وراءه
وقال أيضا ترد اليه الفتاوي فلا يردها وتفد عليه من كل وجه فيجيب عنها بأجوبة كأنه كان قاعدا لها يعدها
أبدا على طرف اللسان جوابه % فكأنما هي دفعة من صيب
يغدو مساجله بغرة طامع % ويروح معترفا بذلة مذنب
وقال أيضا

وكان ابن تيمية في مدد ما يؤخذ عليه في مقاله وينبذ في حفرة اعتقاله لا
تبرد له غلة بالجمع بينه وبين خصمائه في المناظرة والبحث حيث العيون ناظرة
بل يبدر حاكم فيحكم باعتقاله او يمنعه من الفتوى أو شيء من انواع هذه
البلوى لا بعد اقامة بينة ولا تقدم دعوى ولا ظهور حجة بالدليل ولا وضوح
محجة للتأميل وكان يجد لهذا ما لا يزاح به ضرر شكوى ولا يطفي به ضرم عدوى
وكل امرئ حاز المكارم محسود
كضرائر الحسناء قلن لوجهها % حسدا وبغضا إنه لدميم
كل هذا لتبريزه في الفضل حيث قصرت النظراء وتجليه كالمصباح أو نور الصباح
حيث إذا أظلمت الآراء وقيامه في الله وفي نصر دينه واقبال الخلق عليه وعلى
أفانينه وقال أيضا هذا مع ما له من جهاد في الله لم تفزعه فيه ظلل الوشيج
ولم تجزعه فيه ارتفاع النشيج مواقف حروب باشرها وطرائف ضروب عاشرها
وبوارق صفاح كاشرها ومضايق رماح حاشرها وأصناف خصوم لد اقتحم معها الغمرات
وواكلها مختلف الثمرات فقطع جدالها قوي لسانه وجلادها سنا سنانه قام بها
وصابرها وبلي باصاغرها وقاسى أكابرها وأهل بدع قام بدفاعها وجهد في حط
يفاعها ومخالفة ملل بين لها خطأ التأويل وسقم التعليل واسكت طنين الذباب
في خياشيم رؤسهم بالاضاليل حتى ناموا في مراقد الخضوع وقاموا وأرجلهم
تتساقط للوقوع بأدلة أقطع من السيوف واجمع من السجوف واجلى من فلق الصباح
وأصلب من فلق الرماح
اذا وثبت في وجه خطب تمزقت % على كتفيه الدرع وانتشر السرد
وقال والا فلقد اجتمع عليه عصب الفقهاء والقضاة بمصر والشام وحشدوا عليه
بخيلهم ورجلهم فقطع الجميع وألزمهم بالحجج الواضحات أي إلزام فلما أفلسوا
اخذوه بالجاه والحكام وقد مضى ومضوا الى الملك العلام ( ليجزي الله الذين
أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ).




الزرعي
ومنهم الشيخ الفقيه العالم البارع النبيه برهان الدين سليل
العلماء والصالحين ابو إسحاق ابراهيم بن الامام العلامة ذي الفنون أبي عبد
الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الاصل ثم الدمشقي
الجوزي وتقدم ذكر أبيه مولده في سنة بضع عشرة وسبعمائة تخرج بوالده وأسمعه
من طائفة وسمع بنفسه من آخرين واجتهد في الطلب ودأب وحصل وعلق وكتب وكان
يترجمه بشيخ الاسلام ابن تيمية العلم كما ترجمه ابوه ومن يشابه أباه فما
ظلم

ابن المحب السعدي
ومنهم
المحدث الفقيه العالم النبيه برهان الدين سليل العلماء والمحدثين ابو
اسحاق ابراهيم بن الشيخ أبي العباس احمد بن المحب عبد الله بن احمد بن
محمد بن ابراهيم بن احمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور بن عبد الرحمن
السعدي المقدسي أخو الامام المحب عبد الله بن المحب ولد قريبا من سنة
اثنتين وسبعمائة وتوفي سنة تسع واربعين وسبعمائة وكان شديد الاعتناء بكلام
الشيخ تقي الدين وكتابته بخطه المليح وترجمه بشيخ الاسلام غير ما مرة
وبعض ذلك وجدته بخطه ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وقال سمع من
ابن الموازيني والقاضي وابي عبد الله ابن مشرف وجماعة من أصحاب ابن
الزبيدي باعتناء أخيه ثم سمع بنفسه وطلب قليلا ونسخ كثيرا لنفسه وللناس
وقال أيضا ولديه فضيلة سمع مني وذهنه جيد وكتابته سريعة حلوة والله يصلحه
ويوفقه وقرأ للعامة بعد أخيه واشتهر.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:20 pm



ابن القلانسي
ومنهم الشيخ الصالح المقرئ الفقيه العالم مجد
الدين ابو اسحاق ابراهيم ابن مؤيد الدين أبي المعالي بن المعز أبي غالب
المظفر ابن الوزير مؤيد الدين أبي المعالي اسعد ابن أبي يعلى حمزة بن أسد
بن علي بن محمد التميمي بن القلانسي الدمشقي الشافعي توفي يوم الثلاثاء
مستهل المحرم سنة خمس وستين وسبعمائة ملازما لتلاوة القرآن كثير البر
والاحسان قال ابو الحسن علي بن محمد بن سليمان اليونيني فيما وجدته بخطه
في مشيخته قال شيخنا مجد الدين يعني ابن القلانسي المذكور رحمه الله تعالى
سمعت شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية رضي الله عنه تعالى عنه يقول
من لي بمثل سيرك المدلل % نمشي رويدا وتجي في الأول



اج الدين الفزاري
ومنهم
الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام علم الأعلام برهان الدين مفتي المسلمين
مفيد الطالبين ابو اسحاق ابراهيم ابن الامام شيخ الاسلام تاج الدين ابي
محمد عبد الرحمن ابن الشيخ المقري ابي اسحاق ابراهيم بن سباع ابن ضيا
الفزاري البدري الشافعي ولد في شهر ربيع الاول سنة ستين وستمائة وتوفي يوم
الجمعة سابع جمادى الاولى سنة تسع وعشرين وسبعمائة وكانت جنازته مشهودة
وحمل على رؤوس الاصابع الى أن دفن بمقبرة الباب الصغير رحمة الله تعالى
ولما توفي الشيخ تقي الدين ابن تيمية تردد الشيخ برهان الدين المذكور إلى
قبره ثلاثة أيام متوالية مع جماعة من علماء الشافعية وكان يعظم الشيخ تقي
الدين كما كان يحبه ويعظمه والده الشيخ تاج الدين قال الحافظ أبو عبد الله
الذهبي وكان الشيخ تاج الدين الفزاري يبالغ في تعظيم الشيخ تقي الدين
بحيث أنه علق بخطه درسه بالسكرية. انتهى.
وهذا الدرس كان بعد موت والد الشيخ تقي الدين في يوم الاثنين ثاني المحرم
من سنة ثلاث وثمانين وستمائة بدار الحديث السكرية التي بالقصاعين داخل
دمشق وبها كان سكن الشيخ تقي الدين ووالده من قبل.
وحضر هذا الدرس قاضي القضاة بهاء الدين يوسف ابن القاضي محيي الدين أبي
الفضل يحيى بن الذكي وشيخ الاسلام تاج الدين أبو محمد عبد الرحمن بن
ابراهيم الفزاري المذكور والشيخ زين الدين أبو حفص عمر ابن مكي عبد الصمد
بن المرجل وكيل بيت المال والد صدر الدين ابن الوكيل الشافعيون وشيخ
الحنابلة العلامة زين الدين أبو البركات ابن المنجا
التنوخي وآخرون.
وكان درسا حافلا كتبه الشيخ تاج الددين الفزاري بخطه كما ذكره الذهبي وغيره
لكثرة فوائده واطنب الحاضرون في شكره وكان اذ ذاك عمر الشيخ تقي الدين
ابن تيمية نحو احدى وعشرين سنة .
ووجدت بخط الامام أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن المحب المقدسي ما صورته
قال الامام بدر الدين محمد بن علاء الدين بن غانم ومن خطه نقلت اجتمعت
بالشيخ برهان الدين رحمه الله تعالى يوم وفاة الشيخ تقي الدين رحمه الله
تعالى على مصطبة باب المدرسة البادرائية وعزيته فيه فوجدته متأسفا عليه
كثير الالم لموته واذا بشخص من الطلبة قد حضر فقال له يا سيدي لا تحضر
الدرس اليوم حتى نحضر في خدمتك فغضب غضبا شديدا وانزعج انزعاجا كثيرا وقام
لوقته ودخل بيته وانصرف ذلك الرجل وانا جالس موضعي على المصطبة متألما
لانزعاجه وإذا به قد علم برواح ذلك الرجل وجلوسي مكاني بعده فطلبني فدخلت
فوجدته على حاله في الانزعاج وقال لي ما تبصر هذا الحال يموت أقل من يكون
من الفقهاء فتبطل الدروس لاجله ويموت مثل هذا الرجل العظيم ولا تبطل
الدروس لاجله والله عنده من الفضائل ما لا عند أحمد بن حنبل هذا كان صاحبي
من الصغر ويجتمع بوالدي وكان والدي يحب والده واهله ويتردد الى والده
وعندما درس ولده بعد وفاة والده حضر والدي عنده الدرس وكتب درسه واثنى على
درسه وعلى فضائله من ذلك الزمان هذا صورة ما حكاه لي الشيخ برهان الدين
رحمه الله تعالى ذلك اليوم انتهى ما وجدته بخط الامام ابي محمد بن المحب
رحمه الله تعالى وابن غانم المذكور هو الامام العلامة أبو عبد الله محمد
ابن أبي الحسن علي بن محمد بن سليمان بن غانم الدمشقي الشافعي ذكره الذهبي
في معجمه المختص بالمحدثين فقال الامام البارع الفقيه ذو الفضائل وقال
ولد سنة ثمان وسبعين يعني وستمائة وسمع من ابن الواسطي حضورا ومن جماعة
وطلب بنفسه وقتا وقرأ وله عناية بتحصيل العلم والكتب مع التصون والنزاهة
والفضيلة وصحة الذهن تعلل أشهرا وتوفي في جمادى الاولى سنة اربعين
وسبعمائة ووصى بثلثه في البر سمع منه جماعه. انتهى.





ابن جماعة
ومنهم الشيخ
الامام العلامة المحدث المفيد الخطيب البليغ النبيل الاصيل قاضي القضاة
برهان الدين سليل العلماء والصالحين أبو اسحاق ابراهيم بن العلامة الخطيب
أبي محمد عبد الرحيم ابن الشيخ الامام مفتي الأنام قاضي القضاة بدر الدين
أبي عبد الله محمد بن ابراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي ابن حازم بن صخر
الكناني الشافعي ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وقال سمع جده
ويحيى بن المصرى وعلي بن عمر الواني وبدمشق من ابن تمام والمزي وقرأ علي
كثيرا مولده سنة خمس وعشرين وسبعمائة انتهى توفي رحمه الله يوم الخميس
سابع عشر شعبان سنة تسعين وسبعمائة بالمزة ودفن بها من الغد يوم الجمعة.





ابن يونس البعلبكي
ومنهم
العالم الفقيه المحدث الرحال جمال الدين ابو اسحاق ابراهيم بن يونس بن
موسى بن يونس البعلبكي إمام الصالحية بدمشق مولده سنة تسع وتسعين وستمائة
وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وذكره الذهبي في معجمه المختص
بالمحدثين وأثنى عليه في دينه وفضله وكتب عنه أيضا الحافظ علم الدين أبو
محمد القاسم بن البرزالي وحدث عنه ولقد ترجم ابن تيمية بشيخ الاسلام كالذي
قبله من الاعلام.





ابن ألمي التركي
ومنهم
الشيخ المحدث العالم الفقيه الاديب النبيه نجم الدين ابو الفضل اسحاق بن
أبي بكر بن ألمي بن أطسز التركي ولد سنة سبعين وستمائة سمع بمصر من
الابرقوهي وبالاسكندرية من القوافي وبدمشق من اسماعيل بن الفرا وغيره وبحلب
من سنقر الزيني وأخذ عن آخرين وعن الذهبي وغيره ودخل العراق وأذربيجان
واستوطنها وبقي الى بعد العشرين وسبعمائة وانقطع خبره وله قصيدة مدح بها
مذهب الامام أحمد وذكر فيها الشيخ تقي الدين ابن تيمية في قوله
وقد علم الرحمن أن زماننا % تشعب فيه الرأي أي تشعب
فجاء بحبره عالم من سراتهم % لسبع مئين بعد هجرة يثرب
يقيم قناة الدين بعد اعوجاجها % وينقذها من قبضة المتعصب
فذاك فتى تيمية خير سيد % نجيب أتانا من سلالة منجب
عليم بأدواء النفوس يسوسها % بحكمته فعل الطبيب المجرب
بعيد عن الفحشاء والبغي والأذى % قريب الى أهل التقى ذو تحبب
يغيب ولكن عن مساو وغيبة % وعن مشهد الاحسان لم يتغيب
حليم كريم مشفق بيد انه % إذا لم يطع في الله لله يغضب
يرى نصرة الاسلام اكرم مغنم % واظهار دين الله أربح مكسب
في أبيات كثيرة منها
وليس له في العلم والزهد مشبه % سوى الحسن البصري وابن المسيب





ابن بردس
ومنهم
الشيخ الامام العالم المقرئ الحافظ المفيد الصالح الزاهد البركة القدوة
عماد الدين ابو الفداء اسماعيل بن محمد بن بردس بن نصر بن بردس ابن رسلان
البعلبكي الحنبلي مولده سنة عشرين وسبعمائة وتوفي سنة ست وثمانين وسبعمائة
وله مؤلفات معلومة منثورة ومنظومة وجدت بخطه ترجمة الشيخ تقي الدين بشيخ
الاسلام ورثاه بقصيدة من النظام أولها
عج بالكثيب إذا ما أنت جزت به % وحي عني عريبا نازلين به





الحسن بن حبيب
ومنهم الشيخ
العالم الفاضل المحدث المؤرخ المفيد الاديب المنشئ البارع بدر الدين أبو
محمد الحسن بن الشيخ الامام الحافظ ابي القاسم عمر بن الحسن ابن عمر بن
حبيب بن عمر الدمشقي الحلبي سمع الحديث من ذوي الاسناد وسلك جادة الادب
فاجاد وجمع فاوعى وسمع وروى ونفع وافاد وله مؤلفات عدة ومقطعات نظم فردة
منها قوله لما توفي والده الحافظ زين الدين ابو القاسم رحمه الله تعالى
لوالدي قد قلت حين ولى % مفارقا نفسه العفيفة
ابشر من المصطفى بخير % يا خادم السنة الشريفة
ومن مؤلفاته العزيزة الادراك درة الاسلاك في دولة الاتراك قال فيه في ترجمة
سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وفيها توفي شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن
تيمية الحراني الحنبلي بحر زاخر في النقليات وحبر ماهر في حفظ عقائل
العقليات وإمام في معرفة الكتاب والسنة وهمام لا يميل الى حلاوة من المنة
كان ذا ورع زائد وزهد فرعه في روض الرضى مائد وسخاء وشجاعة وعزلة وقناعة
وتصانيف مشهورة وفتاوى اعلامها منشورة يصدع بالحق ويتكلم فيما جل ودق
ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويثابر على اقامة الحدود ان شكر وان لم
يشكر كتب قاضي القضاة أبو المعالي محمد بن الزملكاني على بعض مصنفاته
ماذا يقول الواصفون له % وصفاته جلت عن الحصر
هو حجة لله قاهرة % هو بيننا أعجوبة العصر
هو آية للخلق ظاهرة % أنوارها أربت على الفجر
وكانت وفاته بقلعة دمشق معتقلا عن سبع وستين سنة تغمده الله برحمته.




ابن شيخ السلامية
ومنهم
الشيخ الامام العلامة عز الدين ابو يعلى حمزة بن قطب الدين موسى ابن
الصدر الرئيس ضياء الدين أبي العباس أحمد بن الحسين ابن شيخ السلامية مدرس
مدرسة شرف الاسلام ابن الحنبلي كتب على المنتقى في الاحكام عدة أسفار وجمع
بخطه فوائد كثيرة ومعاني آثار وتوفي بدمشق سنة تسع وستين وسبعمائة وقد
جاوز الستين سمع من أبي الحجاج المزي وأبي محمد البرزالي وآخرين وجدت بخطه
في عدة مواضع قال شيخ الاسلام ابن تيمية [ ومنها على حاشية مسألة الجد هل
هو مسقط للاخوة أم لا وترجيح قول الصديق رضي الله عنه قال تصنيف شيخ
الاسلام علم الزهاد قطب فلك الانام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد
السلام ابن تيمية الحراني قدس الله روحه ].





المجاور
ومنهم
الشيخ الصالح الزاهد الخير العابد الشيخ خالد المجاور لدار الطعم بدمشق
كان يقصد للتبرك بدعواته ويزار اغتناما لمشاهداته وكانت له احوال صالحة
وكلمات موقظة ناصحة وكشف عن بعض أمور وكلمته نافذة في المأمور يأمر
بالمعروف فيطاع وينهى عن المنكر فيقابل بالاستماع وكان أحد أصحاب الشيخ
تقي الدين ابن تيمية الامام ويعظمه كغيره من الاعلام ويترجمه بشيخ
الاسلام.




العلائي
ومنهم
الشيخ الامام العلامة الحافظ الكبير حجة الحفاظ عمدة العلماء الأيقاظ
محدث الفقهاء وفقيه المحدثين أوحد المتقنين والخرجين صلاح الدين أبو سعيد
خليل بن الامير سيف الدين كيكلدي ابن عبد الله العلائي مولاهم الدمشقي
الشافعي نزيل القدس الشريف صاحب كتاب القواعد وكتاب المراسيل وغير ذلك من
مصنف مختصر وطويل مولده سنة أربع وتسعين وستمائة تفقه بالشيخ كمال الدين
ابن الزملكاني ودرس وافتى وناظر وخرج وصنف وجمع وألف وسكن بيت المقدس حين
ولي تدريس المدرسة الصلاحية وتوفي في يوم الاثنين ثالث شهر الله المحرم
سنة إحدى وستين وسبعمائة ببيت المقدس ذكره الذهبي في معجمه المختص
بالمحدثين وقال وطلب وقرأ وافاد وانتقى ونظر في الرجال والعلل وتقدم في
هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم .انتهى .
روى الشيخ صلاح الدين العلائي المذكور في الشيخ تقي الدين فقال أخبرنا
شيخنا وسيدنا شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس احمد بن عبد الحليم ابن
عبد السلام ابن تيمية وأخوه لأمه الامام بدر الدين أبو القاسم محمد بن
قاسم الحراني ونسيبهما عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد اللطيف بن عبد
العزيز ابن تيمية والعلامة كمال الدين احمد بن محمد بن أبي بكر الشريشي
ذكر غيرهم ثم قال قالوا كلهم خلا الشريشي أخبرنا أبو العباس احمد ابن عبد
الدائم بن نعمة المقدسي وذكر أحاديث انتقاها الحافظ صلاح الدين العلائي
المذكور من جزء ابن عرفة.



الدهلي
ومنهم
الشيخ العالم الحافظ المؤرخ المفيد نجم الدين ناقد المحدثين أبو الخير
سعيد بن عبد الله الدهلي ثم البغدادي الحريري مولاهم هو مولى الصدر صلاح
الدين عبد الرحمن بن عمر الحريري مولده تقريبا سنة اثنتي عشرة وسبعمائة
وتوفي سنة تسع واربعين وسبعمائة سمع ببغداد والشام وغيرهما من بلاد
الاسلام وفضل وتقدم ونقد الرجال وترجم جمع تراجم لعدة من أعيان بغداد وخرج
كثيرا من المرويات بالاسناد وذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين فقال
عنه المحدث المؤرخ مفيد الجماعة نجم الدين ابو الخير الحنبلي نزيل دمشق
مولده سنة اثنتي عشرة وسبعمائة أنشدنا لغير واحد وسمع المزي من السروجي
عنه وله رحلة الى مصر والثغر وعمل جيد وهمة في التاريخ وتكثير المشايخ
والاجزاء ومعرفة الرجال انتهى
وقد ترجم الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام غير ما مرة ووجدت بخط المحدث المفيد
ابي نصر محمد بن طولوبغا السيفي انشدنا الشيخ نجم الدين ابو الخير سعيد
ابن عبد الله الدهلي الحنبلي في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بدمشق قال
انشدنا الشيخ الامام العالم امام المحققين وقدرة المحدثين تقي الدين ابو
الثناء محمود بن علي بن محمود بن مقبل بن سليمان بن داود الدقوفي رحمة
الله تعالى عليه لنفسه يرثى شيخ الاسلام أبا العباس احمد ابن تيمية قدس
الله روحه في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ببغداد حرسها الله تعالى
قف بالربوع الهامدات وعده % واذر الدموع الجامدات وبدد
وذكر القصيدة التي منها
مات الذي جمع العلوم الى التقى % والفضل والورع الصحيح الجيد
شيخ الانام تقي الدين محمد % وجمال مذهب ذي الفضائل أحمد.





القابوني
ومنهم
الشيخ العالم المحدث الفقيه الفاضل الاديب البارع أبو محمد سلمان ابن عبد
الحميد بن محمد بن المبارك البغدادي ثم القابوني الحنبلي الصوفي ذكره
الشيخ شهاب الدين ابن حجي في معجم شيوخه الاعلام وترجم ابن تيمية بشيخ
الاسلام وكان لطيف المحاضرة وله شعر جيد وحسن مذاكرة وهو أحد من أخذنا عنه
وسمعنا الحديث منه.



الياسوفي
ومنهم
الشيخ الإمام العلامة الفقيه الحافظ الناقد الثقة صدر الدين جمال الفقهاء
والمحدثين ابو الربيع ويقال ابو الفضل سليمان بن يوسف بن مفلح ابن أبي
الوفا المقدسي الياسوفي ثم الدمشقي الشافعي عين الفقهاء والمتقنين وعلم
الحفاظ المفيدين عني بهذا الشأن وبرز فيه على الاقران جمع وخرج وأفاد
وتكلم على الرجال فأجاد سجن بقلعة دمشق أيام الامتحان بسبب فتوى ابي هاشم
أحمد بن اسماعيل الظاهري على السلطان وتوفي في الثالث والعشرين من شعبان
سنة تسع وثمانين وسبعمائة وكان أحد محبي الشيخ تقي الدين ابن تيمية الامام
وترجمه غير ما مرة بشيخ الاسلام ودفن بقرب تربته الزكية بمقابر الصوفية.





عبد الله بن المحب
ومنهم
الشيخ الامام العالم المحدث المفيد الزاهد العابد محب الدين ابو محمد عبد
الله ابن المسند العالم أبي العباس احمد بن الشيخ محب الدين أبي محمد عبد
الله بن احمد بن أبي بكر محمد بن ابراهيم بن احمد بن عبد الرحمن بن
اسماعيل بن منصور المقدسي الصالحي ولد يوم الاحد ثاني عشر المحرم سنة
اثنين وثمانين وستمائة بصالحية دمشق وسمع بإفادة أبيه من ابن البخاري
وزينب ابنة مكي وخلق وطلب هو لنفسه فأكثر ومشيخته نحو ألف شيخ وأفاد كثيرا
واستفاد وخرج لنفسه ولغيره من ذوي الاسناد وحدث كثيرا وسمع منه جم غفير
وتوفي في يوم الاثنين سابع شهر ربيع الاول سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ودفن
بالقرب من الشيخ موفق الدين بسفح قاسيون وذكره الذهبي في معجمه المختص
بالمحدثين وقال انتقيت له جزءا وهو شيخ الحديث بالضيائية حدث بالكثير
انتهى كان الشيخ تقي الدين ابن تيمية يحبه ويحب قراءته وجدت بخطه في مواضع
ترجمة الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام منها في اثبات سماع اولاده من ذلك ما
صورته وحضر ولدي محمد جبره الله في السنة الثالثة بقراءتي يوم ختم الصحيح
على المشايخ السبعة سيدنا وشيخنا الامام العلامة الحافظ القدوة الحجة
العمدة الزاهد الورع بقية الأئمة الاعلام وشيخ مشايخ الاسلام مفتي فرق
المسلمين حجة المذاهب فريد العصر وأوحد الدهر علم الهدى ناصر السنن قامع
البدع تقي الدين ابي العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله
ابن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية وذكر بقية السماع وانه كان يوم الاثنين
الثالث من ذي الحجة سنة اربع عشرة وسبعمائة بالمدرسة الحنبلية داخل دمشق
ووجدت أيضا بخط الشيخ محب الدين المذكور ما نصه وسمع إبناي محمد
واحمد وفقهما الله تعالى بقراءتي على المشايخ الاثنين والعشرين شيخنا
وسيدنا الامام العلامة الحافظ القدوة العمدة الحجة شيخ الاسلام مجتهد
العصر لسان الشريعة حجة المذاهب امام الطوائف تقي الدين ابي العباس احمد
بن عبد الحليم ابن الشيخ العلامة مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي
القاسم بن محمد بن تيمية الحراني وذكر بقية الشيوخ وفيهم الحافظ جمال
الدين أبو الحجاج المزي وذكر السماع وما يتعلق به ووجدت أيضا بخط الشيخ
محب الدين المذكور على منتقى من جزء أيوب السختياني انتقاء الضياء سمع
جميع هذا الجزء من لفظ شيخ مشايخ الاسلام فريد العصر والاوان مفتي الفرق
بركة المسلمين تقي الدين أبي العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن
عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية رضي الله تعالى عنه بسماعه من
ابن عبد الدائم الشيخ الحافظ علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي
وعبد الله بن احمد بن المحب المقدسي وذا خطه وذلك في يوم الثلاثاء رابع
عشر صفر سنة تسع وتسعين وستمائة بدار الحديث السكرية بالقصاعين بدمشق.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:21 pm



الجزري
ومنهم
الشيخ الصالح العابد الناسك أبو محمد عبد الله بن موسى بن احمد الجزري
نزيل دمشق المقيم بمشهد أبي بكر من جامع دمشق توفي يوم الاثنين السادس
والعشرين من صفر سنة خمس وعشرين وسبعمائة وكانت جنازته مشهودة ودفن بمقبرة
الباب الصغير بدمشق قال العلامة أبو الفدا اسماعيل ابن كثير كان من
الصالحين الكبار مباركا خيرا عليه سكينة ووقار وكانت له مطالعة كثيرة وله
فهم جيد وعقل صحيح وكان من الملازمين لمجالس الشيخ تقي الدين ابن تيمية
وكان ينقل من كلامه اشياء كثيرة ويفهمها يعجز عنها كبار الفقهاء. انتهى.





الاسكندري
ومنهم
الشيخ المحدث العالم جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يعقوب ابن سيدهم بن
اردبين الاسكندري نزيل دمشق من سنة سبع وسبعمائة وسمع من ابن مشرف وابن
الموازيني والدمياطي وآخرين وقرأ الكثير وبالغ في الطلب ونسخ وحصل ودأب سمع
منه بعض شيوخنا في سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وذكره الذهبي في معجمه
المختص بالمحدثين وقال أوذي من أجل ابن تيمية وقطع رزقه وبالغوا في
التحرير عليه ثم انصلح حاله انتهى وقد ترجم الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام
فيما وجدته بخطه في غير ما موضع من كتبه بضبطه منها على الجواب الباهر في
زيارة المقابر قال أجاب به شيخ الاسلام أبو العباس احمد بن عبد الحليم بن
عبد السلام ابن تيمية ثم قال : علقه لنفسه عبد الله بن يعقوب الاسكندري
عفا الله عنه.



ابن طولوبغا السيفي
ومنهم
الشيخ المسند المكثر العالم أسد الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن الشيخ
العالم المحدث المفيد أبي نصر محمد بن طولوبغا بن عبد الله السيفي سمع
الكثير بإفادة أبيه من طائفة من المسندين واحضره عند الحافظ الذهبي وآخرين.
وكتب بخطه فوائد واشياء مما يرويه وكان يترجم ابن تيمية بشيخ الاسلام كأبيه.


ابن الفخر
ومنهم
الشيخ الامام العالم الحافظ فخر الدين سليل العلماء والصالحين أبو بكر
عبد الرحمن بن الامام العلامة أبي عبد الله محمد بن الامام العلامة القدوة
بركة المسلمين فخر الدين أبي محمد عبد الرحمن بن يوسف بن محمد ابن نصر
ابن أبي القاسم البعلبكي ابن الفخر الدمشقي ولد يوم الخميس الرابع والعشرين
من شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وستمائة وسمع من ابن البخاري في
الخامسة من عمره ومن التقي الواسطي وخلق وكتب الكثير وعلق وأفاد الشيوخ
وطبق وخرج لجماعة من الأعيان وفسر بعض القرآن وكان يقص على الناس في عدة
مواعيد مع العفة والصلاح الشديد توفي يوم الخميس تاسع عشر ذي القعدة سنة
اثنين وثلاثين وسبعمائة ودفن بمقبرة الصوفية ولم يعقب فيما قاله ابن رجب
خرج للشيخ تقي الدين ابن تيمية جزءا من مروياته العلية وكان يترجمه بشيخ
الاسلام أسوة أمثاله من الاعلام فيما وجدته بخطه وتقييده الحسن وضبطه.



ابن رجب
ومنهم الشيخ
الامام العلامة الزاهد القدوة البركة الحافظ العمدة الثقة الحجة واعظ
المسلمين مفيد المحدثين زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن الشيخ الامام
المقرئ المحدث شهاب الدين أبي العباس احمد بن رجب وعبد الرحمن بن الحسن بن
محمد بن أبي البركات مسعود البغدادي الدمشقي الحنبلي أحد الأئمة الزهاد
والعلماء العباد سمع من محمد بن الخباز وابراهيم بن داود العطار والميدومي
وأبي الحزم بن القلانسي وخلق من رواة الآثار له مصنفات مفيدة ومؤلفات
عديدة منها شرح جامع الترمذي أبي عيسى وشرح من أول صحيح البخاري الى
الجنائز شرحا نفيسا وله كتاب طبقات أصحاب مذهبه جعله ذيلا على من بدأ به
وهو القاضي أبو الحسين محمد ابن القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن
الفراء قال فيه أحمد ابن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي
القاسم الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني ثم الدمشقي الامام الفقيه المجتهد
المحدث الحافظ المفسر الاصولي الزاهد تقي الدين أبو العباس شيخ الاسلام
وعلم الاعلام وشهرته تغني عن الإطناب في ذكره والاسهاب في أمره ثم ذكر ابن
رجب ترجمة الشيخ تقي الدين وفيها ذكر موته ودفنه ثم قال وصلى عليه صلاة
الغائب في غالب بلاد الاسلام القريبة والبعيدة حتى في اليمن والصين وأخبر
المسافرون أنه نودي بأقصى الصين للصلاة عليه يوم الجمعة الصلاة على ترجمان
القرآن.
توفي الشيخ زين الدين بن رجب في شهر رجب سنة خمس وتسعين وسبعمائة ودفن
بمقبرة الباب الصغير جوار قبر الشيخ الفقيه الزاهد أبي الفرج عبد الواحد
بن محمد الشيرازي ثم المقدسي الدمشقي المتوفي في ذي الحجة سنة ثمانين
وأربعمائة وهو الذي نشر مذهب الامام أحمد بن حنبل ببيت المقدس ثم بدمشق
رحمه الله تعالى لقد حدثني من حفر لحد ابن رجب ان الشيخ زين الدين بن رجب
جاءه قبل أن يموت بأيام قال فقال لي احفر لي هنا لحدا وأشار الى البقعة
التي دفن فيها قال فحفرت له فلما فرغ نزل في القبر واضطجع فيه فأعجبه وقال
هذا جيد ثم خرج
قال فوالله ما شعرت به بعد ايام إلا وقد أتي به ميتا محمولا في نعشه فوضعته في ذلك اللحد وواريته فيه.




لحافظ العراقي
ومنهم
الشيخ الامام العلامة الأوحد شيخ العصر حافظ الوقت زين الدين شيخ
المحدثين علم الناقدين عمدة المخرجين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين ابن
عبد الرحمن بن أبي بكر بن ابراهيم بن العراقي المصري الشافعي مولده في
جمادى الاولى سنة خمس وعشرين وسبعمائة سمع من خلق من المسندين مثل محمد بن
اسماعيل بن الخباز والميدومي وآخرين ومنهم عدة من أصحاب علي بن البخاري
فخر الدين وحدث وأملى وأفاد وتكلم على العلل والاسناد ومعاني المتون
وفقهها فأجاد صنف التصانيف التي اشتهرت وخرج تخاريج رويت وانتشرت ولقد قال
فيما أملاه من لفظه في يوم عاشوراء من محرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة
بالمدرسة الظاهرية القديمة بعد ان روى من طريق الامام أبي بكر أحمد بن
الحسين البيهقي قال انبأنا أبو سعد الماليني أنبأنا أبو أحمد بن عدي قال
حدثنا الحسن بن علي الأهوازي حدثنا معمر بن سهل قال حدثنا حجاج بن نصير قال
حدثنا محمد بن ذكوان عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن أبي عبد الله عن أبي
هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أوسع
على عياله وأهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنته هذا حديث في إسناده
لين وحجاج بن نصير ومحمد بن ذكوان الطاحي وسليمان بن أبي عبد الله مضعفون
لكن ابن حبان ذكرهم في الثقاة وباقيهم ثقاة فهو حديث حسن على رأي ابن
حبان ولحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه طريق آخر صححه الحافظ أبو الفضل
بن ناصر وفيه زيادات منكرة وقد روي حديث التوسعة يوم عاشوراء من حديث
جابر وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وابن عمر رضي الله تعالى عنهم وأصحها
حديث جابر قاله أبو الفضل ابن العراقي المشار إليه وقال أيضا ورواه البيهقي
في الشعب من قول ابراهيم بن محمد بن المنتشر واما قول الشيخ الامام تقي
الدين ابن تيمية انه ما روى احد من أئمة الحديث ما فيه توسيع النفقة يوم
عاشوراء وان اعلى ما بلغه فيه قول ابراهيم بن محمد المنتشر فهو عجيب [ منه
] فهو كما ذكرته في عدة من كتب أئمة الحديث وقد جمعت طرقه في جزء والله
تعالى أعلم.


ابن عبد الحق البغدادي
ومنهم الشيخ
الامام العلامة صفي الدين مفتي المسلمين أبو الفضائل عبد المؤمن بن عبد
الحق بن عبد الله بن علي بن مسعود البغدادي الحنبلي مولده في جمادى الآخرة
سنة ثمان وخمسين وستمائة وله مصنفات في فنون من العلم كالفقه والاصول
واللغة والتاريخ والطب والحساب قال المحدث أبو الخير سعيد الدهلي واختصر
الكتاب الذي ألفه شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية في الرد على ابن المطهر
ورسمه بكتاب المطالب العوال لتقرير منهاج الاستقامة والاعتدال وكتاب
مراصد الاطلاع على [ اسماء ] الامكنة والبقاع انتهى وهذا هو مختصر معجم
البلدان لياقوت توفي الشيخ صفي الدين رحمه الله في صفر سنة تسع وثلاثين
وسبعمائة ودفن بمقبرة الامام احمد رحمه الله تعالى عليه وقد وجدت بخط
المحدث ابي نصر محمد بن طولوبغا السيفي نقلت من خط الامام المحدث الفاضل
الأديب البارع صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي الحنبلي يقول
قال العبد الفقير عبد المؤمن بن عبد الحق حين بلغه وفاة الشيخ الامام
العالم بقية العلماء المجتهدين تقي الدين أحمد ابن تيمية الحراني رحمه
الله تعالى ورضي عنه
طبت مثوى يا خاتم العلماء % في مقام الزلفى مع الاتقياء
وذكر باقي القصيدة




ابن السلار
ومنهم
الشيخ الامام العالم شيخ القراء عمدة أهل الأداء أمين الدين علم المجودين
بقية السلف الصالحين أبو محمد عبد الوهاب بن يوسف ابن ابراهيم بن السلار
بن بيرم بن السلار بن محمود بن بهرام بن السلار بن بختيار الدمشقي الشافعي
زوج شيختنا زينب ابنة الامام شرف الدين عبد الله ابن تيمية أخي تقي الدين
رحمهم الله وكان الشيخ أمين الدين المشار أليه يعظم الشيخ تقي الدين ويثني
عليه ويذكره بشيخ الاسلام في ترجمته وأوصى أن يدفن عنده فدفن في تربته
ورثاه بقصيدة دالية سمعت منه ورويت عنه أولها كل حي له الممات ورود ومنها
كان شيخ الاسلام نقلا وعقلا % باب ذي البدع عنده مردود
وقال الشيخ أمين الدين بن السلار وأنشدني الشيخ الامام مسند الشام بهاء
الدين القاسم بن مظفر بن محمود ابن عساكر لنفسه في شيخ الاسلام ابن تيمية
هذين البيتين يوم الاربعاء سابع رجب عام عشرين وسبعمائة بمنزلة بدمشق
تقي الدين أضحى بحر علم % يجيب السائلين بلا قنوط
أحاط بكل علم فيه نفع % فقل ما شئت في البحر المحيط



اليونيني
ومنهم
الشيخ الإمام العالم المحدث الفقيه نور الدين أبو الحسن علي بن محمد ابن
سليمان بن أيدغدي بن علي بن سليمان اليونيني الحنبلي الملقب بحنبل أخذ عن
خلق من الشيوخ من أصحاب ابن البخاري وغيرهم وكتب بخطه كثيرا وخرج لنفسه
تخاريج ووجدت بخطه في غير ما موضع ترجم الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام من
ذلك على الجزء الذي فيه مائة حديث انتقاها الشيخ تقي الدين من صحيح
البخاري مشتملة على الثلاثيات الإسناد وموافقات وأبدال وعوالي فقال فيما
وجدته بخطه انتقاء الشيخ الإمام شيخ الإسلام حسنة الزمان بقية السلف عمدة
الخلف مفتي الفرق تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام
ابن تيمية الحراني رحمه الله عليهم أجمعين.


ابن اللخام البعلي
ومنهم
الشيخ الإمام العالم أقضى القضاة مفتي المسلمين علاء الدين أبو الحسن علي
بن محمد بن عباس البعلي نزيل دمشق الحنبلي كان للشيخ تقي الدين من
المعظمين وبشيخ الاسلام له من المترجمين وجمع في مصنف اختيارته من مسائل
الفروع ورتبها على أبواب الفقه مع زيادة من فوائده على المجموع .
وقد وجدت بخطه قال الشيخ الإمام العالم العلامة الأوحد الحافظ المجتهد
الزاهد العابد القدوة إمام الأئمة قدوة الأمة علامة العلماء وارث الأنبياء
آخر المجتهدين أوحد علماء الدين بركة الإسلام حجة الاعلام برهان
المتكلمين قامع المبتدعين ذو العلوم الرفيعة والفنون البديعة محيي السنة
ومن عظمت به لله علينا المنة وقامت به على أعدائه الحجة واستبانت ببركته
وهديه المحجة تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن
عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني قدس الله روحه واثابه
الجنة برحمته ثم ذكر بعض كلام الشيخ تقي الدين في تصنيف له.





الزبيدي
ومنهم
الشيخ العالم الفاضل الصالح أبو زيد علي بن زيد بن علوان بن صبرة ابن
مهدي بن حريز الزبيدي اليمني الشافعي نزيل حلب سمع من أصحاب الحجار
وطبقتهم ورحل في هذا الشأن وطلب وقرأ بنفسه وطبق وكتب وجدت بخطه على المائة
حديث المنتقاة من صحيح البخاري التي انتقاها الشيخ تقي الدين ابن تيمية
رحمة الله تعالى على الشيخ الإمام العلامة مفتي المسلمين ورحلة الطالبين
أبي عبد الله محمد بن علي بن احمد الحنبلي الشهير بابن اليونانية وذكر
بقية طبقة السماع وكتب في آخرها ما نصه وكتب علي بن زيد بن علوان بن صبرة
بن مهدي الزبيدي اليمني.





الكندي
ومنهم
الشيخ الإمام المقرئ المحدث الأديب البارع علاء الدين أبو الحسن علي بن
المظفر بن ابراهيم بن عمر بن زيد بن هبة الله الكندي الإسكندراني ثم
الدمشقي سمع من عبد الله بن الخشوعي واحمد بن عبد الدائم وآخرين يبلغون
نحوا من مائتي شيخ وهو صاحب كتاب التذكرة الكندية في خمسين مجلدا كانت
وقفا قبل الفتنة بخانقاه الرئيس أبي القاسم علي بن محمد بن يحيى السلمي
الحبيشي السميساطي بدمشق وكانت علومه جمة وكتابته حسنة وشعره رائقا فائقا
وكان شيخ دار الحديث النفيسية بدمشق مدة عشر سنين الى أن توفي ببستانه عند
قبة المسجد ليلة الاربعاء سابع عشر شهر رجب سنة ست عشرة وسبعمائة ودفن من
الغد بالمزة عن ست وسبعين سنة وكان كثير الملازمة للشيخ تقي الدين ومن
خواص أصحابه المشهورين كثير التعظيم له والاحترام وترجمه بشيخ الاسلام.


شيخ الحديث بحلب عمر ابن حبيب
ومنهم الشيخ الامام
العالم الفقيه الفاضل المحدث الرحال الصدر الكبير المسند المكثر زين الدين
جمال المحدثين ابو القاسم عمر بن الحسن بن عمر ابن حبيب بن عمر الدمشقي
الشافعي شيخ الحديث بحلب وناظر الحسبة بها سمع من ابن البخاري ومحمد بن
الكمال عبد الرحيم والتقي ابراهيم الواسطي وأحمد بن شيبان وزينب ابنة مكي
وخلق يزيدون على خمسمائة انسان منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية سمع منه جزء
ابن عرفة في سنة عشر وسبعمائة وخرج له الحافظ ابو عبد الله الذهبي معجما
عن شيوخه توفي ببلد مراغة سنة ست وعشرين وسبعمائة عن ثلاث وستين سنة.





أبي رسلان البلقيني
ومنها
شيخنا الامام شيخ الاسلام مجتهد العصر نادره الوقت فقيه الدنيا سراج
الدين خاتمة المجتهدين أبو حفص عمر بن رسلان بن أبي المظفر نصير بن أبي
التقى صالح وهو أول من سكن بلقين بن حمد بن محمدا ابن عبد الحق بن مسافر
الكناني البلقيني امام الأئمة وعالم الامة ولد في شعبان أربع وعشرين
وسبعمائة وتوفي سنة خمس وثمانمائة حدث عن طائفة من الشيوخ سماعا وعن آخرين
إجازة منهم ما قال في أربعين حديثا خرجت له فحدث بها قال انبانا الشيخ
الإمام المسند الثقة أبو الفرج عبد الرحمن بن الامام شهاب الدين عبد
الحليم ابن شيخ الإسلام أبي البركات عبد السلام بن عبد الله ابن أبي
القاسم ابن تيمية الحراني إجازة من دمشق وأجاز لي آخرون قالوا انبأنا احمد
بن عبد الدائم ثم حول المسند ووصله وما قبله الى الحسن بن عرفة فروى من
جزئه حديثا وقال عقيبة شيخنا هذا ولد بحران سنة ثلاث وستين وستمائة وسمع
من ابن عبد الدائم ومن ابن أبي اليسر وابن أبي عمر والفخر علي وجماعة
يزيدون على المائة وكان عالما فاضلا دينا ثقة وتفرد وعلا سنده وعمر وحدث
بالكثير توفي ليلة الخميس ثالث ذي القعدة سنة سبع وأربعين وسبعمائة وهو
أخو الشيخ تقي الدين الإمام رحمهما الله تعالى انتهى ولما قدم شيخنا شيخ
الإسلام البلقيني رحمة الله عليه دمشق مع السلطان الملك الظاهر أبي سعيد
والقى الدروس بمحراب الحنفية من جامع دمشق ذكر في بعض دروسه مسألة لم يرها
لغيره فاستطرد وحكى فيما ذكره لي بعض من كان حاضرا من الأئمة قال سمعته
يقول كان شيخ الإسلام ابن تيمية مرة يلقي درسا فذكر مسألة قال عنها هذه
مسألة ليست في كتاب فقال بعض من كان يناوئه ولم يسمه هذه في الف كتاب فكان
شيخ الاسلام ابن تيمية اذا عرضت تلك المسأله في دروسه يقول هذه ليست في
كتاب ثم يقول وقال الكذاب هذه في الف كتاب.


ابن نجيح
ومنهم
الشيخ الامام العالم القاضي المحدث المتقن أبو حفص عمر بن سعد الله بن
عبد الأحد بن سعد الله بن حفص عبد القاهر بن عبد الواحد بن عمر الحراني
الشهير بابن نجيح ولد سنة خمس وثمانين وستمائة وسمع من ابن البخاري حضورا
ومن يوسف الغسولي وآخرين وخرج له عن شيوخه جزءا حدث به وذكره الذهبي في
معجمه المختص بالمحدثين فقال عالم ذكي خير وقور متواضع بصير بالفقه
والعربية سمع الكثير وولي مشيخة الضيائية فألقى دروسا محررة تخرج بابن
تيمية وغيره وناب في الحكم فحمد .انتهى.
توفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة مطعونا شهيدا رحمه الله تعالى وكان أحد خواص
الشيخ تقي الدين ومحبيه ويترجمه بشيخ الإسلام كأبي عبد الله أخيه.



ابن شقير
ومنهم
الشيخ العالم الفاضل الصالح الخير تقي الدين أبو حفص عمر ابن عبد الله بن
عبد الأحد بن عبد الله بن سلامة بن خليفة بن شقير الحراني الحنبلي مولده
فيما وجدته بخطه ليلة عيد الفطر من سنة ست وستين وستمائة ذكره الذهبي في
معجمه المختص بالمحدثين وقال شيخ فاضل متدين مشهور سمع الكثير بنفسه ودار
على المشايخ وسمع من القاسم الأربلي والفخر علي وزينب وابن شيبان وخلق
وقال توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وسبعمائة عن ثمان وسبعين.
انتهى.





القباني
ومنهم
الشيخ الإمام العالم القدوة الزاهد العابد المفتي سراج الدين أبو حفص عمر
بن الشيخ الإمام الفقيه الزاهد العابد القدوة نجم الدين أبي عمر عبد
الرحمن بن حسين بن يحيى بن عمر بن عبد المحسن اللخمي القباني ثم الحموي
الحنبلي نزيل القدس الشريف لازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية واشتغل عليه
وانتفع بما حصله مما لديه فبرز على أقرانه وفضل وكان جامعا بين العلم
والعمل ذكره ابن رجب في طبقاته وذكر فضله وقال لم أر على طريقه في الصلاح
مثله انتهى حدث في سلخ رمضان سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بقية موسى من
المسجد الأقصى فقال واخبرنا المشايخ الثمانية والأربعون الإمام العلامة
شيخ الإسلام ( تقي الدين ) أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام
ابن تيمية وأخوه أبو محمد عبد الرحمن وذكر بقية الشيوخ وساق الإسناد الى
الحسن بن عرفة فذكر من جزئه حديثا.




لبزار
ومنهم
الشيخ العالم الفقيه الفاضل المحدث سراج الدين أبو حفص عمر ابن علي بن
موسى بن الخليل البغدادي الازجي البزار ولد سنة ثمان وثمانين وستمائة
تقريبا سمع ببغداد من عبد الله بن عبد المؤمن الواسطي وتلا عليه القرآن
بحرف أبي عمرو بن العلاء وسمع من أسماعيل بن الطبال ومحمد بن عبد المحسن
بن عبد الغفار ابن الدواليبي وعلي بن أبي القاسم عبد الله بن عمر ابن أبي
القاسم وغيرهم ورحل الى دمشق فقرأ على الحجار صحيح البخاري بمدرسة شرف
الإسلام ابن الحنبلي بدمشق وحضره خلق منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية
وصحبه وأخذ عنه وكان بدمشق مقيما بالضيائية من سفح قاسيون وله مصنفات في
الحديث والفقه والرقائق وكان ذا عبادة وتهجد رجع في آخر عمره الى بغداد ثم
توجه منها الى الحج في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فلما وصل الى حاجر توفي
بها صبيحة يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة تسع المذكورة
بالطاعون ومات معه كذلك نحو من خمسين رجلا فدفن الجميع بحاجر رحمهم الله
تعالى كان سراج الدين المذكور للشيخ تقي الدين معظما وبشيخ الاسلام له
مترجما وجمع له ترجمة مفردة سماها الأعلام العلية في مناقب الإمام ابن
تيمية ومما ذكره فيها قال حدثني غير واحد من العلماء الفضلاء من أصحاب
الأئمة النبلاء الذين خاضوا في اقوال المتكلمين ليسترجعوا منها الصواب
ويميزوا بين القشر واللباب ان كلا منهم لم يزل حائرا في تجاذب أقوال
الأصوليين ومعقولاتهم وانه لم يستقر في قلبه منها قول ولم يبن له من
مضمونها حق بل رآها كلها موقعة في الحيرة والتضليل وانه كان خائفا على نفسه
من الوقوع بسببها في التشكيك والتعطيل حتى من الله تعالى عليه بمطالعة
مؤلفات هذا الإمام ابن تيمية شيخ الإسلام وما أورده من النقليات والعقليات
في هذا النظام فما هو إلا ان وقف عليها وفهمها فرآها موافقة للعقل السليم
فانجلى عنه ما كان قد غشيه من أقوال المتكلمين.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:21 pm


لملحي
ومنهم
الشيخ الإمام العلامة المحدث الفقيه زين الدين قاضي المسلمين مفتي
الطالبين ابو حفص عمر بن مسلم بن سعيد بن عمر بن بدر بن مسلم القرشي
الملحي من قرية ملح من أعمال صرخد ثم الدمشقي الشافعي قاضي أهل دمشق في
عصره وواعظ اهل مصر توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ودفن
بالتربة التي بجوار مسجد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من القبيبات بدمشق
رحمه الله تعالى حكى لي بعض الأصحاب عنه انه سئل عن الشيخ تقي الدين ابن
تيمية فقال هو شيخ الاسلام على الإطلاق وذكر لي غيره أنه سمع زين الدين
القرشي المذكور اثنى على الشيخ تقي الدين ابن تيمية حديثا حسنا بحضرة
جماعة كثيرة من الأعيان وترجم الشيخ العلامة بشيخ الإسلام تقي الدين ابن
تيمية رحمه الله ورضي عنه فهو مشهور ولم يزل أعيان علماء الإسلام ممن عاصره
ومن جاء من بعده يعظمونه ويعترفون له بعلو الشأن في العلم والورع والزهد
ولقد أخبرني الشيخ الصالح العالم أمين الدين أبو عبد الله محمد بن المرحوم
الشيخ جمال الدين الصائغ الأنصاري الشافعي أدام الله بركته عن شيخه
العلامة رمال القرشي أحد مشايخ الشام توفي سنة اثنين وتسعين وسبعمائة انه
قال بلغني ممن اثق به ان ابن الفركاح قال عن الشيخ تقي الدين المشار إليه
والله لقد حوى علوما لم يحوها امامه هذا كلام ابن الفركاح مع عداوته له
والذي يقوله ان من تكلم في المذكور بما لا يليق ورماه فيما لا يجوز فهو
غير موفق أعاذنا الله من ذلك وجمع بيننا وبين المذكور وبقية علماء الدين
في دار الكرامة .





ابن يونس المراغي
ومنهم
الشيخ الصالح العالم العابد الزاهد كمال الدين أبو حفص عمر بن الياس بن
يونس المراغي قدم دمشق في جمادى الاولى سنة تسع وعشرين وسبعمائة وكان عمره
اذ ذاك نيفا وثمانين سنة فنزل بدار الحديث الأشرفية داخل دمشق بعد ان كان
مجاورا بالقدس الشريف ثلاثين سنة واقام بمصر خمس عشرة سنة فيما ذكره
العلامة الحافظ أبو الفدا اسماعيل بن كثير قال وهو شيخ حسن المنظر ظاهر
الوضاءة عليه سيماء العبادة ولديه علم وتحقيق وذكر أنه سأله عن الشيخ تقي
الدين ابن تيمية فقال هو عندي رجل كبير القدر عالم مجتهد شجاع صاحب حق
كثير الرد على هؤلاء الحلولية والإتحادية والإنية واجتمعت به مرارا وشكرته
على ذلك وكان أهل هذا المذهب الخبيث يخافون منه كثيرا وكان يقول لي ألا
تكون مثلي فأقول له لا استطيع.






البرزالي
ومنهم
الشيخ الإمام الحافظ الثقة الحجة مؤرخ الشام وأحد محدثي الإسلام علم الدين
مفيد المحدثين أبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف ابن محمد
بن أبي يداس البرزالي الإشبيلي الأصل الدمشقي صاحب التاريخ الخطير والمعجم
الكبير كان بأسماء الرجال بصيرا وناقلا لأحوالهم تحريرا مولده فيما وجدته
بخطه في ليلة عاشر جمادى الأولى سنة خمس وستين وستمائة بدمشق ومات بخليص
محرما في ثالث ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ولقد حكى بعض مشايخنا
عنه أنه كان اذا قرأ الحديث ومر به حديث ابن عباس في قصة الرجل الذي كان
مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات الحديث وفيه فإنه
يبعث يوم القيامة ملبيا فكان إذا قرأه يبكي ويرق قلبه فمات محرما بخليص
كما تقدم وسمعت بعض مشايخنا يذكر أن الحفاظ الثلاثة المزي والذهبي
والبرزالي اقتسموا معرفة الرجال فالمزي احكم الطبقة الأولى والذهبي الوسطى
والبرزالي الأخيرة يعني كمشايخ عصره ومن فوقهم بقليل ومن بعدهم ومن اطلع
على معجم البرزالي حقق ذلك وفيه يقول الذهبي فيما أنبؤنا عنه
ان رمت تفتيش الخزائن كلها % وظهور أجزاء حوت وعوالي
ونعوت أشياخ الوجود وما رووا % طالع أو اسمع معجم البرزالي
وهو الذي مدحه الشيخ العالم الأوحد أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد
الكريم بن الموصلي الطرابلسي الشافعي لما قدم حاجا في سنة اربع وثلاثين
وسبعمائة
ما زلت اسمع عنكم كل عارفة % لمثلها وإليها ينتهي الكرم
وكنت بالسمع أهواكم فكيف وقد % رأيتكم وبدا لي في الهوى علم
وجدت على جزء فيه ثمانية أحاديث منتقاة من جزء الحسن بن عرفة طبقة سماع بخط
الحافظ أبي محمد ابن البرزالي المذكور وهي قرأ هذه الاحاديث الثمانية
شيخنا وسيدنا الامام العلامة الاوحد القدوة الزاهد العابد الورع الحافظ
تقي الدين شيخ الإسلام والمسلمين سيد العلماء في العالمين حبر الامة مقتدي
الأئمة حجة المذاهب مفتي الفرق أبو العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد
السلام ابن تيمية ادام الله بركته ورفع درجته بسماعه من ابن عبد الدائم
بسنده اعلاه فسمعها القاسم بن محمد بن يوسف بن البرزالي وهذا خطه وحضر
ولده أبو الفضل محمد وهو في الشهر السابع من عمره تبركا بحديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم وقصدا للبداءة بشيخ جليل القدر تعود عليه بركته وينتفع
بدعائه وصح ذلك وثبت في يوم السبت التاسع والعشرين من رجب سنة خمس وتسعين
وستمائة بسفح جبل قاسيون
هذا آخر هذه الطبقة التي وجدتها بخط الحافظ علم الدين أبي محمد بن البرزالي
وقد ذكر في معجم شيوخه الشيخ تقي الدين فقال احمد بن عبد الحليم بن عبد
السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني الشيخ تقي
الدين أبو العباس الإمام المجمع على فضله ونبله ودينه قرأ القرآن وبرع فيه
والعربية والاصول ومهر في علمي التفسير والحديث وكان إماما لا يلحق غباره
في كل شيء وبلغ رتبة الاجتهاد واجتمعت فيه شروط المجتهدين وكان اذا ذكر
التفسير أبهت الناس من كثرة محفوظه وحسن ابراده واعطائه كل قول ما يستحقه
من الترجيح والتضعيف والابطال وخوضه في كل علم كان الحاضرون يقضون منه
العجب هذا مع انقطاعه الى الزهد والعبادة والاشتغال بالله تعالى والتجرد من
أسباب الدنيا ودعاء الخلق الى الله تعالى .
وكان يجلس في صبيحة كل جمعة على الناس يفسر القرآن العظيم فانتفع بمجلسه
وبركة دعائه وطهارة أنفاسه وصدق نيته وصفاء ظاهره وباطنه وموافقة قوله
لعمله وأناب الى الله تعالى خلق كثير وجرى على طريقة واحدة من اختيار
الفقر والتقلل من الدنيا ورد ما يفتح به عليه وقال الحافظ أبو محمد
البرزالي أيضا في تاريخه : وفي ليلة الاثنين من ذي القعدة من سنة ثمان
وعشرين وسبعمائة توفي الشيخ الامام العلامة الفقية الحافظ الزاهد القدوة
شيخ الإسلام تقي الدين ابو العباس أحمد ابن شيخنا الامام المفتي شهاب
الدين ابي المحاسن عبد الحليم ابن الشيخ الامام شيخ الاسلام مجد الدين أبي
البركات عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني
ثم الدمشقي بقلعة دمشق في القاعة التي كان محبوسا فيها وحضر جمع كثير الى
القلعة فاذن لهم في الدخول وجلس جماعة عنده قبل الغسل وقرأوا القرآن
وتبركوا برؤيته وتقبيله ثم انصرفوا وحضر جماعة من النساء ففعلن مثل ذلك ثم
انصرفن واقتصر على من يغسله ويعين على غسله فلما فرغ من ذلك وقد اجتمع
الناس بالقلعة والطريق الى جامع دمشق وامتلأ الجامع وصحنه والكلاسة وباب
البريد وباب الساعات الى اللبادين الى الفوارة.
وحضرت الجنازة في الساعة الرابعة من النهار أو نحو ذلك ووضعت في الجامع
والجند يحفظونها من الناس من شدة الزحام وصلى عليه أولا بالقلعة تقدم في
الصلاة عليه الشيخ محمد بن تمام ثم صلى عليه بجامع دمشق عقيب صلاة الظهر
وحمل من باب البريد واشتد الزحام وذكر بقية ذلك وصفة دفنه وجماعة سمع منهم
الحديث ثم قال وخلق كثير سمع منهم الحديث وقرأ بنفسه الكثير وطلب الحديث
وكتب الطباق والاثبات ولازم السماع بنفسه مدة سنين وقل ان سمع شيئا إلا
حفظه ثم اشتغل بالعلوم وكان ذكيا كثير المحفوظ فصار اماما في التفسير وما
يتعلق به عارفا بالفقه فيقال إنه كان اعرف بفقه المذاهب من أهلها الذين
كانوا في زمانه وغيره وكان عالما باختلاف العلماء عالما بالاصول والفروع
والنحو واللغة وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية وما قطع في مجلس ولا
تكلم معه فاضل في فن من فنون العلم الا ظن ان ذلك الفن فنه ورآه عارفا به
متقنا له واما الحديث فكان حامل رايته حافظا له مميزا بين صحيحه وسقيمه
عارفا برجاله متضلعا من ذلك وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة في الاصول
والفروع كمل منها جملة وبيضت وكتبت عنه وقرئت عليه أو بعضها وجملة كثيرة
لم يكملها وجملة كملها ولم تبيض الى الآن واثنى عليه وعلى فضائله وعلومه
جماعة من علماء عصره مثل القاضي الجويني وابن دقيق العيد وابن النحاس
والقاضي الحنفي قاضي قضاة مصر ابن الحريري وابن الزملكاني وغيرهم.
وقال قبل ذلك وكان دفنه وقت العصر أو قبلها بيسير وذلك من كثرة من يأتي
ويصلي عليه من أهل البساتين واهل الغوطة واهل القرى وغيرهم وغلق الناس
حوانيتهم ولم يتخلف عن الحضور الا من هو عاجز عن الحضور مع الترحم والدعاء
له وانه لو قدر ما تخلف وحضر نساء كثيرة بحيث حزرن بخمسة عشر الف امرأة
غير اللاتي كن على الاسطحة وغيرهن الجميع يترحمن عليه ويبكين عليه فيما
قيل واما الرجال فحرزوا ستين ألفا الى مائة ألف الى أكثر من ذلك الى مائتي
ألف
ولما اشار الحافظ أبو محمد ابن البرزالي الى عظم جنازة الامام احمد بن حنبل
رضي الله تعالى عنه قال ولا شك ان جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة
بسبب كثرة أهل بلده واجتماعهم لذلك وتعظيمهم له وان الدولة كانت تحبه
والشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله توفي ببلدة دمشق وأهلها لا يعشرون
أهل بغداد حينئذ كثرة ولكنهم اجتمعوا لجنازته اجتماعا لو جمعهم سلطان قاهر
وديوان حاصر لما بلغوا هذه الكثرة التي اجتمعوها في جنازته وانتهوا اليها
هذا مع ان الرجل مات بالقلعة محبوسا من جهة السلطان.
وكثير من الفقهاء والفقراء يذكرون عنه للناس اشياء كثيرة مما ينفر منها أهل
الاديان فضلا عن أهل الاسلام وهذه كانت جنازته رحمة الله عليه


قرأ سنقر
ومنهم
الأمير الكبير شمس الدين قرأ سنقر بن عبد الله المنصوري الذي ولاه
السلطان الملك الناصر محمد ابن المنصور قلاوون نيابته بدمشق في العشرين من
شوال سنة تسع وسبعمائة وكان نائبا بحلب ثم خشي من السلطان أن يمسكه فهرب
وتوفي بمراغة في السنة التي توفي فيها الشيخ تقي الدين كتب الى الشيخ تقي
الدين ابن تيمية كتابا يتشوق فيه اليه قال الحافظ ابو محمد القاسم ابن
البرزالي فيما وجدته بخطه من كتاب الامير شمس الدين قرأ سنقر المنصوري الى
الشيخ تقي الدين ضاعف الله بركات الجناب العالي السيدي الامامي العالمي
العاملي العلامي الشيخ القدوي الزاهدي العابدي الخاشعي العارفي الحافظي
التقوي شيخ الاسلام قطب الانام سيد العلماء أوحد الصلحاء حجة الائمة قدوة
الأمة مفتي المسلمين شيخ المذاهب إمام الفرق ناصر السنة آخر المجتهدين
مذكر الملوك والسلاطين ورفع درجته في عليين واناله منازل الابرار والمتقين
ونفع ببركته ودعواته الاسلام والمسلمين المملوك يخدم بسلام أرق من النسيم
ويبث شوقا عنده منه المقعد المقيم ويتأسف على مشاهدة ذلك المحيا الوسيم
ومفاكهته التي هي [ من ] الفوز العظيم وينهى انه لم يزل في سائر أوقاته
متطلعا الى اخباره مترقبا ما يرد من سوانحه وأوطاره راجيا من الله تعالى
أن لا يخليه من دعواته وأن يمده بيمنه وبركاته ويمتعه والاسلام كافة بطول
بقائه وحياته وغير ذلك فان المملوك كلما بلغه بلاغة الجناب العالي وزواجره
ونواهيه في طاعة الله وأوامره وقيامه في مصالح الاسلام واجتهاده وجهاده
في الله حق جهاده رفع يده بالادعية المباركة بطول بقائه وان يمده بمعونته
وألطافه في صباحه ومسائه فانه ضاعف الله بركاته قد أحيا سنن هذه الملة
وكان ممن وصف في قوله تعالى الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
والحافظون لحدود الله وهذا بعض الكتاب المشار إليه فيما تقدم والله سبحانه
وتعالى أعلم.





ابن السراج القونوي
ومنهم
الشيخ الإمام العلامة قاضي قضاة المسلمين جمال الدين مفيد الطالبين أبو
الثناء محمود بن الشيخ شهاب الدين أبي العباس أحمد بن مسعود الشهير بابن
السراج القونوي الحنفي له دروس تشهد بتقدمه وفهمه ومؤلفات تفصح عن تحقيقه
وعلمه توفي سنة سبعين وسبعمائة بدمشق عن ست وسبعين سنة كتب بخطه خطبة من
خطب الشيخ تقي الدين ثم كتب ابن السراج بعد فراغه منها هذه الخطبة خطب بها
شيخ الإسلام تقي الدين ابو العباس ابن تيمية حين خرج من حبس الاسكندرية
بالمدرسة الكاملية في القاهرة في جمع كثير من العلماء والأمراء وغيرهم
انتهى ما كتبه.




المنبجي
ومنهم
الشيخ الامام العالم المحدث المتقن المفيد الرحال المسند المكثر شمس
الدين أبو الثناء محمود بن خليفة بن محمد بن خلف بن محمد بن عقيل المنبجي
ثم الدمشقي مولده سنة ست وثمانين وستمائة وتوفي يوم الاثنين سادس عشر ذي
الحجة سنة سبع وستين وسبعمائة وصلي عليه صبيحة يوم الثلاثاء بجامع دمشق
ودفن بمقبرة الباب الصغير وذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وقال
ونسخ وحصل الاصول وحرر الفروع مع الدين والصدق والامانة كتبت عنه احاديث
انتهى قال ابو الثناء المنبجي المذكور وانشدنا لنفسه جميع هذه القصائد
الثلاثة الشيخ الامام سعد الدين ابو محمد سعد الله بن نجيح الحراني في مدح
الشيخ شيخ الاسلام تقي الدين احمد
ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه آمين ثم ذكر القصائد الثلاث أول الأولى
أيها الماجد الذي فاق فخرا % وسما رفعة على الأقران
يا إماما أقامه الله للعالم % هاديا للدين والاحسان




ابن داود الدقوقي
ومنهم
الشيخ الامام العالم الحافظ محدث بغداد وقاص تلك البلاد تقي الدين فخر
المحدثين أبو الثناء محمود بن علي بن محمود بن مقبل بن سليمان بن داود
الدقوقي البغدادي شيخ الحديث بالمدرسة المستنصرية ببغداد ولد بكرة يوم
الاثنين السادس والعشرين من جمادى الاولى سنة ثلاث وستين وستمائة وسمع ما
لا يوصف كثرة بإفادة والده ثم بنفسه وكان اذا قرأ الحديث على الناس يجتمع
عنده خلق يبلغون الوفا وكان فردا في زمانه مقدما على اقرانه وله مؤلفات
وتخريجات وخطب ويد طولى في النظم والنثر والمواعظ والادب توفي يوم الاثنين
العشرين من المحرم سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة ببغداد ودفن بتربة الامام
احمد بن حنبل وشهد جنازته خلق كثير وحملت على الرؤوس ولم يخلف ولا درهما
واحدا ترجم ابن تيمية بشيخ الاسلام ورثاه بقصائد لما اصابه الحمام منها
قوله
مضى عالم الدنيا الذي عز فقده % واضرم نارا في الجوانح بعده

ومن هذه القصيدة
مضى الزاهد الندب ابن تيمية الذي % اقر له بالعلم والفضل ضده
ومنها قوله من قصيدة تقدم أولها في ترجمة سعيد الدهلي
مات الذي جمع العلوم الى التقى % والفضل والورع الصحيح الجيد
شيخ الأنام تقي الدين محمد % وجمال مذهب ذي الفضائل أحمد


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
الإدارة
الإدارة
Admin

رقم العضوية : 1
عدد المساهمات : 974
نقاط : 25671
تاريخ التسجيل : 24/06/2011
العمر : 33

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله   شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله I_icon_minitimeالخميس يوليو 07, 2011 6:22 pm


أبو الحجاج المزي
ومنهم
الشيخ الامام حافظ الاسلام محدث الاعلام الحبر النبيل استاذ أئمة الجرح
والتعديل شيخ المحدثين جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن
يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزهر القضاعي ثم الكلبي الحلبي
الدمشقي ثم المزي الشافعي ولد بظاهر حلب سنة أربع وخمسين وستمائة ونشأ
بالمزة وسمع الكثير من الكتب الطوال والقصار والاجزاء الكبار وغير الكبار
ورحل الى عدة من الامصار والف كتاب التهذيب وصنف كتاب الاطراف وخرج لغير
واحد التخاريج المطولة واللطاف وكان غزير العلم ثقة حجة حسن الاخلاق صادق
اللهجة ترافق هو وابن تيمية شيخ الاسلام في السماع والنظر في علوم مع عدة
من الاعلام وله عمل كثير في المعقول لكن مع خشية وسلامة عقيدة وحسن اسلام
توفي رحمه الله في يوم السبت قبل وقت العصر ثاني عشر صفر سنة اثنتين
واربعين وسبعمائة وصلي عليه بكرة يوم الاحد ودفن بمقبرة الصوفية جوار قبر
الشيخ تقي الدين ابن تيمية وكانت جنازته مشهودة وهو الذي قال فيه الامام
العالم أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الكريم بن موصلي الطرابلسي
الشافعي لما قدم الحج سنة أربع وثلاثين وسبعمائة
ما زلت أسمع عن إحسانكم خبرا % الفضل يسنده عنكم ويرفعه
حتى التقينا فشاهدت الذي سمعت % أذني وأضعف ما قد كنت أسمعه
وصنف فيه الحافظ العلامة أبو سعيد العلائي مصنفا سماه سلوان التعزي بالحافظ
أبي الحجاج المزي حدثنا عنه غير واحد من الشيوخ فانبؤنا عنه أنه قال عن
شيخ الاسلام أبي العباس ابن تيمية ما رأيت مثله ولا رأى هو مثل
نفسه وما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أتبع لهما منه .
وأخبرنا أبو حفص عمر بن الامام أبي عبد الله محمد بن احمد بن عبد الهادي
مشافهة عن أبيه قال قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج فذكره وقال الحافظ أبو
عبد الله الذهبي نحوه كما تقدم في ترجمة الذهبي وقال المزي أيضا عن الشيخ
تقي الدين ابن تيمية لم ير مثله منذ أربعمائة سنة ولقد كتب الحافظ أبو
الحجاج المزي على كتاب ترجمة الشيخ تقي الدين ابن تيمية تأليف ابن عبد
الهادي ما صورته كتاب مختصر في ذكر حال الشيخ الامام شيخ الاسلام تقي
الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني وذكر بعض مناقبه
ومصنفاته رضي الله تعالى عنه جمع الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين أبي عبد
الله محمد بن احمد بن عبد الهادي المقدسي أدام الله النفع بفوائده ووجدت
بخط الحافظ المزي في عدة من طبقات سماعه مع الشيخ تقي الدين ابن تيمية كتب
له فيها الامام تقي الدين منها على جزء أبي السكن زكريا ابن يحيى الطائي
وهي بخط الشيخ تقي الدين ما صورته. : قرأت هذا الجزء على الشيخ الجليل
المسند المعمر بدر الدين أبي العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني
بسماعه من ابن طبرزد وبإجازته من ابن سنيف عن الغزال فسمعه صاحبه وكاتبه
الامام الأوحد أبو العباس احمد بن شيخنا المرحوم شهاب الدين أبي المحاسن
عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني وأخوه شرف الدين عبد الله وشمس
الدين محمد بن عبد الرحمن بن سامة وابن عمه عبد الرحمن بن احمد وعلم
الدين القاسم بن محمد بن البرزالي وذكر بقية السامعين ثم قال يوم السبت
تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وستمائة بسفح جبل قاسيون ظاهر
دمشق المحروسة وأجاز لهم الشيخ وكتب يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي عفا
الله عنه ووجدت بخط المزي أيضا طبقة سماع على الجزء الثاني من حديث الحسن
بن علي الجوهري عن أبي حفص عمر بن محمد بن علي الزيات عن شيوخه ما صورته
سمع هذا الجزء على المشايخ الثلاثة الامام العلامة شيخ الاسلام تقي الدين
أبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني والامام علم الدين أبي
محمد القاسم ابن محمد بن البرزالي بقراءته من لفظه وكاتب السماع يوسف بن
الزكي عبد الرحمن ابن يوسف المزي بسماعهم من أحمد بن شيبان وبسماع الاول
أيضا من اسماعيل بن العسقلاني وذكر المزي بقية الطبقة وقال فيما وجدته
بخطه وصح ذلك في يوم السبت الحادي والعشرين من رجب سنة اثنين وعشرين
وسبعمائة بظاهر دمشق بقرب المنيبع وأجازوا للجماعة وحدث المزي في محرم سنة
ثمان وثلاثين وسبعمائة بمنتقى من أحاديث أبي طالب محمد بن محمد بن
ابراهيم بن غيلان فقال فيما وجدته بخط منتقي الجزء أبي نصر محمد بن
طولوبغا أخبرنا الشيخان أبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني وأبو
يحيى اسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد العسقلاني قرأه عليهما ونحن نسمع
وذلك بقراءة شيخ الاسلام أبي العباس أحمد ابن تيمية الحراني تغمده الله
برحمته في جمادى الاولى سنة إحدى وثمانين وستمائة بالجامع المظفر بسفح
قاسيون وذكر بقية الاسناد.





السرمري
ومنهم
الشيخ الامام العلامة الحافظ البركة القدوة ذو الفنون البديعة والمصنفات
النافعة جمال الدين عمدة المحققين أبو المظفر يوسف بن محمد ابن مسعود بن
محمد بن علي بن ابراهيم العبادي ثم العقيلي السرمري نزيل دمشق الحنبلي
مولده فيما وجدته بخطه في سابع عشر رجب من سنة ست وتسعين وستمائة بسر من
رأى وتوفي يوم السبت الحادي والعشرين من جمادى الاولى سنة ست وسبعين
وسبعمائة بدمشق ودفن بمقبرة الصوفية
جوار تربة الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمهما الله وكان إماما ثقة عمده
زاهدا عابدا محسنا جهده صنف في أنواع كثيرة نثرا ونظما وخرج وأفاد وأملى
رواية وعلما [ ومن مؤلفاته النظامية كتاب الحمية الاسلامية في الانتصار
لمذهب ابن تيمية
معارضا فرقة قد قال أمثلهم % إن الروافض قوم لا خلاق لهم
وقد احسن في هذا الرد المقبول وهدم تلك الابيات بنظام المنقول وجلال المعقول ] وكان عمدة في نقد رجال الحديث وضبطه.
وترجم الشيخ تقي الدين بشيخ الإسلام فيما كتبه بخطه [ وجمع في شمائله
اللطيفة ترجمة مونقة منيفة إعلاما بقدره وتنبيها ] قال فيما وجدته بخطه
فيها حدثني غير واحد من العلماء الفضلاء والأئمة النبلاء الممعنين في
الخوض في أقاويل المتكلمين لإصابة الصواب وتمييز القشر من اللباب أن كلا
منهم لم يزل حائرا في تجاذب أقوال الأصوليين ومعقولاتهم وانه لم يستقر في
قلبه منها قول ولم يبن له من مضمونها حق بل رآها كلها موقعة في الحيرة
والتضليل وجلها [ ممعن يتكلف ] الادلة والتعليل وأنه كان خائفا على نفسه
من الوقوع بسببها في التشكيك والتعطيل حتى من الله سبحانه وتعالى عليه
بمطالعة مؤلفات هذا الامام ابن تيمية شيخ الاسلام مما أورده من النقليات
والعقليات في هذا النظام فما هو الا ان وقف عليها وفهمها فرآها موافقة
للعقل السليم وعلمها حتى انجلى ما كان قد غشيه في أقوال المتكلمين من
الظلام وزال عنه ما خاف أن يقع فيه من الشك وظفر بالمرام.
ومن أراد اختبار صحة ما قلته فليقف بعين الانصاف العرية عن الحسد والانحراف
ان شاء على مختصراته في هذا الشأن كشرح العقيدة الاصبهانية ونحوها وان
شاء على مطولاته كتخليص التلبيس من تأسيس التقديس والموافقة بين العقل
والنقل ومنهاج الاستقامة والاعتدال فإنه والله يظفر بالحق والبيان ويستمسك
بأوضح برهان ويزن حينئذ في ذلك بأصح ميزان.
وجدت بخطه في بعض تعاليقه على غاشيته فيه ستة منامات رؤيت لشيخ الإسلام تقي
الدين ابن تيمية رضي الله تعالى عنه ووجدت في الاصل بخط الشيخ جمال الدين
المذكور ما صورته الحمد لله حق حمده.
قال الفقير يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد السرمري وجدت بخط المحدث الفاضل
العالم نجم الدين إسحاق ابن أبي بكر بن ألمي التركي قال أخبرنا فقير يعرف
بعبد الله وذهب عني اسم والده ورأيت جماعة من أصحابنا يثنون على دينه
ويذكرونه بالصلاح والخير قال رأيت بدمشق في النوم ليلة الجمعة في رجب سنة
خمس وسبعمائة وكأنني خرجت [ من بيتي ] لبعض حاجة وكأن قائلا يقول لي إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة فأتيت اليه فرأيته جالسا على
دكان خباز فسلمت عليه وذهبت لأتكلم فلم أطق الكلام فقال لي النبي صلى الله
عليه وسلم يا عبد الله قل ما عندك فقلت يا رسول الله ما تنظر ما الناس
فيه من الاختلاف وكثرة الاهواء والفتن قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقال لي يا عبد الله الحق مع أحمد ابن تيمية وهو سالك على طريقي وعلى
قدمي وما جئت الا لأفصل بينهم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب
وتكلم بكلام لم أفهمه الا أنني فهمت في آخره وهو يقول أيقدرون أن ينكروا
معراجي فوالذي نفسي بيده لقد أسري بي من سماء إلى سماء ومن سماء إلى سماء
ورأيت ربي ووضع صلى الله عليه وسلم أصبعه اليمنى تحت عينه اليمنى أو كما
قال.
[ وقال الامام ابو المظفر السرمري في المجلس السابع والستين من أماليه في
الذكر والحفظ ومن عجائب ما وقع في الحفظ في أهل زماننا شيخ الاسلام أبو
العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية فإنه كان يمر بالكتاب فيطالعه مرة
فينتقش في ذهنه فيذاكر به وينقله في مصنفاته بلفظه ومعناه ومن أعجب ما
سمعته عنه ما حدثني به بعض أصحابه أنه لما كان صبيا في بداية أمره أراد
والده أن يخرج بأولاده يوما الى البستان على سبيل التنزه فقال له يا أحمد
تخرج مع إخوتك تستريح فاعتل عليه فألح عليه والده فامتنع أشد الامتناع.
فقال اشتهي أن تعفيني من الخروج فتركه وخرج بإخوته فظلوا يومهم في البستان
ورجعوا آخر النهار فقال يا أحمد أوحشت إخوتك اليوم وتكدر عليهم بسبب غيبتك
عنهم فما هذا فقال يا سيدي إنني اليوم حفظت هذا الكتاب لكتاب معه فقال
حفظته كالمنكر المتعجب من قوله فقال له استعرضه علي فاستعرضه فاذا به قد
حفظه جميعه فأخذه وقبله بين عينيه وقال يا بني لا تخبر أحدا بما قد فعلت
خوفا عليه من العين أو كما قال ].





ابن السراج
ومنهم الشيخ
العالم المحدث الفاضل عماد الدين جمال المحدثين أبو بكر بن احمد ابن أبي
الفتح ابن ادريس بن سامة الدمشقي الشافعي الصوفي ابن السراج قارئ الحديث
بجامع دمشق الأعظم وهو الذي اتقن نسخة صحيح البخاري وقف الجامع وأحكم حتى
صارت عمدة يعتمد عليها في القراءة والسماع والنقل يرجع اليها كان من خواص
أصحاب المزي البارعين وذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين وقال دين
عاقل عالم له محفوظات واشتغال نسخ جماعة كتب وطلب وقرأ وهو في ازدياد من
العلم وله سنة خمس وسبعمائة وسمع من الحجار وطبقته واخذ عني والله يسلم [
توفي ابن السراج في شوال سنة اثنين وثمانين وسبعمائة ] انتهى.
أبو بكر بن عمار الصالحي
ومنهم الشيخ الصالح العابد العالم الواعظ أبو بكر ابن شرف بن محسن بن معن بن عمار الصالحي ولد سنة ثلاث وخمسين وستمائة.
سمع الكثير مع الشيخ تقي الدين ابن تيمية والشيخ جمال الدين المزي على
شيوخهما ومنهم أبو العباس أحمد بن عبد الدائم وله تعاليق ومؤلفات في
الأصول وغيرها وكان يتكلم على الناس من بعد صلاة الجمعة إلى العصر من حفظه
وله ميل إلى التصوف واعمال القلوب وكان يكثر ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية
أقام في آخر عمره بحمص وبها توفي في الثاني والعشرين من صفر سنة وفاة
الشيخ تقي الدين رحمهما الله تعالى.





ابن ترجم الكناني الرحبي
ومنهم الشيخ
العالم المحدث المفيد زين الدين أبو بكر ابن الشيخ زكي الدين قاسم ابن أبي
بكر ابن عبد الرحمن بن ترجم بن علي بن عمر بن عيد الكناني الرحبي نزيل
مصر ولد سنة ست وستين وستمائة وسمع من أبي الحسن علي ابن البخاري وآخرين
وكتب وعلق وسمع وطبق وخرج وجمع واستفاد وأفاد ونفع ذكره الذهبي في معجمه
المختص بالمحدثين وقال وكان دينا خيرا حسن المحاضرة .انتهى.
كتب بخطه فيما وجدته غير ما مرة ترجمة الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام ولقد صدق فما أبره

الخاتمة


وهذا آخر من ذكرنا من الأعلام ممن سمى الشيخ تقي الدين ابن تيمية بشيخ
الاسلام ولقد تركنا جما غفيرا وأناسي كثيرا ممن نص على إمامته وما كان
عليه من زهده وورعه وديانته.

وكذلك تركنا ذكر خلق ممن مدحه نظما في حياته أو رثاه بشعر بعد مماته
لكن نذكر قصيدة واحدة من مراثيه وهي أول ما قيل بديها يوم دفنه على الضريح
فيه لتكون ختاما لما ذكرنا وشجى في الحلق أو رجوعا إلى الحق ممن بهذا الرد
قصدناه.
فأنبأنا غير واحد من الشيوخ منهم أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبي عبد
الله محمد بن أحمد ابن الذهبي عن الحافظ أبي محمد القاسم بن محمد ابن
البرزالي قال انشدنا أبو الحسن علي بن محمد بن سلمان بن غانم المقدسي
لنفسه فيما قرأته عليه في ذي القعدة سنة تسع وعشرين وسبعمائة فيما رثي به
الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمة الله عليه وهي أول ما قيل بديها على
الضريح
أي حبر مضى وأي إمام % فجعت فيه ملة الاسلام
ابن تيمية التقي وحيد الده % ر من كان شامة في الشام
بحر علم قد غاض من بعد ما % فاض نداه وعم بالإنعام
زاهد عابد تنوه في دنياه % عن كل ما بها من حطام
كان كنزا لكل طالب علم % ولمن خاف أن يرى في حرام
ولعاف قد جاء يشكو من ال % فقر لديه فنال كل مرام
حاز علما فما له من مساو % فيه من عالم ولا من مسامي
لم يكن في الدنا له من نظير % في البرايا في الفضل والإحكام
كان في علمه وحيدا فريدا % لم ينالوا ما نال في الأحلام
عالم في زمانه فاق بال % علم جميع الائمة الاعلام
كل من في دمشق ناح عليه % ببكا من شدة الآلام
فجع الناس فيه في الغرب والشر % ق وأضحوا بالحزن كالأيتام
لو يفيد الفدا فادوه بالارواح % منهم من الردى والحمام
أوحد فيه قد أصيب البرايا % فتعزى فيه جميع الانام
أعظم الله أجرهم فيه إذ صا % ر على الرغم في الثرى والرغام
ما يرى مثل يومه عندما سا % ر على النعش نحو دار السلام
حملوه على الرقاب إلى القبر وكا % دوا أن يهلكوا في الزحام
فهو الآن جار رب السموا % ت الرحيم المهيمن العلام
قدس الله روحه وسقى قب % را حواه بهاطلات الغمام
فلقد كان نادرا في بني الده % ر وحسنا في أوجه الايام


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sane3maerof.mam9.com
 

شيخ الاسلام بن تيمية يرحمه الله

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» حصريا جميع محتويات موقع الشيخ الغزالي يرحمه الله
» وجوب الاعتصام بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم
» زينب وزيد.. "حب" لأجل الله ورسوله وفراق بأمر الله
» قصيدة لابن تيمية
» قول شيخ الإسلام بن تيمية في الرافضة
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكة ومنتديات صانع المعروف :: طريق الإسلام  :: منتدى السلف الصالح-